مقتل تونسي يفجّر احتقانا وغضبا وسط تصاعد المواجهات مع مهاجرين في صفاقس

الرئيس قيس سعيد خلال لقائه مجموعة من مهاجري أفريقيا جنوب الصحراء في مدينة صفاقس يونيو/ حزيران الماضي - المصدر: حساب الرئاسة التونسية - فيسبوك
الرئيس التونسي قيس سعيد خلال لقائه مع مجموعة من مهاجري أفريقيا جنوب الصحراء في مدينة صفاقس في يونيو/حزيران الماضي (صفحة رئاسة الجمهورية التونسية)

تواصلت الاشتباكات والصدامات بين مواطنين ومهاجرين في ولاية صفاقس (جنوبي تونس) مما أدى إلى وفاة كهل تونسي، وأثار مخاوف من انفلات أمني وتصاعد وتيرة أعمال العنف بين الطرفين.

وحذّر ناشطون ومواطنون تونسيون على موقع التواصل الاجتماعي من خطورة ما يحدث في صفاقس من إمكانية امتداده لمدن أخرى، مطالبين السلطات بالتدخل وإيجاد حلّ للمهاجرين غير النظاميين الذين يزداد عددهم في المدينة الساحلية.

وعن تفاصيل حادثة مقتل كهل تونسي، نقلت وسائل إعلام محلية عن الناطق الرسمي باسم محكمة صفاقس الأولى فوزي المصمودي قوله صباح اليوم الثلاثاء إن عدّة مناطق في صفاقس تشهد لليلة الثالثة على التوالي أعمال شغب وعنف بين مواطنين تونسيين وأفارقة من دول جنوب الصحراء.

وفي تصريحات إذاعية لبرنامج "أحلى صباح" على إذاعة "موزاييك إف إم" أضاف أن أعمال العنف انتهت بجريمة قتل تونسي من مواليد 1981، طعنا بآلة حادّة مساء أمس الاثنين بمنطقة ساقية الدائر، مبينا أن عناصر الدفاع المدني قاموا بنقل المصاب على جناح السرعة، لكنه فارق الحياة قبل الوصول إلى المستشفى.

وقال فوزي المصمودي -حسب شهود عيان- إن أفارقة من جنوب الصحراء قاموا بالاعتداء على الضحية.

وحسب المصدر ذاته، فقد تمّ فتح تحقيق تمهيدًا لتوجيه تهمة القتل العمد مع سابقة القصد، وبعد وقت قصير تم الاشتباه في 3 شبان تم الاحتفاظ بهم في انتظار استكمال التحقيقات.

وأشار إلى أن "طريق المهدية كلم 10" شهد أكثر من جريمة قتل في الفترة الأخيرة، لافتا إلى أنها منطقة يتركّز فيها الأجانب لقربها من مناطق العبور.

وكشف المصمودي عن أن الوحدات الأمنية قامت أمس بإيقاف 22 شخصا من الأفارقة من دول جنوب الصحراء في إطار حملات أمنية لمراقبة الوثائق والإقامة.

تحذيرات

وتفاعلا مع هذه الأحداث قالت الصحفية والناشطة الحقوقية نزيهة رجيبة -في تدوينة لها على موقع فيسبوك- إن المهاجرين من جنوب الصحراء يشكلون مشكلة كبيرة في صفاقس خاصة.

وبيّنت أنها لا تعرف أسباب ذلك بوضوح ولا تريد المجازفة بتفسير لا يستند إلى معرفة عميقة بالمشكلة، لكنها أكدت أن المشكلة لا تُحلّ محليا بالمهاجمات والاشتباكات، بل على الدولة أن تتدخل بقوانينها وإمكاناتها لكي لا يؤول الأمر إلى حرب شوارع وصراعات عرقية بين أهل المدينة والمهاجرين.

من جهته، استغرب آخرون عدم قيام السلطات بتعيين محافظ لولاية صفاقس رغم مرور أكثر من 6 أشهر على إقالة المحافظ السابق فاخر الفخفاخ، واستنكروا صمت الدولة في وقت تعيش فيه صفاقس وضعية كارثية على عدة مستويات، منها البيئية والاجتماعية والأمنية.

ودقّت عدة حسابات ناقوس الخطر، معتبرة أن المواجهات تنذر بحرب أهلية حقيقية، داعين السلطات للتدخل العاجل وإيجاد حل.

وأمس الاثنين، فتح القضاء التونسي تحقيقا إثر وقوع صدامات بين مهاجرين غير نظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء وسكان في صفاقس؛ تلك المدينة التي تشكل نقطة انطلاق رئيسية للهجرة غير الشرعية من تونس نحو أوروبا.

ودارت مواجهات تخللها رشق بالحجارة بين مهاجرين وسكان من أحد أحياء صفاقس التي تعد أكبر مدن الجنوب التونسي، حسب المصمودي الذي أوضح أن الصدامات أدت إلى إلحاق أضرار بسيارات ومساكن، من دون التسبب في وقوع إصابات.

وأوردت وسائل إعلام محلية أن الشرطة تدخلت مستخدمة الغاز المسيل للدموع لوضع حد للمواجهات.

نقطة انطلاق

وتشكل مدينة صفاقس الساحلية الواقعة في وسط شرق تونس نقطة انطلاق لعدد كبير من المهاجرين غير النظاميين نحو أوروبا، لا سيما إيطاليا.

ويحتج سكانها بانتظام على وجود المهاجرين غير النظاميين في مدينتهم مطالبين برحيلهم.

وتقع غالبا اشتباكات سواء كلامية أو جسدية في الأحياء الشعبية من المدينة، حيث يقيم المهاجرون.

وتضاعفت أعمال العنف بعد خطاب ألقاه الرئيس قيس سعيّد في 21 فبراير/شباط 2023، انتقد فيه الوجود الكبير لمهاجرين غير نظاميين في بلاده، متحدثًا عن مؤامرة لتغيير "التركيبة الديموغرافية" في تونس.

وشجبت 23 منظمة غير حكومية محلية ودولية -في بيان مشترك- "خطاب الكراهية والترهيب ضد المهاجرين (من أفريقيا جنوب الصحراء) المنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، الذي يسهم في التعبئة ضد الفئات الأكثر ضعفا ويؤجج السلوك العنيف ضدهم".

وفي نهاية مايو/أيار الماضي، قُتل مهاجر من بنين طعنا في هجوم نفذته مجموعة من الشبان التونسيين في أحد أحياء صفاقس الشعبية.

المصدر : الجزيرة + الفرنسية + الصحافة التونسية