هل يهدد "قانون المصالحة" المسار الديمقراطي بتونس؟
وجاء إقرار ها القانون مساء الأربعاء إثر نقاش محتدم في البرلمان بعد أيام على إجراء تعديل وزاري واسع أعطى منصبين مهمّين في الحكومة لشخصين شغلا مناصب وزارية في عهد بن علي.
ووُصف هذا التعديل الحكومي بأنه تعزيز لسلطة الرئيس الباجي قائد السبسي على أبواب استحقاقات انتخابية في البلاد.
وكان مشروع القانون ينص في صيغته الأولى على العفو عن رجال أعمال ومسؤولين سابقين في العهد السابق ملاحقين بتهم فساد، وذلك في مقابل إعادتهم للدولة المبالغ التي جنوها إضافة إلى غرامات مالية.
وإزاء موجة الرفض الكبيرة عدل النص وبات لا يشمل إلا الموظفين المتورطين في حالات فساد إداري ولم يتلقوا رشى، لكن رغم ذلك ظلّ مشروع القانون يثير معارضة حادة.
ويدافع السبسي عن القانون الجديد ويصفه لدى طرحه في صيف العام 2015 بأنه يؤدي إلى تحسين المناخ الاستثماري في بلد يعاني أزمة اقتصادية.
ورحّب حزب نداء تونس الذي يضمّ في صفوفه مسؤولين في النظام السابق، بإقرار القانون، معتبرا أنه يفتح باب مرحلة جديدة قائمة على المصالحة والوحدة الوطنية.
وصوّتت لمصلحة إقرار القانون حركة النهضة، الشريك في الحكم مع حزب نداء تونس، معتبرا أن مساندته للقانون كانت من باب تحقيق "المصلحة الوطنية".
وقال مدير الديوان الرئاسي سليم العزابي إن القانون يشمل ألفي موظّف في مناصب عالية لم يتلقوا رشاوى بل كانوا ينفذون التعليمات المعطاة لهم من دون أن تكون لهم مصلحة شخصية في ذلك.
وأضاف "ثمة 35% من الميزانية المرصودة في الجهات فقط تصرف، لماذا؟ بسبب الخوف (..) وهناك العديد من الأشخاص يعطلون المشاريع العمومية"، متوقعا أن يؤدي القانون إلى نمو بنسبة 1.2% للاقتصاد التونسي.
لكن هذه التصريحات لاقت رفضا من جانب المعارضة وأيضا من المجتمع المدني اللذين يعتبران أن القانون يشجع الإفلات من المحاسبة في بلد ينتشر فيه الفساد بشكل كبير.
وحّذّر البعض أيضا من أن هذا القانون يمكن أن يفتح الباب لعودة الممارسات الاستبدادية التي رغب التونسيون في طيّ صفحتها مع "ثورة الياسمين" في العام 2011.
واعتبرت الباحثة في جامعة أكسفورد مونيكا ماركز أن قانون المصالحة الجديد يشكل "انتصارا لمبدأ الإفلات من المحاسبة، وضوءا أخضر من رأس المؤسسات الرسمية إلى الأفراد المتورطين في سوء استغلال السلطة".
وترى مونيكا ماركز أن حزب النهضة الذي كان "أكثر الأحزاب عرضة للاضطهاد في زمن النظام السابق، وعلى يد بعض الشخصيات التي يمكن أن يشملها قانون العفو، يفضّل الحفاظ على تحالفه مع حزب النداء".