الاستيطان الإسرائيلي يلتهم بادية القدس

الخان الأحمر- القدس-فلسطين- قطيع أغنام بالقرب من سياج شائك قرب شارع استيطاني وفي الخلفية مستوطنة معالي أدوميمز 17 مارس 2017 - تصوير عمر رجوب
بدو شرق القدس أمام خيارين بعد محاصرة المراعي أحلاهما مر: الرحيل أو شراء أعلاف لأغنامهم وهذا مكلف (الجزيرة)
عمر رجوب-الخان الأحمر (شرقي القدس)

"كنت ذات مرة أرعى الجِمال بجوار مستوطنة  كفار أدوميم المقامة على أراضي بلدة أبو ديس، وفجأة بدأ مستوطنون بملاحقتي وتهديدي بإطلاق النار.. حاصروني بأسلحتهم، واستدعوا لي أفراد الشرطة الإسرائيلية الذين اقتادوني إلى مركز شرطة معالي أدوميم. وفي المركز هددني المحقق العسكري بالقول: هذه أرضنا! إذا عدت إليها ستدفع غرامة وستبقى في السجن".. هكذا لخص راعي الإبل المقدسي عيد عراعرة معاناته مع انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق السكان في بادية
القدس.

ويضيف عراعرة (22 عاما) الذي يسكن في تجمع الكسارات البدوي في الخان الأحمر شرقي القدس، أن من يقترب من المستوطنات والمعسكرات الإسرائيلية يتعرض للتنكيل والاعتقال، وهو ما يحرم آلاف الماشية من التنقل بين المراعي، ويحول دون استصلاح المواطنين لأراضيهم وزراعتها.

وتمتد بادية القدس من بلدة مخماس شمال شرق القدس حتى بلدة السواحرة جنوب شرق المدينة، وأقامت سلطات الاحتلال فيها مستوطنات ومعسكرات تدريب لجيشها، ومحميات طبيعية على 70% من مساحتها، وبقيت 30% أعلنها الاحتلال منطقة عسكرية مغلقة، بحسب مصادر وزارة الزراعة الفلسطينية.

مساحات شاسعة
ووفق معهد الدراسات التطبيقية (أريج) ومقره القدس، تمتد بادية القدس على أكثر من 235 ألف دونم (الدونم = ألف متر مربع)، تصنف حسب اتفاق أوسلو بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل بمنطقة "ج"، أي أنها تخضع للسيطرة الأمنية والمدنية الإسرائيلية، بينما يقع على عاتق السلطة الفلسطينية المسؤولية عن توفير الخدمات التربوية والصحية للسكان.

بادية القدس تمتد على مساحة 235 ألف دونم شرق مدينة القدس حتى البحر الميت (الجزيرة)
بادية القدس تمتد على مساحة 235 ألف دونم شرق مدينة القدس حتى البحر الميت (الجزيرة)

ويقول مدير وحدة المعلومات الجغرافية في المعهد عيسى زبون إن بادية القدس تمتد بطول 16 كلم من مخماس شمالا حتى السواحرة الشرقية جنوبا، وبعرض 19 كلم من السواحرة غربا حتى البحر الميت شرقا.

ويقول عيد عراعرة الذي يملك 30 رأسا من الإبل إن السكان البدو بحاجة إلى مساحات واسعة لرعى مواشيهم، موضحا أنه عندما يغلق الاحتلال المنطقة أمامهم ويعرضهم للخطر فإنهم أمام خيارين: إما الرحيل وهذا ما يرفضونه، أو التخلي عن مواشيهم لكلفة إطعامها، وهو خيار صعب أيضا.

من جهته قال رئيس قسم الثروة الحيوانية في مديرية زراعة القدس جميل حمادين للجزيرة نت: يسكن قرابة سبعة آلاف فلسطيني في 22 تجمعا ببادية القدس، ويربون نحو 25 ألف رأس من الأغنام وأكثر من مئة من الإبل، بينما يعتمد 90% من البدو على الرعي كمصدر دخل رئيسي لهم.

وتقيم سلطات الاحتلال في المنطقة 15 مستوطنة ومنطقة صناعية وسبعة معسكرات تدريب ومركزيْ شرطة، إضافة إلى محمية طبيعية على أراضي ينابيع: واد القلط، الفوار، فارة، بحسب حمادين.

ويضيف حمادين أن إجراءات الاحتلال في بادية القدس خلقت بيئة صعبة تواجه التجمعات البدوية، منها فرض قيود على الوصول إلى مناطق الرعي، والحرمان من الوصول إلى البنى التحتية الأساسية، ورفض إصدار تراخيص بناء، بالإضافة إلى عمليات الهدم والتهديد بهدم المنازل والمدارس وحظائر الماشية.

 عراعرة يشير بيده اليمنى إلى المنطقة الممنوع عليه التواجد فيها (الجزيرة)
 عراعرة يشير بيده اليمنى إلى المنطقة الممنوع عليه التواجد فيها (الجزيرة)

اقتلاع وتهجير
وكانت سلطات الاحتلال قد اقتلعت يوم 10 يناير/كانون الثاني الماضي مئات الأشتال الرعوية ودمرت سياجا لمحمية السواحرة البرية شرقي القدس، بحجة أن المنطقة خاضعة للسيطرة الإسرائيلية، مما دفع بلدية السواحرة إلى رفع دعوى قضائية ضد الإدارة المدنية الإسرائيلية.

ويقول رئيس بلدية يونس جعفر للجزيرة نت إن إقامة المحمية التي أعدمها الاحتلال كان بهدف توفير غذاء بديل للأغنام، وتنمية الثروة الحيوانية في بادية القدس، لكن ذلك لم يرق للاحتلال الذي يسعى لالتهام المزيد من الأراضي الفلسطينية.

وأضاف جعفر أن السلطات الإسرائيلية تسعى لإفراغ الأرض من سكانها لإفساح المجال أمام المخططات الاستيطانية الرامية إلى تنفيذ مخطط "إي 1" الاستيطاني، وهو ما يتطلب تدخلا جديًا من المؤسسات الدولية لكبح جماح الاستيطان ودعم المزارع الفلسطيني الذي يقاوم في أرضه بأبسط الإمكانيات.

المصدر : الجزيرة