نزوح 43 ألفا من درنة لنقص المياه والسلطات تنفي رصد أمراض معدية

أعلنت المنظمة الدولية للهجرة نزوح أكثر من 43 ألف شخص إثر السيول المدمرة التي اجتاحت شرق ليبيا خصوصا مدينة درنة بعد مرور العاصفة دانيال مساء الأحد 10 سبتمبر/ أيلول الجاري، وأكدت المنظمة التابعة للأمم المتحدة أن الاحتياجات الملحة للنازحين تشمل المواد الغذائية والمياه العذبة والصحة النفسية وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي.

يأتي ذلك بينما تستمر عمليات انتشال الجثث ورفع الأنقاض من المناطق المنكوبة في ظل ظروف صعبة ووسط تضاؤل الآمال بالعثور عن ناجين.

وبحسب المنظمة الدولية التابعة للأمم المتحدة فإن المأساة في شرق ليبيا تسببت في نزوح 43059 شخصا، وتتحدث المنظمة عن نزوح نحو 24500 من مدينة درنة وحدها. كما نزح نحو 3 آلاف من مدينة البيضاء. وأجبرت الفيضانات في مدينة بنغازي أكثر من 2780 شخصا على ترك منازلهم. بينما غادر نحو ألفي شخص منازلهم في مدينة الأبرق ونحو 1500 شخص في كل من المرج وتوكرة.

وتشير المنظمة الدولية في تقريرها إلى أن نقص إمدادات المياه قد يكون دفع الكثير من النازحين داخل درنة الى مغادرتها للتوجه الى مدن أخرى في شرق وغرب البلاد.

وقال مدير المنظمة الدولية للهجرة بليبيا توحيد باشا للجزيرة إن درنة لم تعد  مدينة صالحة للعيش ولا بد من متابعة احتياجات السكان هناك، مشيرا إلى أن منظمات الإغاثة بصدد تقييم احتياجات سكان درنة لتلبيتها.

وأدّت السيول المدمرة إلى مقتل 3351 شخصا بحسب آخر حصيلة رسمية موقتة أعلنها وزير الصحة في الحكومة المكلفة من البرلمان عثمان عبد الجليل مساء الثلاثاء. بيد أن الأمم المتحدة أشارت إلى أن الضحايا يتجاوزون 11 ألفا و300 قتيل، إضافة إلى 10آلاف و100 مفقود.

وتخشى المنظمات الإنسانية والسلطات الليبية أن يكون عدد الضحايا أعلى بكثير بسبب عدد المفقودين المرتفع.

وقد أعلن مركز الطب والطوارئ في درنة أن الفرقه العاملة بدأت البحث عن الجثث وانتشالها في عدد من الأماكن في المدينة، منها وادي الخبطة والوديان المجاورة له شرق درنة وفي البحر. وذلك بعد أن أعلنت السلطات تقسيم المدينة وفق المناطق المتضررة لتسهيل عمل فرق الإنقاذ.

وقال المركز إن فرق الإنقاذ والغوص المحلية والدولية أخرجت مجموعة سيارات قذفها السيل داخل حوض ميناء درنة الخاص برسو السفن.

الوضع الصحي

من جانبه قال وزير الصحة في الحكومة المكلفة من البرلمان عثمان عبد الجليل، إن الوضع الصحي في مدينة درنة مستقر وسط جهود عالمية للتخفيف من وطأة الكارثة. وأكد عبد الجليل الحرص على استخدام الطرق العلمية السليمة في التعامل مع الكارثة نافيا رصد أي أمراض معدية.

نقل موقع آلمونيتور عن المنظمة الدولية للهجرة أن كارثة الفيضانات التي شهدتها ليبيا دمرت أحياء بأكملها، كما جرفت المياه آلافا لا حصر لها من السكان إلى البحر، بينما دفع نقص إمدادات المياه النظيفة العديد من النازحين إلى الخروج من درنة إلى مناطق أخرى.

كما نقل الموقع عن الأمم المتحدة أن المسؤولين المحليين ووكالات الإغاثة ومنظمة الصحة العالمية يشعرون بالقلق إزاء خطر تفشي الأمراض، خصوصا بسبب المياه الملوثة ونقص الصرف الصحي.

وتواصل طواقم الإنقاذ جهودها للعثور على جثث المفقودين، خصوصا في البحر، بعدما جرفت السيول أحياء كاملة.

