قانون الجرائم الإلكترونية يلاحق صحفيين فلسطينيين

فلسطين رام الله تموز 2017 صحفيون ونشطاء فلسطينيون يتظاهرون ضد اعتقال ومحاكمة صحفيين في سجون السلطة الشهر الماضي.jpg
جانب من وقفة سابقة للتضامن مع صحفيين تسجنهم السلطة الفلسطينية (الجزيرة)

ميرفت صادق-رام الله

مددت محكمة صلح فلسطينية ظهر الخميس اعتقال خمسة صحفيين بتهمة "تهديد أمن الدولة بالخطر" وفق قانون الجرائم الإلكترونية الذي صادقت عليه السلطة وبات ساري المفعول منذ يوليو/تموز الماضي.

وقررت محكمة الصلح في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية تمديد اعتقال مراسل قناة الأقصى طارق أبو زيد 15 يوما على ذمة التحقيق.

كما جرى تمديد حبس مراسل وكالة شهاب الفلسطينية عامر أبو عرفة لمدة أسبوع، ومراسل قناة القدس في الخليل أحمد حلايقة لعشرة أيام، وزميله في بيت لحم ممدوح حمامرة والصحفي المستقل قتيبة قاسم لخمسة أيام.

وحسب محامي الصحفيين الذين اعتقلوا مساء الثلاثاء جاء التمديد استنادا إلى المادة 20 من قانون الجرائم الإلكترونية الجديد التي تتعلق "بنشر أخبار من شأنها تعريض سلامة الدولة أو نظامها العام أو أمنها الداخلي أو الخارجي للخطر" كما ورد في نص القانون المنشور. وبناء عليها يكون المتهم معرضا للسجن لمدة لا تقل عن عام أو بغرامة مالية.

وكان متحدث رسمي فلسطيني قد اتهم الصحفيين المعتقلين "بتسريب معلومات حساسة لجهات معادية". غير أن محامي الصحفيين نفوا ورود هذه التهمة أثناء استجوابهم في النيابة أو في جلسات تمديدهم.

وقال محامي مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان أنس البرغوثي إن مراسل قناة القدس في بيت لحم ممدوح حمامرة يواجه تهمة "إنشاء مواقع إلكترونية أو إدارتها بقصد نشر أخبار تعرض سلامة الدولة أو نظامها أو أمنها الداخلي أو الخارجي للخطر، والترويج لنشر الأخبار خلافا للمادة 20 من قانون الجرائم الإلكترونية".

 خلفيات سياسية
ويعتقد المراقبون الفلسطينيون أن اعتقال الصحفيين الخمسة يأتي على خلفية سياسية مرتبطة بالصراع بين السلطة وحركة حماس.

وحسب المحامي البرغوثي ورد في وقائع التهم الموجهة للصحفي ممدوح حمامرة "التواصل منذ عام 2008 على صفحات ومواقع إلكترونية تابعة لمليشيات حركة حماس بهدف المساس بالأمن والنظام العام الداخلي والمجتمعي..".

undefined

وقال المحامي البرغوثي إن قانون الجرائم الإلكترونية لا يمكن تطبيقه بأثر رجعي، ويعد ساريا من تاريخ نشره الشهر الماضي، ومن غير القانوني الاستناد إليه في توجيه تهم بناء على وقائع قديمة.

وحسب مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان، فإن خمسة فلسطينيين اعتقلوا في الأسبوعين الأخيرين استنادا لقانون الجرائم الإلكترونية على خلفية منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب الصحفيين الخمسة الذين مدد اعتقالهم الخميس.

وسجل "مركز مدى للحريات الإعلامية" 38 حالة اعتقال لصحفيين منذ بداية العام 2017 وحتى نهاية يوليو/تموز المنصرم، منهم 17 اعتقلهم الاحتلال الإسرائيلي و21 اعتقلتهم الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة وغزة. ومن بينهم معتقلون بسبب منشوراتهم على صفحات التواصل الاجتماعي.

رفض حقوقي
وواجه إصدار قانون الجرائم الإلكترونية معارضة حقوقية كبيرة "لخطورته على الحريات العامة بسبب تضمنه نصوصا فضفاضة حول النشر على مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت عامة".

وقال الإعلامي المختص بالشأن القضائي ماجد العاروري إن تمديد سجن الصحفيين يمثل الخطورة المتوقعة من الاستخدام السيئ لقانون الجرائم الإلكترونية، إذ يطلق يد السلطة التنفيذية على الحريات العامة بصورة واسعة، ويسهّل تجريم الصحفيين والنشطاء، وفق تقديره.

وحسب العاروري، فإن البنود التي تتناول "تهديد أمن الدولة" معالجة أصلا في قانون العقوبات الفلسطيني ولا  ضرورة للتوسع في عقوبتها من خلال قوانين جديدة.

وقال إن تفاوت فترات تمديد الصحفيين يعكس القراءات المختلفة للقانون من قبل القضاة أنفسهم رغم أن المعتقلين جميعا يواجهون التهم نفسها. وردّ هذا إلى "النصوص الفضفاضة الواردة في القانون نفسه".

ودعا العاروري إلى إعادة النظر في القانون الذي أقره مرسوم رئاسي فلسطيني لم يعرض على المجلس التشريعي، وطالب بالعمل على تعديله وتحديد صلاحيته في الجرائم الإلكترونية بحق فئات المجتمع ومصالحها دون التعرض للحريات العامة.

المصدر : الجزيرة