إسرائيل.. استيطان بالقدس تمهيدا لتقسيم الأقصى

epa03498587 A view of the West Bank Jewish settlement of Maale Adumim seen from E1 area between Jerusalem and Maale Adumim, 06 December 2012. Israel intends to carry out extensive building in this area known as E-1 between Ma'ale Adumim and Jerusalem and announced 30 November, the day after the UN voted to grant Palestinians non-member observer state status, that 3,000 additional housing units will be built in the West Bank settlements and East Jerusalem. EPA/ABIR SULTAN
undefined

محمد محسن وتد-القدس المحتلة

تكشفت النظرة الحقيقة لإسرائيل حيال القدس الشرقية المحتلة خلال عام 2012، حيث كان عاما استيطانيا وتهويديا بامتياز حركت فيه الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو ومؤسسات الاحتلال على اختلافها نشاطات تخطيطية وقضائية جمة، تهدف إلى إحكام القبضة على المدينة وتصفية الوجود الفلسطيني بغية الحفاظ على أغلبية يهودية، والمضي قدما بمخطط ما يسمى "القدس الكبرى" التي سيعلن عنها بحلول عام 2020 "عاصمة للشعب اليهودي" في العالم.

وعملت بلدية الاحتلال على مدار العام وبالتنسيق مع الجمعيات الاستيطانية وبدعم من الحكومة، على تكثيف الاستيطان في القدس الشرقية، إذ تم بناء نحو 30 ألف وحدة سكنية للمستوطنين، وتحريك المشاريع السياحية والتهويدية في تخوم المسجد الأقصى حين وضعت اليد على القصور الأموية لتهويدها، لتكون مقدمة لتشييد ما يسمى "مرافق الهيكل" المزعوم.

وشهد عام 2012، تصعيدا في اقتحامات الجمعيات الاستيطانية وأذرع المؤسسة الأمنية والعسكرية لساحات المسجد الأقصى، وبلغ عدد اليهود الذين اقتحموا الأقصى نحو عشرة آلاف مستوطن وجندي، كما دخل نحو 250 ألف سائح أجنبي ساحته بلباس لا يحترم حرمة المسجد وقدسيته، مثلما أكد إحصاء موثق لمؤسسة الأقصى للوقف والتراث، وذلك ضمن مسعى لفرض أمر واقع وتقسيم الأقصى بين المسلمين واليهود، مثلما فعلت سلطات الاحتلال بالمسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل.

طمس وتزييف
وتغذي النظرة العسكرية للمؤسسة الإسرائيلية اقتحامات الأقصى، حيث أعلنت الحكومة نقل مقرات هيئة الأركان لجيشها من تل أبيب إلى القدس، وصادقت لجان التنظيم على إقامة كلية عسكرية على سفوح جبل الزيتون المطل على الأقصى، تضم إلى جانب مبانيها مقرات لقيادة هيئة الأركان العسكرية، لتنضم إلى أكثر من سبعين بؤرة استيطانية وعسكرية في البلدة القديمة.

وأحكمت أذرع الاحتلال سيطرتها على البلدة القديمة بغية طمس المعالم العربية والإسلامية واستبدالها وتزييفها برموز يهودية لا تمت بصلة إلى المكان، عبر مواصلة العمل في شبكة الأنفاق لتصل إلى أساسات المسجد الأقصى، ضمن مخطط استهداف ساحة البراق التي يسميها اليهود "حائط المبكى"، حين طوقت الأقصى بنحو مائة كنيس ومدرسة تلمودية وعشرات المتاحف والحدائق التوراتية والتي أقيمت على أراض وعقارات وقفية ومبان للاجئين.

