تونس.. الخبيزة أكلة شعبية وفوائد صحية وجمالية

الخبيزة التونسية
الخبيزة التونسية أكلة مفضلة في فصل الشتاء بمذاقها الحار (الجزيرة)

حياة بن هلال-تونس

بعد عودتها من الحقول البعيدة محملة بأغصان الخبيزة التي تنتقي الجيدة منها، تشرع الخالة فاطمة في إعداد "المواعين" التي تستحقها لتحضير وجبة الخبيزة التي ورثتها عن جدتها، فتحضر "المقفول" وهو عبارة عن آنيتين، الأولى تتمثل في قدر والثانية "كسكاس" (قدر بثقوب عدة يستخدم في الوجبات التي تطهى على البخار على غرار الكسكسي).

الخبيزة هي نبتة من الورقيات مثل السبانخ والجرجير وغيرها، وهي أكلة شعبية شهيرة في تونس تطهى على البخار مثل الكسكسي ثم يضاف إليها الملح وزيت الزيتون والهريسة التقليدية والثوم والبهارات ثم تقدم للأكل، ولهذه الأكلة الشعبية الشهيرة فوائد صحية كثيرة.

 نبات الخبيزة
لمن لا يعرف الخبيزة هي نبات مفروش على الأرض ومنتشر، ويتراوح ارتفاعها ما بين 15 و45 سنتمترا، حيث تنمو عند منابع المياه، وأوراقها نصف دائرية ذات حواف مسننة، ولها خمسة أو سبعة فصوص، وأزهارها بيضاء صغيرة الحجم، وتميل إلى اللون الزهري الخفيف وهي خشنة السطح. 

‪الخبيزة من أهم النباتات البرية التي عرفها المطبخ التونسي ومطابخ  بلاد الشام على غرار الأردن وفلسطين‬ (الجزيرة)
‪الخبيزة من أهم النباتات البرية التي عرفها المطبخ التونسي ومطابخ  بلاد الشام على غرار الأردن وفلسطين‬ (الجزيرة)

كيف تطبخ؟
بعد إحضار الأواني التي تستحقها في عملية الطهي تغسل فاطمة الخبيزة جيدا لتزيل ما علق بها من تراب أو أعشاب أخرى، ثم تصففها وتقصها أجزاء صغيرة ثم تضعها في "الكسكاس" لمدة ربع ساعة تقريبا لتنضج على البخار، وفي الوقت ذاته تحضر المكونات التي تحتاجها حال استواء الخبيزة.

تهرس فاطمة الثوم في "المهراس" (مدقة مصنوعة من النحاس) ثم تضعه جانبا وتحضر "الهريسة" (فلفل أحمر مطحون بطريقة تقليدية) وتضعها مع الثوم ثم تضيف البهارات التي تتمثل في التوابل والكركم والملح وتخلطها جيدا مع بعضها لتكون عجينة متماسكة ذات رائحة شهية.

ترفع فاطمة الغطاء عن الخبيزة التي تعرف أنها نضجت فتسكبها في "التبسي" (إناء تونسي يصنع من الفخار) وتضيف إليها الخليط الذي أعدته مسبقا ثم تقوم بخلط جميع المكونات ودمجها مع أوراق الخبيزة ثم تضعها في صحن وتضيف إليها القليل من زيت الزيتون وتؤكل ساخنة مع الخبز.

تقدم الخبيزة في "السفرة" التونسية كسلطة مع الوجبات الكبرى على غرار الأرز أو الكسكسي أو المكرونة، وهي أكلة محبذة خاصة في فصل الشتاء، لما يعطيه مذاقها الحار (بسبب الثوم والفلفل الأحمر) من دفء ومقاومة لنزلات البرد.

‪الخالة فاطمة تصفف أوراق الخبيزة تمهيدا لتحضيرها للطبخ‬ (الجزيرة)
‪الخالة فاطمة تصفف أوراق الخبيزة تمهيدا لتحضيرها للطبخ‬ (الجزيرة)

فوائد الخبيزة الصحية
تعتبر الخبيزة من أهم النباتات البرية التي عرفها المطبخ التونسي وبعض المطابخ العربية الأخرى في بلاد الشام، وتختلف بطريقة الطهي عن الخبيزة التونسية، فهي تُطهى بعد تقطيعها أي بطريقة التشويح بالقدر مع البصل المفروم وقليلا من زيت الزيتون على نار هادئة ويعصر عليها الليمون بحسب الرغبة قبل أكلها تغميسا.

يقول المثل التونسي "كل نبتة نابتة فيها حكمة ثابتة"، أي أن لكل نبتة فوائد ومن فوائد نبتة الخبيزة قدرتها على تسكين الآلام، خاصة في الاستخدام الموضعي، ففي حالة الإصابة بجرح يمكن استخدام الأوراق على موضع الجرح فتساعد على سرعة شفائه.

كما أنها تستخدم لتسكين آلام الجسم الداخلية بتناولها، إضافة إلى تقوية الجهاز المناعي والحماية من الإصابة بالعدوى البكتيرية أو الفيروسية، ووقاية الجسم من الكثير من الأمراض على غرار التهاب المفاصل وأمراض الجهاز التنفسي كالربو فضلا عن كونها علاج فعال للأرق فهي تساعد على النوم والاسترخاء.

وللخبيزة فوائد جمالية
فضلا عن فوائدها الصحية فللخبيزة فوائد جمالية أيضا فهي تؤخّر ظهور علامات الشيخوخة المبكرة كالترهّلات الجلدية والتجاعيد، وترطّب البشرة، فهي تدخل في تحضير مستحضرات التجميل كما أنها تعالج حب الشباب، وتعجّل فرص الشفاء منه.

الخبيزة تلك النبتة الطفيلية، أكلة مغذية مفيدة لا تباع في محلات الخضار ولا تزرع في المشاتل، وإنما تقطف من الحقول، تقطفها النساء والأطفال أواخر فصل الشتاء وبداية فصل الربيع ويطبخونها ويستمتعون بمذاقها وطعمها وفوائدها الجمة.

المصدر : الجزيرة