قلعة المضيق بريف حماة.. بر أمان المهجَّرين إلى حين

مدينة قلعة المضيق المحطة الأولى لآلاف المهجرين في سوريا
مهجرون من ريف حمص الشمالي وريف حماه الجنوبي وصلوا لمدينة قلعة المضيق بريف حماة الغربي (الجزيرة)

صهيب الخلف-غازي عنتاب

اسم مدينة قلعة المضيق بريف حماه الغربي يحمل دلالات مختلفة لآلاف المهجرين الذين مروا منها، بعد أن أرغموا على ترك بلداتهم، وعاشوا تفاصيل قاسية في رحلة شاقة محفوفة بالمخاطر والتعب.

فالمدينة -التي تسيطر عليها المعارضة- وإن كانت تمثل الوصول إلى بر الأمان بالنسبة للمهجرين بعد مضايقات كثيرة أثناء مرورهم بالبلدات الخاضعة لسيطرة النظام، فهي تمثل في الوقت نفسه نقطة الانطلاق نحو حياة مجهولة عند كثيرين منهم ممن لم يسبق لهم أن زاروا محافظة إدلب.

النقطة صفر
الحاج أبو عمر الرجل السبعيني خاض الرحلة الشاقة، ووصل إلى ما بات يعرف بالنقطة الصفر بأول حاجز للمعارضة المسلحة، بعد أن اجتاز مناطق سيطرة النظام قادما من ريف حمص الشمالي صحبة أولاده. وقد ودع الحاج بنظرات ملؤها القهر بيته -الذي بناه بعرق جبينه- ولم يعلم قط أنه سيدفع فاتورة مشاركة أبنائه في الثورة السورية بهذه القسوة.

مدينة قلعة المضيق المحطة الأولى لآلاف المهجرين بسوريا 
مدينة قلعة المضيق المحطة الأولى لآلاف المهجرين بسوريا 

وعلى مدى ثلاثة أيام تتابع وصول قوافل المهجرين من ريف حمص الشمالي وريف حماه الجنوبي، وعجزت المنظمات الإنسانية عن تقديم الدعم لهم لكثرة أعدادهم، إذ اكتظت النقطة صفر بالمهجرين الذين افترشوا الأرض هائمين بلا دليل يرشدهم إلى الوجهة الجديدة.

استقروا في الدوائر الرسمية والمدارس أو في ظلال الشجر على جانبي الطريق. وعلى رصيف متهالك استند الحاج أبو عمر وقد تعب حتى من حمل عكازه الخشبي، الذي عجز عن مساعدته في اجتياز العقبات التي تعرض لها هذه المرة، بعد أن أوهن طول الرحلة وقسوة الموقف عزم الشيخ السبعيني.

نداء استغاثة
بين جموع المهجرين، كان المهندس إبراهيم الصالح رئيس المجلس المحلي بمدينة قلعة المضيق يفكر بحل سريع يساعد على إيواء المهجرين بسرعة، خاصة أنه يريد أن يحسن ضيافتهم. ولأنه يخاف من العجز أمام سرعة وصول القوافل فقد أطلق عبر المجلس المحلي نداء استغاثة دعا من خلاله إلى تقديم الدعم للمهجرين بسرعة.

ولاقت الدعوة صدى واسعا عند المنظمات الإنسانية وسكان مدينة قلعة المضيق، وسكان المدن والبلدات القريبة، فأرسلت بعض المنظمات حافلات نقلت أعدادا من المهجرين باتجاه مراكز الاستقبال، في حين قام سكان القرى المجاورة باستضافة عدد من العائلات، وتم توزيعهم على بيوت الميسورين في كل قرية.

توزيع مساعدات عاجلة على مهجرين وصلوا لمدينة قلعة المضيق(الجزيرة)
توزيع مساعدات عاجلة على مهجرين وصلوا لمدينة قلعة المضيق(الجزيرة)

كما تكفل سكان قلعة المضيق باستضافة عدد كبير من المهجرين، ولم يبق إلا عدد قليل لجؤوا إلى مدرسة في المدينة بعدما وزعت عليهم مساعدات عاجلة.

نتيجة هذا التعاون كانت مرضية للمهندس إبراهيم لكنه متخوف من قدوم قوافل جديدة. ويراهن على التبرعات والدعم المقدم من سكان المنطقة بعد أن أنهك استقبال قوافل المهجرين الكثيرة المنظمات الإنسانية، بينما يتحرك سكان المنطقة بدوافع لا تكل ولا تمل من إكرام الضيوف وإغاثة عابري السبيل، وقيم التكافل والتعاون والبذل خاصة في مجتمع قروي.

محافظة إدلب استقبلت عبر مدينة قلعة المضيق آلاف المهجرين بعد خسارة المعارضة لمعاقلها في الغوطة الشرقية والقلمون في الفترة الماضية، وقد استنفدت الكثير من المنظمات طاقاتها في استقبال المهجرين من الغوطة حسب قول الإداري في منظمة "بنفسج" فؤاد سيد عيسى. إذ فاق عدد المهجرين الواصلين من ريف حمص الشمالي عشرين ألف مهجر خلال ثلاثة أيام.

ويوضح عيسى أن القوافل وصلت تباعا، حيث لا يتجاوز زمن الرحلة من حمص إلى مدينة قلعة المضيق ثلاث ساعات، الأمر الذي زاد من الأعباء المترتبة على فرق المنظمات الإنسانية.

المصدر : الجزيرة