استيطان وتهويد
يقول الخبير بقانون التنظيم والبناء الإسرائيلي المحامي قيس ناصر إن هذه الإجراءات الاستيطانية تخللتها رزمة من المخططات الهيكلية لتوسيع المستوطنات الإسرائيلية في القدس مثل مستوطنة "هار حوما" و"رمات شلومو" و"جيلو"، كما قامت وزارة الإسكان الإسرائيلية بتسويق آلاف الوحدات السكنية الاستيطانية في القدس الشرقية ونشر مناقصا

‪إسرائيل استولت على مزيد من أراضي الفلسطينيين لبناء المستوطنات‬ إسرائيل استولت على مزيد من أراضي الفلسطينيين لبناء المستوطنات (الفرنسية)
‪إسرائيل استولت على مزيد من أراضي الفلسطينيين لبناء المستوطنات‬ إسرائيل استولت على مزيد من أراضي الفلسطينيين لبناء المستوطنات (الفرنسية)

ت عديدة لبناء وحدات سكنية تباع بأسعار مخفضة للمستوطنين.

ولفت في حديثه للجزيرة نت إلى أن الحكومة الإسرائيلية عينت عام 2012 لجنة فرعية للتعجيل بإجراءات التنظيم والبناء إثر أزمة السكن داخل إسرائيل، ولكن فعليا استغلت هذه اللجنة لتحريك كل المخططات الاستيطانية في القدس الشرقية وتوسيع نفوذها الاستيطاني.

وأضاف ناصر أن بلدية الاحتلال أودعت مخططات هيكلية لمصادرة آلاف الدونمات من أراضي الفلسطينيين وتوظيفها للاستيطان والتهويد والجيش، وقدمت الآلاف من لوائح الاتهام والملفات الجنائية وأوامر الهدم الإدارية والقضائية ضد البيوت الفلسطينية، الأمر الذي يزيد الخناق على المقدسيين.
ويرى أن الاعتراف بدولة فلسطين على حدود عام 1967 -بما في ذلك القدس الشرقية- يفتح المجال لتخفيف معاناة الفلسطينيين، عبر ملاحقة المشاريع الإسرائيلية أمام المحاكم الدولية كمحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية التي تعتبر الاستيطان والمساس بأملاك السكان المحليين جريمة حرب.

تغذي النظرة العسكرية للمؤسسة الإسرائيلية اقتحامات الأقصى، حيث أعلنت الحكومة نقل مقرات هيئة الأركان لجيشها من تل أبيب إلى القدس،

نكبة وتشريد
بدوره وصف الباحث بجمعية "عير عميم" المختص بشؤون الاستيطان في القدس أحمد صب لبن عام 2012 بأنه عام تكثيف التهويد والاستيطان في القدس الشرقية، وأنه عام نكبة وتشريد للسكان الأصليين، حيث رصدت بلدية الاحتلال ووظفت ميزانيات بمئات ملايين الدولارات لتعزيز الاستيطان وتثبيت الوجود اليهودي في القدس الشرقية والبلدة القديمة.

واستعرض الباحث الفلسطيني للجزيرة نت المخططات الاستيطانية التي تم إطلاقها في عام 2012 مبينا أنه صودق على 14 مخططا للإسكان شملت بناء 12 ألف وحدة سكنية للمستوطنين في القدس الشرقية فقط، وبناء نحو 18 ألف وحدة سكنية بالمستوطنات في تخوم القدس.

وأكد أنه بعد العدوان على غزة والاعتراف بفلسطين دولة عضو غير مراقب في الأمم المتحدة، صادقت سلطات الاحتلال على مخططات لبناء 9500 وحدة استيطانية إضافية في قلب الأحياء السكنية العربية، وذلك من أصل 60 ألف وحدة ستبنى حتى عام 2020، ليصل تعداد الوحدات السكنية الاستيطانية في القدس الشرقية قرابة 130 ألفا.

ويعتقد أحمد صب لن بأن عام 2012 كان بمثابة معركة مفصلية بالنسبة للإسرائيليين في كل ما يتعلق بمستقبل القدس "كعاصمة موحدة وأبدية للشعب اليهودي" وغير قابلة للتفاوض، حين تم "تذويت" الرواية الصهيونية في أوساط اليهود والشباب على وجه الخصوص بأن القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل الكبرى، وذلك عبر تثبيت مشاريع ومخططات تحول دون تقسيم المدينة لتكون بشطريها تحت السيادة الإسرائيلية.

المصدر : الجزيرة