اختتام مهرجان موازين المغربي.. مكتسبات وانتقادات

"موازين" يطوي دورته 15: مكتسبات وانتقادات
مهرجان موازين المغربي يشهد مشاركة نجوم عرب وعالميين في حفلاته (الجزيرة)
نزار الفراوي-الرباط
 
اختتم مهرجان "موازين إيقاعات العالم" دورته الخامسة عشرة التي حولت فضاءات العاصمة المغربية الرباط إلى منصات فنية من مختلف الألوان ينشطها أبرز نجوم العرب والعالم، وسط جدل متجدد حول القيمة المضافة للتظاهرة وتأثيراتها الفعلية على الحياة الثقافية المحلية، فضلا عن جدواها الاقتصادية والسياحية.
 
وجاءت الدورة الـ15 مكرسة هوية مدينة ترقص على إيقاعات مغربية وعربية ودولية. حفلات شرقية وغربية استقطب كل منها أزيد من مئة ألف شخص، وأخرى من الفن الشعبي تجاوز جمهورها 250 ألفا.

وهذا المشهد الثقافي بتنوع فعالياته لا يحقق الإجماع، بل يتجدد الجدل والاستقطاب بين مناصر للمهرجان ومناهض له، وهو جدل يتخذ منطلقات متعددة، حيث تأتي الانتقادات باسم الهوية تارة، وباسم الوضع الاقتصادي ودعوى تهميش الفنان المحلي تارة أخرى.

 
‪عرض في شوارع الرباط ضمن فعاليات مهرجان موازين‬ (وكالة الأناضول)
‪عرض في شوارع الرباط ضمن فعاليات مهرجان موازين‬ (وكالة الأناضول)

نموذج جديد
وبالنسبة لجمعية "مغرب الثقافات" التي تنظم موازين فإن المهرجان يتيح كل سنة لملايين الأشخاص حضور عروض ومتابعة ورشات تدريب أو الاستمتاع بإبداعات حديثة.

ويقول المنظمون إن المهرجان يقوم على إتاحة الدخول للجميع مع التوفيق بين جودة وشعبية الحفلات، حيث أصبح موازين يفتح آفاقا جديدة في بلد انعدمت فيه الصناعة الموسيقية التي تعاني سوقها من القرصنة، كما تتصف ميزانية وزارة الثقافة المخصصة له بمحدوديتها.

وتؤكد الجمعية في بيان على موقعها في الإنترنت أن المهرجان هو الوحيد في العالم الذي لا يتلقى أي دعم من المال العام، وهذه النتيجة هي ثمرة تطور طويل أتاح له أن يكون مهرجانا شبه مستقل، من خلال نموذج اقتصادي يهدف إلى تقليص دور التمويل الخاص وحذف أي تمويل عمومي.

أما عن الوقع الاقتصادي للمهرجان، فإن المنظمين يبرزون مساهمته في نشاط الشركات المغربية التي تقدم خدمات ذات صلة بالمهرجانات من خلال قائمة متنوعة من المهن، وكذا في خلق حركية سياحية مهمة تهم المحلات التجارية ومحلات الصناعة التقليدية والنقل والمطاعم والفنادق وغيرها.

ويبدو أن هذه الأرقام لا تكفي لإقناع جميع الأصوات، حيث يرى الكاتب والناشط السياسي والحقوقي رشيد البلغيثي أن الحديث عن نموذج اقتصادي ضامن للتمويل الشبه الذاتي يراد به دفع "شبهة استنزاف مؤسسات عمومية وابتزاز المجموعات الاقتصادية التي تجبر على دفع الإتاوة" للجمعية المنظمة خدمة لمشروع ثقافي استهلاكي فلكوري عابر، على حد قوله.

‪جانب من الحضور في إحدى حفلات مهرجان موازين‬ (الأناضول)
‪جانب من الحضور في إحدى حفلات مهرجان موازين‬ (الأناضول)

انتقادات مزمنة
ويشدد البلغيثي -وهو عضو في تنسيقية طالبت بإلغاء مهرجان "موازين"- على أن أهمية الفعل الثقافي في كل بلد تكمن في استقلاليته عن كل تحكم سياسي وسطوة مالية مكرسة للاستهلاك، حتى يبقى المجال الثقافي فضاء للحرية والإبداع وقاطرة للتقدم الحضاري، على حد تعبيره.

واعتبر في مقال نشره على الموقع الإلكتروني "لكم"، أن جمعية "مغرب الثقافات" ومهرجان موازين "لا تقدم أي خدمة ثقافية للمغرب ولا للعاصمة الرباط، كما أن نشاط الجمعية لا يؤثر على الواقع السياحي والاقتصادي للرباط بأي شكل من الأشكال".

وفي وسائل التواصل الاجتماعي، تداولت وسائل الإعلام المغربية مضمون تدوينة للفنان المغربي حميد بوشناق الذي انتقد ما وصفه "بالكذب الفني" وصرف ملايين الدولارات لبلاد هي في أمس الحاجة إليها.

وأعرب بوشناق عن خيبة أمله تجاه المجال المخصص للأغنية الدولية، حيث يقدم فنانون "من صنع أميركي" -على حد قوله- عروضهم باستعمال تقنية البلاي باك مقابل مبالغ مالية ضخمة وإعداد تجهيزات صوتية حديثة، واصفا الأمر بأنه "مثير للسخرية".

ويرى نقاد فنيون ومتابعون أن الانتقادات ضرورية لخلق ضغط إيجابي على المنظمين باتجاه تطوير هذا الموعد وتجاوز الطابع الموسمي للتظاهرة، حتى تساهم في توطيد دعائم صناعة ثقافية مزدهرة بالمملكة.

المصدر : الجزيرة