بنهاية موسم الأعياد اليهودية.. ما الثمن الذي دفعه المسجد الأقصى؟ وماذا ينتظره؟

يُستنتج من مسار الاحتفالات بالأعياد اليهودية في المسجد الأقصى أنه إذا كان التقسيم الزماني (بين المسلمين واليهود في الأقصى) بدأ فعلا في 2015، والتقسيم المكاني في 2019 فإن أجندة التأسيس المعنوي لإقامة "الهيكل" المزعوم يبدو أنها تتجه إلى الانفجار في رمضان المقبل بشكل ربما يكون أكبر وأعنف من الأعوام السابقة

مستوطنون يرفعون العلم الإسرائيلي في باحات المسجد الأقصى خلال احتفالاتهم بالأعياد اليهودية اليوم (مواقع التواصل)

القدس المحتلة- يزداد إصرار المستوطنين الإسرائيليين من أعضاء ما تسمى "جماعات المعبد" المتطرفة على ربط كافة الأعياد اليهودية باقتحامات داخل المسجد الأقصى المبارك، وفي كل عيد تضع هذه الجماعات أهدافا مرحلية لتنفيذ مخططاتها الرامية إلى إزالة "الأقصى" بكامل مساحته من الوجود.

وفي موسم الأعياد الحالي -الذي انطلق بما يعرف بـ"رأس السنة العبرية" في 8 سبتمبر/أيلول الجاري- وضعت الجماعات المتطرفة 4 أهداف رئيسية هي:

  • النفخ في البوق داخل باحات الأقصى لإعلان بداية السنة العبرية من المسجد باعتباره "هيكلها المزعوم"، وقد تم ذلك بتاريخ 2021/9/8.
  • تأدية "صلوات التوبة"، واقتحام الأقصى بثياب مخصصة لذلك طوال الأيام التالية لرأس السنة العبرية باعتبارها "أيام التوبة" التوراتية، وتم ذلك لمدة 10 أيام باستثناء الجمعة والسبت.
  • تأدية "صلاة الكفارة" الخاصة بما يسمى "يوم الغفران اليهودي"، ومحاكاة طقوس تقديم قربان الغفران، وحصل ذلك الخميس 2021/9/16، وكرر المستوطنون المتطرفون في اليوم ذاته طقس "نفخ البوق" ليلا من المدرسة التنكزية الإسلامية القائمة عند باب السلسلة (أحد أبواب المسجد الأقصى).
  • إدخال ما تسمى "القرابين النباتية" في عيد العُرش التوراتي، والوصول إلى رقم يزيد على 2400 مستوطن مقتحم للمسجد الأقصى خلال الأيام الأخيرة لهذا العيد، وبلغ عدد المقتحمين يومي الخميس والأحد الماضيين 2037 متطرفا ومتطرفة، كما رفع المتطرفون العلم الإسرائيلي داخل المسجد مرتين خلال دقائق اليوم الاثنين.
صورة من اقتحام المتطرفين للمسجد الأقصى بثياب التوبة التوراتية (مواقع التواصل)

الأهداف تحققت

وفي تعليقه على الثمن الذي دفعه المسجد الأقصى خلال موسم الأعياد اليهودية الأخير، قال الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص إن جماعات المعبد المتطرفة أتمت كافة الأهداف التي وضعتها لنفسها في "الأقصى" خلال الأعياد التوراتية الحالية، وقطعت شوطا على طريق فرض كل العبادات التوراتية فيه دون أن تواجه بأي رد رادع.

وحول ما ينتظر المسجد الأقصى بعد الانتهاكات الأخيرة، يقول ابحيص إنه مع انتهاء موسم الأعياد الحالي مساء الثلاثاء فإن التقويم العبري يدخل 6 أشهر تخلو من الأعياد تقريبا باستثناء ما يعرف بـ"عيد الأنوار" الذي سيحل نهاية نوفمبر/تشرين الثاني وبداية ديسمبر/كانون الأول 2021، وتكون الاحتفالات خلاله ليلية في العادة.

 

لكن الباحث يتوقع أن يحاول المتطرفون خلاله إدخال "الشمعدان" الخاص بعيدهم إلى الأقصى ليلا والطواف به مع الرقصات والاحتفالات الليلية عند البوابات، ومن المحتمل أن تفتح هذه الاحتفالات الصراع على ساحة باب العامود من جديد كما حدث في شهر رمضان الأخير.

أما التطور الأهم في مسار العدوان المتصاعد هذا فهو المتوقع في أبريل/نيسان المقبل وفقا لابحيص، إذ سيتزامن عيد الفصح العبري بأيامه السبعة مع شهر رمضان المقبل، وتحديدا في الأيام بين 15 إلى 21 من ذلك الشهر، ويتوقع أن تصر "جماعات المعبد" خلاله على اقتحام الأقصى في كل أيامه، وعلى محاولة تقديم "قربان الفصح" في باحاته، وهي المحاولة التي تعمل على فرضها بشكل عملي منذ عام 2015.

ويعتقد الباحث -في حديثه للجزيرة نت- أن هذا المسار يؤسس للاستنتاج بأنه إذا كان التقسيم الزماني بدأ فعلا في 2015 والتقسيم المكاني في 2019 فإن أجندة التأسيس المعنوي لإقامة "الهيكل" يبدو أنها تتجه إلى الانفجار في رمضان المقبل بشكل ربما يكون أكبر وأعنف من الأعوام السابقة.

علامات شؤم

من ناحيته، تحدث الباحث في الديانة اليهودية عمر مصالحة عن رمزية طقسَيْ النفخ في البوق وسعف النخيل في الديانة اليهودية، قائلا إن النفخ في البوق يرمز عند اليهود إلى البدايات السعيدة والحزينة على حد سواء، فيُنفخ فيه عند انطلاق الطقوس والمناسبات والأعياد كرأس السنة العبرية، والأفراح والمناسبات القومية، وينفخ فيه أيضا عند الانتهاء منها.

أما سعف النخيل المرتبط بعيد العُرش (أو عيد المظلة) فيرمز في الديانة اليهودية إلى "المظلات المصنوعة من سعف النخيل والتي أسكن فيها الله بني إسرائيل خلال تيههم في صحراء سيناء طوال 40 عاما بعد خروجهم من مصر بقيادة سيدنا موسى -عليه السلام- وهم في طريقهم إلى أرض الميعاد" حسب الرواية التلمودية.

ويقول مصالحة للجزيرة نت إن إدخال هذه الرموز إلى المسجد الأقصى خلال موسم الأعياد الأخير علامة لا تبشر بالخير، وتعني التمهيد والتخطيط مستقبلا لبناء مظلة عيد "العُرش" كاملة داخل "الأقصى".

المصدر : الجزيرة