هل يغير بومبيو مسار الخارجية الأميركية؟

FILE PHOTO: A combination photo shows U.S. Secretary of State Rex Tillerson (L) in Addis Ababa, Ethiopia, March 8, 2018, and Central Intelligence Agency (CIA) Director Mike Pompeo on Capitol Hill in Washington, DC, U.S., February 13, 2018 respectively. REUTERS/Jonathan Ernst (L) Aaron P. Bernstein (R)
بومبيو (يمين) وتيلرسون شخصيتان مختلفتان توليا حقيبة واحدة (رويترز)

أثار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمس الثلاثاء إقالة وزير خارجيته ريكس تيلرسون وتعيين مايك بومبيو مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي) مكانه، لغطا واسعا في دوائر رسم السياسة الخارجية ووسائل الإعلام المحلية.

فلماذا اختار ترمب رجل المخابرات الأول ليكون مهندسا لسياسته الخارجية؟ وهل يستطيع أن يغير مسارها الذي اختطه سلفه؟ وما الذي ينبغي عليه فعله في هذه الحالة؟

ويُعد بومبيو من القلة خارج الدائرة الضيقة لترمب الذي استطاع أن يقيم علاقة وثيقة مع الرئيس. فالاثنان يلتقيان بانتظام كل صباح في جلسة إيجاز استخباراتية يوميا.

وخلال تلك الجلسات يشرح بومبيو الفوارق الدقيقة وكل ما يريد الرئيس سماعه بشأن القضايا الدولية الرئيسية.

وبخلفيته الأكاديمية والمهنية فهو خريج الأكاديمية العسكرية الأميركية وجامعة هارفارد، يتبنى بومبيو أفكارا أكثر تشددا من سلفه تيلرسون حول اثنتين من قضايا السياسة الخارجية المحورية هما إيران وكوريا الشمالية.

ومن موقعه الجديد، سيكون أمام بومبيو فرصة كبرى لإعادة صياغة سياسات البلاد الخارجية. فقد قالها ترمب أمس إنه على توافق تام مع بومبيو.

ذلك أن استبدال تيلرسون المنادي بالحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران، ببومبيو الذي يؤيد فرض مزيد من العقوبات على طهران، ينذر باحتمال تقويض الاتفاق الذي أبرمته ست دول من بينها الولايات المتحدة في يوليو/تموز 2015.

ومن المنتظر أن يقرر البيت الأبيض في 12 مايو/أيار ما إذا كان سيمدد تلك العقوبات أم لا.

أي مقاربة عدائية من جانب بومبيو قد تلحق أضرارا بليغة بقضايا الأمن القومي الأميركي الرئيسية، لا سيما ما يتعلق منها بإيران وكوريا الشمالية حيث إنه وتيلرسون يقفان على طرفي نقيض إزاءها

وليس الاتفاق النووي مع إيران القضية الوحيدة أمام إدارة ترمب. فهناك المباحثات المرتقبة بين الرئيس الأميركي ونظيره الكوري الشمالي كيم جونغ أون التي أعلنها البيت الأبيض دون أن يعلم بها تيلرسون سلفا.

وبإقالة تيلرسون، أبعد ترمب صوتا طالما كان على خلاف معه والذي اتخذ أحيانا طابعا علنيا.

وبينما كان بومبيو يطلع أجهزة الإعلام الأميركية الأحد الماضي على عناصر مهمة في سياسة ترمب الخارجية، قطع تيلرسون جولته في عدد من الأقطار الأفريقية ليعود إلى البلاد.

وبقراره الأخير، عين ترمب في مواقع السلطة شخصيات تنسجم مع خططه وسياساته وينتظر أن تحظى بموافقة الكونغرس عليها.

ويتميز بومبيو عن سلفه بأنه أكثر خبرة سياسية منه، فقد انتُخب عضوا بالكونغرس عن ولاية كنساس في 2010 حيث عُرف عنه تشدده في كثير من القضايا المطروحة.

ولهذا فمن غير المرجح أن يتعرض بومبيو للتهميش في المداولات الرئيسية الخاصة برسم السياسة، خلافا لما حدث مع سلفه.

وسيواجه الوزير الجديد تحديات أخرى من قبيل كيفية إدارة العلاقة مع دولة تزداد عدائية يوما بعد يوم -كما ترى صحيفة نيويورك تايمز- مثل الصين، وكذا التعامل مع أوروبا وأفغانستان والاضطرابات في سوريا وأجزاء أخرى من الشرق الوسط.

وقد تلحق أي مقاربة عدائية من جانب بومبيو أضرارا بليغة بقضايا الأمن القومي الأميركي الرئيسية، لا سيما ما يتعلق منها بإيران وكوريا الشمالية حيث إنه وتيلرسون يقفان على طرفي نقيض إزاءها.

فما الذي ينبغي على بومبيو فعله لإعادة ترتيب الأوضاع داخل وزارة الخارجية بما يعيد صياغة السياسات؟

لقد حاولت مجلة ناشونال إنترست الأميركية الإجابة عن هذا السؤال بأن اقترحت أربعة محاور قالت إنها من المهام التي تنتظر بومبيو في حال وافق الكونغرس على تعيينه.

وتتلخص تلك المحاور أولا في ضرورة تعيين مسؤولين في عشرات الوظائف الشاغرة في الوزارة.

وثالث تلك المحاور يتعلق بأمور السياسات، ذلك أن السياسة الخارجية لا تقتصر كلها على قضايا الحرب والسلام، فإن الوزارة بحاجة إلى فريق مهني ومتمرس. فهناك تهديدات محدقة تتعاظم باطراد سواء كانت من روسيا وإيران والصين، أو من تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية.

أما المحور الرابع فيرتبط بعامل الثقة. فإذا كان بومبيو محل ثقة الرئيس فتلك محمدة، برأي المجلة التي تستدرك قائلة إن مهمة الوزير الجديد هي إعادة ثقة موظفيه بقيادة الوزارة.

صفوة القول أن ترمب استطاع أن يحد من المعارضين لخططه داخل إدارته، لكن حقائق الجغرافيا السياسية دائما ما تقف حائلا دون تحقيق الزعماء لطموحاتهم وغاياتهم.

المصدر : الصحافة الأميركية