سبعون عاما والخناق يشتد.. أين العرب من القدس؟

الطريق إلى السفارة الأميركية في القدس
أعلام إسرائيلية وأميركية كتب عليها "ترامب صديق الصهيونية" و"ترامب يجعل إسرائيل عظيمة" (الجزيرة)
أسيل جندي-القدس

مع قرب إحياء الذكرى السبعين للنكبة يجمع مراقبون على أن القضية الفلسطينية تذبذبت أهميتها على أجندات الأنظمة العربية صعودا وهبوطا، في حين حافظت فلسطين وعاصمتها القدس على مكانة ثابتة في قلوب الشعوب العربية والإسلامية.

ويزيد من غصة إحياء الذكرى هذا العام تزامنها مع تنفيذ قرار نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، بعد توقيع ترامب في السادس من ديسمبر/كانون الأول الماضي قرارا يعترف فيه بالقدس عاصمة لإسرائيل، ويدعو لنقل السفارة الأميركية إليها.

وبينما يذهب البعض إلى اتهام الأنظمة العربية بالخيانة، يرى آخرون أن المسألة ليست أكثر من تواطؤ لخدمة أجندة ومصالح قُطرية وشخصية.

يتشدد المستشار الإعلامي محمد مصالحة في رأيه، فيعتبر طريقة تعامل الدول العربية مع القضية الفلسطينية على مدار العقود الماضية "خيانة تُمارس منذ سبعين عاما". ويدافع عن رأيه بالقول "هذا نهج مدفوع الثمن لأنظمة عربية نفذت وما زالت تنفذ أوامر المشروع الغربي، لتحظى بإمارات وبحماية لعائلاتها".

تجنيد أنظمة
وتجندت هذه الأنظمة -يضيف مصالحة- "لخدمة المشروع الصهيوني من تحت العباءات وخلف ربطات العنق، مما أضاع كرامتها وكرامة شعوبها وأفقدها هيبة بلادها أمام المجتمع الدولي".

واعتبر أن "هذا المناخ كان ملائما لتندس إسرائيل وتبني مصلحة دولتها القائمة على رواية الحق بأرض الآباء والأجداد على حساب سلب الأرض وتفريغ فلسطين من سكانها الأصليين.

إشغال بالتقسيم
وتطرق مصالحة لما تشهده الدول العربية، والانشغال بشعارات الربيع العربي على حساب تواصلها العاطفي مع عدالة القضية الفلسطينية؛ "الأمر الذي همش الأخيرة واستبدلها بملفات إقليمية تقف خلفها قوى استعمارية أجنبية نجحت في تقسيم الشعوب وإراقة دمائها".

وحول تصريحات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حول تقاسم السعودية الكثير من المصالح مع إسرائيل، وتلك المتعلقة باعتقاده بأنه من حق الفلسطينيين والإسرائيليين العيش على أراضيهم، وصف ولي العهد السعودي بأنه "أحد خريجي المختبرات الأميركية، ولا يخجل من موالاة إسرائيل وأميركا في مشروعهما الهادف إلى تصفية القضية الفلسطينية".

وتستعد سلطات الاحتلال لحفل نقل السفارة الأميركية غدا، واستبقت بلديتها الحدث بتعليق لافتات في الشوارع الرئيسية والفرعية المؤدية لموقع السفارة الأميركية بالأعلام الإسرائيلية والأميركية، التي كتب عليها "ترامب صديق الصهيونية" و"ترامب يجعل إسرائيل عظيمة".

ومن المتوقع أن تشهد المدينة المحتلة احتجاجات وتظاهرة دعت لها لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل المحتل، وستنطلق بالتزامن مع افتتاح السفارة في حي أرنونا بالقدس.

من جهته، يرى مدير البرامج في المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) خليل شاهين في حديثه للجزيرة نت أن القدس ما زالت المحرك الأول لمشاعر الشعوب العربية، لأبعاد مختلفة على رأسها المقدسات والتاريخ الذي يربط كل عربي ومسلم بها.

وأضاف أن القضية الفلسطينية تحتل مكانة كبيرة على مستوى الرأي العام العربي والإسلامي، وتحقق تقدما في التعاطف على المستوى الدولي، لكن عند الحديث عن القضية الفلسطينية في أجندة الحكومات العربية فهناك تراجع واضح في مكانتها.

تواطؤ
وأعاد شاهين أسباب التراجع إلى الأحداث التي شهدتها المنطقة منذ عام 2011 بانطلاق الربيع العربي وما رافقه من صراعات طائفية ومذهبية بطريقة تدفع باتجاه تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية كأولوية، بالإضافة إلى التحولات المتعلقة بتحديد العدو الذي يواجه الدول العربية وتقدم العداء لإيران واعتبارها العدو الرئيسي بدل إسرائيل
.

ومن جانب آخر، أكد شاهين ضرورة عدم إغفال وتغييب مرحلة النهوض القومي العربي التي كان لها أهميتها في احتضان الثورة الفلسطينية المعاصرة، إذ "كان لحركات التحرر على المستويين العربي والعالمي دور في تشكيل قاعدة لدعم انطلاقة الثورة والكفاح الفلسطيني المعاصر".

ويميل شاهين لاستخدام مصطلح "التواطؤ" بدلا من نظرية "المؤامرة"، وإن كان يرى أنها تلازم بعض القادة العرب تاريخيا، حسب تعبيره، لكنه يقول إن ما يشهده العالم الآن هو حالة مختلفة يتم فيها التواطؤ ليس مع الولايات المتحدة الأميركية فقط، وإنما مع إسرائيل نفسها من خلال علاقات تطبيع واستبعادها من خانة الخطر الرئيسي، وهذا يستوجب -حسب رأيه- سياسة إستراتيجية فلسطينية للتعامل مع هذه الوقائع.

المصدر : الجزيرة