التونسيون يشاركون في حملة نظافة غير مسبوقة احتفاء بالرئيس الجديد
بدر الدين الوهيبي-تونس
مواقع التواصل
بدأت فكرة القيام بحملة نظافة تاريخية في تونس عقب إعلان نتائج الدور الأول للانتخابات الرئاسية التونسية، واقترح شباب من المشرفين على صفحات دعم لسعيّد إطلاق المبادرة في حال فوز مرشحهم، غير أنها سرعان ما تحولت إلى مطلب جماهيري ملح تبناه التونسيون على مختلف توجهاتهم وأفكارهم.
ويقول أحد المشرفين المتطوعين للتسويق للحملة أمين الشابي إن الشباب التونسيين أصبحوا بفضل تمكنهم من التقنيات الحديثة للاتصال قادرين على اختيار الرسالة والتوقيت المناسبين للوصول إلى فئات معينة من الشعب لحثهم على تبني قضايا جوهرية قصد تغيير الواقع، وإن هذا أمر أصبح أمرا اعتياديا في الفترة الأخيرة.
ويضيف الشابي للجزيرة نت أن خير دليل على نجاح هذه "المعارك الافتراضية النبيلة" -على حد تعبيره- هو الحملة المماثلة لمقاطعة البضائع والمنتجات الغذائية المرتفعة الثمن التي أثارت جدلا اجتماعيا وإعلاميا نظرا للنتائج التي حققتها، إضافة إلى عدد المتفاعلين الذي تجاوز المليون في ظرف زمني وجيز.
وتمكنت صفحة "نحبو بلادنا نظيفة" من جذب أكثر من 186 ألف متابع في حيز زمني لم يتجاوز ثلاثة أيام أي بمعدل 62 ألف متابع ينضمون يوميا لها، في حين تشهد عشرات الصفحات الأخرى ذات التوجه نفسه منذ أسبوع تقريبا نسب انضمام ومتابعة مرتفعة للغاية تصل أحيانا إلى حوالي 8 آلاف يوميا.
رمزية المرحلة
يتفق أغلبية الناشطين والمتفاعلين على الصفحات والمجموعات الداعية إلى إطلاق ومواصلة حملات النظافة على أهمية تغيير الوعي الشعبي -خاصة الفئة الشبابية- التي لطالما عزفت عن المشاركة في تغيير الواقع، ويشددون على أن رهانات المرحلة تقتضي حضورها الفاعل على الساحتين السياسية والاجتماعية.
وأذكت الإحصائيات القائلة إن مشاركة الشباب في الانتخابات الرئاسية كانت حاسمة في نجاح الرئيس المنتخب قيس سعيّد شعور الشباب المتطوعين بضرورة اغتنام هذه الفرصة التاريخية التي كانوا وراء ظهورها واستثمار هذا الاعتراف في إظهار طاقاتهم وقدرتهم على الممارسة المدنية الفاعلة والمسؤولة.
ويقول المتطوع حمزة الوسلاتي إن تنامي الشعور بالانتماء للوطن لدى الشباب التونسيين اشتد إبان الاستحقاق الانتخابي، وشكل الدافع الرئيسي لهم لمغادرة بيوتهم ليلا أحيانا لتغيير ملامح مناطقهم السكنية وتجميلها أن الشباب أرادوا عبر هذا النشاط تحسين صورتهم لدى محيطهم واستعادة ثقتهم بهم.
وولّد نجاح هذه الحملة دعوات لحملات أخرى تستهدف قطاعات حيوية متعددة، أبرزها برمجة غراسة مليون شجرة زيتون بمناسبة عيد الشجرة الشهر المقبل، وحملة لتهذيب المدارس في المناطق المهمشة، وحملة للتبرع بأجرة يوم عمل لفائدة الدولة والامتناع عن الإضرابات في السنوات الخمس المقبلة.
رسالة الشباب
اكتسب الشباب التونسيون في ظرف زمني محدود ثقة عالية بقدراتهم وخياراتهم وجدوى المشاركة الفاعلة في بناء دولة متطورة تحترم ثقافتهم وتطلعاتهم لطالما حلموا بها ويكون لهم فيها دور رئيسي تدفعه ثورة وتمرد على أنظمة تداولت تهميشهم وتقزيم حظوظهم في التألق والبروز.
وتبين الخطوط العريضة لمختلف الحملات التي أطلقوها أو يعتزمون إطلاقها في الفترة المقبلة اهتماما متزايدا بالشأن العام للبلاد، خاصة القضايا المتعلقة بالاقتصاد ومقاومة الفساد، ويعتبر كل نجاح يحققونه في هذه المرحلة عامل تحفيز لرفع سقف مطالب التغيير التي يرسلون شرارتها الأولى من وراء الشاشات.