مسرحية تكشف معاناة الفلسطينيات بسوق العمل

تعرض مسرحية حركة بمحلها تحديات الفلسطينيات في الحصول على وظيفة وتدني الأجور والبطالة
المسرحية من إنتاج مسرح عشتار في رام الله (الجزيرة)

 ميرفت صادق-رام الله

نوال ودنيا وياسمين ثلاث فلسطينيات يجسدن معاناة نساء مجتمعهن المتعلمات خلال البحث عن عمل وبعد الحصول على وظيفة، وذلك في مسرحية "حركة بمحلها" التي بدأ عرضها بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية.

وتتناول المسرحية قضية المرأة الفلسطينية في سوق العمل بقالب كوميدي يعرض الإجحاف في التعاطي مع قدراتها، كما يتناول قضايا لافتة كتدني الأجور والبطالة ومحدودية فرص التطور المهني والعمل النقابي بالمقارنة مع الرجل في العمل نفسه.

تبدأ المسرحية بهتاف دنيا "عم يتحرك" في إشارة إلى جنينها، ثم صراخ طفل ياسمين الذي سيرضع لأول مرة دون توقيت بسبب ارتباط والدته بوظيفتها التي تخصص لها ساعة رضاعة خلال دوامها في روضة أطفال لقاء راتب أقل من مئتي دولار، ويعادل نصف الحد الأدنى للأجور المقدّر بـ 1450 شيكل (أقل من 400 دولار).

تشير حركة الجنين إلى الضجيج الذي تحدثه القوانين والشعارات المناصرة للمرأة في سوق العمل الفلسطيني، لكنه ضجيج و"حركة في محلها"، ولا تترجم عمليا بالحصول على حقوقهن.

وتقدم الممثلات خلال العرض معطيات من السهل على الجمهور حفظها بعيدا عن الجداول والبيانات المجردة، إذا تشير دنيا إلى أن 30% من النساء المتعلمات لا يجدن عملا، وتضرب مثلا على نفسها حيث تبحث عن عمل منذ ثلاث سنوات دون جدوى.

تحدي الظروف
تعرض دنيا، التي تحمل الدرجة الجامعية الأولى في المحاسبة والماجستير في الإدارة المالية، مواقف عدة خلال بحثها عن العمل، تتعرض فيها لمعيقات توظيفها لكونها متزوجة وحاملا ولم تحصل على وظيفة ثابتة سابقا، ولذلك يفضل أرباب العمل تشغيل خريج جديد من الرجال على مؤهلاتها.

undefined

المهندسة نوال التي تذهب كافة مشاريعها المميزة لإشراف زملائها المهندسين من الرجال في موقع العمل بحجة الخوف من تعرضها للتحرش بها، وهو الأمر الذي تواجهه في المكتب، كما تحرم من الترقيات لصالح زملائها، ويعيق مسؤولها ترشحها للانتخابات النقابية.

تشير نوال إلى أن الحصة الخاصة بمشاركة المرأة في الانتخابات لم تقرّ بعد في النقابات، لكنها تذكر أن خُمس أعضاء الهيئات المحلية حاليا هم من النساء، رغم "الكوتا" التي تفرض وجود نسبة 20% على الأقل منهن في المجالس المنتخبة.

وتظهر المسرحية كيف تفرض هذه التحديات والظروف نفسها على النساء وواقعهن وثقتهن بقدراتهن وعلى علاقتهن الزوجية والاجتماعية. وتبدأ وتنتهي بالمشهد نفسه، وهو حركة الجنين في بطن والدته، وهي حركة في محلها، كما يكرر الممثلون.

ويساهم ديكور المسرحية أيضا في تعزيز فكرة التمييز لصالح الرجل في العمل، فالرجل دائما في موقع أعلى أو على مكتبه، بينما النساء في دائرة من شغل البيت وتربية الأطفال.

المسرحية من تأليف غسان نداف وإخراج محمد عيد، وإنتاج "مسرح عشتار" في رام الله بدعم من الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

وتحولت مع انتهاء عرضها الأول إلى لقاء تفاعلي مع الجمهور، في محاولة لطرح حلول تساعد في تحريك القوانين والاتفاقيات للقضاء على التمييز ضد المرأة في العمل.

‪علا عوض:‬ (الجزيرة)
‪علا عوض:‬ (الجزيرة)

مرآة المعاناة
وتقول رئيسة الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني علا عوض إن المشاركة في سوق العمل تعد أبرز التحديات التي تواجه النساء الفلسطينيات، حيث نسبة التعليم العالية في أوساطهن تقابل بمعدلات بطالة كبيرة. ومن جانب آخر تواجه النساء تحديا كبيرا في الأجور ونوعية فرص العمل المتاحة وضعف أعداد النساء في مواقع صنع القرار.

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى انخفاض في نسبة مشاركة النساء في العمل مقارنة بالرجال وكذلك في الأجرة اليومية بين النساء والرجال، إذ شاركت النساء في القوى العاملة بنسبة 19% عام 2017 مقابل 71% عند الذكور. وبلغ معدل أجرهن اليومي 85 شيكل (الدولار= 3.5 شيكل) مقابل قرابة 120 شيكل للذكور.

وتواجه نصف النساء المشاركات بسوق العمل الفلسطيني البطالة (47.4% حسب الإحصاء الفلسطيني). بينما تصل معدلاتها بين النساء الحاصلات على 13 سنة دراسية فأكثر إلى نحو 54%.

وتقول رئيسة جهاز الإحصاء إن المسرحية تحاول طرح الأرقام بطريقة أكثر سهولة على الناس لاستيعاب المعاناة التي تواجهها المرأة في سوق العمل، وهذا توجه جديد في مشاركة المجتمع للبيانات الرقمية بطرق سهلة لإحداث تغيير حقيقي.

ويعتقد مخرج المسرحية محمد عيد أن المسرح يلخص الجانب الآخر للأرقام والمعلومات المجردة لتخفيفها على الجمهور إما بطريقة كوميدية أو تراجيدية، فالشكل الفني يضع المشاهد في موقع المتفاعل بصورة أكبر مع القضية المطروحة.

ومن المقرر أن تتنقل عروض المسرحية إلى شمال وجنوب الضفة الغربية، لتفتح حوارات تفاعلية مع شرائح مجتمعية في إطار السعي لتقليص التمييز ضد المرأة في سوق العمل.

المصدر : الجزيرة