والخميس أعلنت حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس رصد جثث في منطقة تمتد على مساحة نحو 100 كيلومتر بين درنة والبيضاء الواقعة إلى الغرب. وأفادت الحكومة بتسليم أجهزة الإغاثة خارطة بمواقع الجثث لتمكينها من انتشالها.

وشهدت شبكتا الاتصالات والانترنت انقطاعا مساء الثلاثاء، وطُلب من صحفيين مغادرة المدينة المنكوبة غداة تظاهرة لسكان درنة للمطالبة بمحاسبة سلطات شرق البلاد معتبرين أنها مسؤولة عن الكارثة.

وتحدّثت السلطات عن "انقطاع في الألياف الضوئية"، لكن بحسب محللين ومستخدمي الإنترنت، كان القطع متعمدا ويهدف إلى فرض "التعتيم" بعد التغطية الإعلامية الواسعة للتظاهرة في اليوم السابق.

زيارة أميركية

في غضون ذلك توجه قائد القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا "أفريكوم" الجنرال مايكل لانغلي والسفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند الخميس إلى بنغازي، كبرى مدن الشرق الليبي ومعهما 13 طنا من المساعدات التي قدّمتها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "يو اس ايد"، تتضمن خصوصا لوازم النظافة الشخصية والإيواء الطارئ وفق السفارة الأميركية.

والتقى لانغلي ونورلاند لاحقا حفتر. وخلال اللقاء شدّد الجنرال الأميركي على "أهمية تشكيل حكومة وطنية منتخبة ديمقراطيا وإعادة توحيد الجيش الليبي والمحافظة على سيادة ليبيا من خلال القضاء على المرتزقة الأجانب"، وفق المصدر نفسه.

وعلى هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، قالت باربارا ليف مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى في مقابلة مع الجزيرة إن واشنطن ستواصل تقديم المساعدات للمناطق المتضررة من كارثة الفيضانات في ليبيا.

وفي طرابلس بحثت المؤسسات العليا في ليبيا، أمس الخميس، سبل توحيد جهود مواجهة الأزمة الإنسانية بالمناطق المنكوبة شرقي البلاد، وفي مقدمتها مدينة درنة الأكثر تضررا من الفيضانات.

جاء ذلك خلال اجتماع عقد بديوان رئاسة الوزراء في العاصمة الليبية، بين عبد الله اللافي نائب رئيس المجلس الرئاسي، ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، وفق بيانين منفصلين للمجلس الرئاسي وحكومة الوحدة.

وقال المجلس الرئاسي في بيانه، إن الاجتماع استعرض جهود الإنقاذ والإغاثة المتواصلة في مدينة درنة، وباقي مدن الشرق الليبي التي تضررت جراء الفيضانات والسيول.

ووفقا للبيان، شهد الاجتماع تأكيد تنظيم الجهود الإنسانية للمساهمة في تخفيف آثار الكارثة، ومساعدة الفرق المحلية والعربية والدولية المتخصصة العاملة في المناطق المتضررة على أداء مهمتها بنجاح.

من جهتها، أوضحت حكومة الوحدة الوطنية في بيانها، أن الاجتماع بحث سبل توحيد الجهود، لمواجهة الأزمة الإنسانية التي تمر بها درنة خاصة، وجميع المناطق المنكوبة.

وشدد المجتمعون وفق البيان الحكومي على ضرورة تذليل الصعوبات لضمان وصول المساعدات الإغاثية إلى المتضررين من السيول والفيضانات.

وفي السياق، أشار الدبيبة خلال الاجتماع إلى أهمية تكاتف الجهود وتنسيقها لرفع المعاناة عن الأهالي في المناطق المنكوبة.

كما أكد ضرورة إغاثة الأهالي ومعالجة أزمة النزوح الداخلي وصولا إلى عودة الحياة إلى درنة، عبر مشاريع التنمية والنهوض بالمدينة التي لحقت ببنيتها التحتية أضرار جسيمة نتيجة السيول والفيضانات وفقا للبيان.

من جانبه قال الناطق باسم حكومة الوحدة الوطنية محمد حمودة، إن فريق الخبراء والتقديرات التابع لجهاز المباحث الجنائية، حصر 95 موقعا متضررا من الممتلكات الخاصة والعامة داخل مدينة درنة.

المصدر : الجزيرة + وكالات