دويكات: بالملح والماء خضت إضرابي كأصغر أسير

عاطف دغلس-نابلس

 
لوهلة ظن يحيى دويكات أن ابنه الأسير سعد (عشرون عاما) لن يُفرج عنه، فبعد ساعات من الانتظار عند حاجز الظاهرية الإسرائيلي جنوب الضفة الغربية المحتلة لم يظهر ما يفند ذلك.
 
لـ38 يوما ظل سعد دويكات المنحدر من بلدة بيتا قرب مدينة نابلس مضربا عن الطعام كأصغر أسير فلسطيني إلى أن أفرج عنه الجمعة 26 مايو/أيار الجاري من سجن نفحة الصحراوي، الذي كان آخر محطاته بين سجون أربعة تنقل بينها خلال فترة اعتقاله الممتدة لثلاث سنوات ونصف السنة، منذ العشرين من مايو/أيار 2014.

بدا والده هائما وهو يبحث عنه بصفوف الأسرى المحررين، لكن دون جدوى حتى ترجل نجله الأسير من سيارة السجن الخاصة، مسنودا بآسريه من جنود الاحتلال، وبدا تعبا ومرهقا.

ويقول والده المكلوم إن الاستقبال تم بعكس ما أُعد لسعد، فقد تحول إلى التنقل بين المشافي، أما والدته فقد تابعت الإفراج عنه عبر التصوير المباشر بمواقع التواصل الاجتماعي قبل أن تحظى بضمه لدقائق معدودة وتعانقه "بقبلة الوداع" قبل مغادرته للمشفى.

مطالب إنسانية
لم يعش أحد معاناة الإضراب مثلما عاشته عائلة سعد، فبينما كان هو يُصارع الموت والجوع لنحو أربعين يوما كان القلق والخوف يُطارد ذويه وصار طعامهم وشرابهم "روتينا".

لكنَّ الجوع بالنسبة لسعد كان "كرامة" ومساندة لزملائه في سجون الاحتلال، وعهدا قطعه على نفسه لتحقيق مطالبهم الإنسانية بتحسين وضعهم المعيشي وزيارة ذويهم والاتصال بهم ووقف الإهمال الطبي بحقهم.

وبكلمات مقتضبة تحدث سعد للجزيرة نت بينما كان يواصل علاجه بالمشفى بنابلس، وقال إنها تجربته الأولى بالإضراب، وإنه أصر على خوضها دعما للأسرى ومطالبهم المشروعة التي كانت موجودة أصلا وسحبها الاحتلال تدريجيا.

‪‬ الإضراب المفتوح كان أول تجربة للأسير المحرر سعد دويكات(الجزيرة)
‪‬ الإضراب المفتوح كان أول تجربة للأسير المحرر سعد دويكات(الجزيرة)

وفي سجن نفحة حيث كان سعد، توجد سبعة أقسام تضم نحو سبعمئة أسير فلسطيني، أضرب أكثر من 430 منهم، وهو ما شجعه على مواصلة خطوته متحملا وإياهم آلام الإضراب وقمع السجانين من وحدة "المتسادا" لهم.

وتمثل القمع بالضرب والاقتحامات والتفتيش ومصادرة ممتلكات الأسرى وحتى الملح، وإحداث تنقلات بينهم كوسيلة للعقاب، "وكانوا يضربون الأسرى المضربين أثناء ذلك وخلال نقلهم للمحاكم".

مصادرة الملح
أما العقاب الأكبر فكان "بمصادرة الملح"، فبعد أن نثر الأسرى ذرات الملح فوق الخزائن وفي أماكن مختلفة في محاولة لإخفائه عمدت سلطات الاحتلال لسحبها بمضخات هوائية، وجردتهم كذلك من ملابسهم وخلطت المناشف والملابس الداخلية ببعضها البعض، "وهو ما أصاب الأسرى بأمراض جلدية".

وداخل سجن نفحة أقام الاحتلال مشفى ميدانيا لمتابعة حالة الأسرى المضربين، ليس بهدف علاجهم، لكن لإبقائهم داخل المعتقل دون الانتقال للمشافي الخارجية وانتشار ذلك إعلاميا.

ولم يسمح الاحتلال إلا لجهات محدودة بزيارة بعض الأسرى المضربين، كاللجنة الدولية للصليب الأحمر، في حين منع زيارة ذويهم والمحامين.

تحذيرات ومطالب
ويتولى الأطباء بعناية كبيرة رعاية سعد وأي أسير يخرج بحالة الإضراب، ويحذر محمد هاشم الطبيب المشرف على سعد من إصابة الأسرى بإعياء شديد نتيجة الجفاف وارتفاع الأملاح بالجسم بسبب عملية "التجويع" وانخفاض السكر بالدم.

الطبيب هاشم حذر من خطورة الوضع الصحي للأسرى المضربين مع استمرار الإضراب (الجزيرة)
الطبيب هاشم حذر من خطورة الوضع الصحي للأسرى المضربين مع استمرار الإضراب (الجزيرة)

ويقول للجزيرة نت إن الامتناع عن الطعام لهذا الوقت يزيد من خطورة إصابة الجسم بأمراض شتى كضمور العضلات والإرهاق الشديد وربما تصاب أعضاء الجسم الداخلية مثل الكلى والكبد وحتى الدماغ.

وعلى الأسير المحرر سعد أن يجتهد في تغذية نفسه بالسوائل والبروتينات اللازمة ويلتزم بمواصلة الكشف الطبي خلال الأسابيع القادمة لتعويض نحو عشرين كيلوغراما فقدها من وزنه خلال إضرابه، ولمواءمة ما ابتاعه والده من ملابس ليرتديها بعد تحرره، فقد اشتراها كبيرة قياسا على حجمه قبل الإضراب.

ويقول سعد إن عليه أيضا أن يوصل رسالة الأسرى بضرورة المساندة الجماهيرية والسياسية لهم، ويضيف أنه بدأ بنفسه بزيارة خيمة التضامن مع الأسرى ولو وقتا قصيرا، ودعا القيادة الفلسطينية للضغط بكل قوتها محليا ودوليا لتحقيق مطالب الأسرى وإنهاء الإضراب.

المصدر : الجزيرة