أكاديمي مغربي يهدي الأطفال حكاية 12 قرنا من تاريخ بلادهم

خاص/ الأكاديمي امحمد جبرون خلال توقيعه السلسلة في المعرض الدولي للكتاب
الأكاديمي امحمد جبرون أثناء توقيعه السلسلة التاريخية في المعرض الدولي للكتاب (الجزيرة)

سناء القويطي-الرباط

"حين ندرس التاريخ ونتعرف على تطوراته.. نحن في الحقيقة نتعرف على ذواتنا، ونفهمها أكثر، وعلى نحو جيد".. بهذه العبارة يقدم الأكاديمي المغربي امحمد جبرون سلسلته الجديدة حول تاريخ المغرب الموجهة للأطفال واليافعين.

بعد سنوات من الإنتاج الفكري والأكاديمي، انبرى الدكتور جبرون المتخصص في التاريخ لخوض مغامرة جديدة وإصدار سلسلة تغوص بالأطفال في تاريخ المغرب من الفتح الإسلامي إلى الاستعمار.

ويقدم هذا العمل -الأول من نوعه- تاريخ المملكة بأسلوب مبسط عبر عشرة أجزاء عناوينها: الفتح الإسلامي للمغرب، المغرب في عصر الإمارات، الدولة المرابطية، الدولة الموحدية، الدولة المرينية، الدولة السعدية، الدولة العلوية، المجتمع المغربي عبر التاريخ، الاقتصاد المغربي عبر التاريخ، الثقافة المغربية عبر التاريخ.

فراغ في المجال
ويبدو أن الفراغ الذي تعرفه الكتابة للطفل بشكل عام وفي الحقل التاريخي بشكل خاص، أشعل حماس جبرون لإخراج سلسلته، وهو الكاتب المعروف بمؤلفاته الغزيرة في مجالي الفكر والتاريخ.

ويأسف الكاتب لضعف معرفة الأطفال واليافعين بتاريخ المغرب وامتداداته والانعطافات الكبرى التي عاشها المغاربة، وهو ضعف لمسه في أطفاله وفي طلبة المدارس وهو الذي قضى سنوات في سلك التعليم، أدرك خلالها عن كثب النقص الهائل في هذا المجال.

وينضاف إلى ذلك ما لاحظه من انتشار الصور النمطية السائدة حول المغرب والمغاربة، والتي تعكس تمثلا خاطئا للشخصية المغربية في أبعادها التاريخية والحضارية.

‪غلاف جزء 
‪غلاف جزء "الدولة المرينية" التي حكمت المغرب بين عامي 1269 و1553‬  (الجزيرة)

تحدي الكتابة للطفل
ليس سهلا على كاتب اعتاد التأليف الأكاديمي، والانغماس في المخطوطات والمراجع التاريخية، أن يكتب للطفل.

يقول جبرون في حديثه للجزيرة نت إن الصعوبات التي واجهته تتعلق بالأسلوب، "فأن تكتب للطفل وبلغة في متناول إدراكاته ليس بالأمر الهين، إذ كثير من المفاهيم والألفاظ المجردة المستعملة في الكتابة التاريخية يصعب التعبير عنها بلغة بسيطة".

أما التحدي الثاني فيتعلق بالنقل البيداغوجي والديداكتيكي، أي تقديم تلك الأفكار والأحداث والوقائع التاريخية -الطويلة نسبيا والمعقدة في أحيان والمشتتة في أحيان أخرى- في قالب سردي بسيط ومخفف من الاشتراطات الأكاديمية من توثيق واصطلاحات.

ويضيف "كان التحدي نقل نص من مستوى أكاديمي إلى مستوى تعليمي تربوي في متناول الأطفال"، وهو تحدٍّ دفعه إلى مراجعة النص عدة مرات حتى الاستقرار على النسخة النهائية منه.

وكان أكثر ما شغله خلال تفكيره في إعداد مشروعه، هيكل وعمران هذه السلسلة التاريخية، حيث فضل الابتعاد عن الكتابة بطريقة كلاسيكية تقليدية والاعتماد على سيناريو أكثر جاذبية يجعل الأطفال يكملون الحكاية من بدايتها إلى نهايتها.

وبنى جبرون أجزاء عمله -الموجه للأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 و16 عاما- على شكل محاورة بين أب وأبنائه الستة، يسأل الأطفال فيجيبهم الأب بحكايات منسجمة ومشوقة من تاريخ المغرب تمتد على مدى أزيد من 12 قرنا.

‪غلاف جزء
‪غلاف جزء "الدولة العلوية" التي حكمت المغرب بين عامي 1640 و1912‬ (الجزيرة)

سلسلة ذات خصوصية
ووجدت سلسلة تاريخ المغرب للأطفال واليافعين تفاعلا من لدن القراء والمهتمين بأدب الطفل والكتابة التاريخية، إذ لقيت إقبالا في المعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء، وأثارت فضول المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي.

ويعتبرها الباحث في التاريخ عدنان بن صالح جزءا من مسار عمل الدكتور جبرون على ورش المعرفة التاريخية والكتابة التاريخية المدرسية.

غير أنها -بحسب قول بن صالح- ذات خصوصية مضمونا ومنهجا وطرائق ورسالة، وتتجلّى في أجزائها العشرة حرفة المؤرخ وهمومه وتطلعاته، ومضامين تاريخية تغطي التاريخ الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي للبلاد.

وتعتمد هذه السلسلة -حسب المتحدث نفسه- "التيمات" الموضَّحة بدعامات ديداكتيكية (صور، رسوم، حوار، سؤال، جواب..) مساعدة على تلقي واستيعاب الحدث التاريخي واستلهام قيم "المواطنة" و"الفاعلية الحضارية" و"خصائص المجتمع المغربي" و"قيم العطاء العلمي" و"قيم البناء السياسي" و"إشعاع المغرب الثقافي".

المصدر : الجزيرة