عمار الحكيم في السعودية.. هل تسهِم الرياض في مداواة الجراح العراقية؟

الحكيم (يسار) خلال لقائه بولي العهد السعودي محمد بن سلمان في جدة (رويترز)

مع تعاظم الانسداد السياسي في العراق حطّ عمار بن عبد العزيز الحكيم زعيم تيار الحكمة وأحد أقطاب الإطار التنسيقي للقوى الشيعية الخمس الرئيسية، الرحال في جدة السعودية، طلبًا لوساطة الدبلوماسية السعودية الساعية منذ سنوات إلى إعادة العراق لعمقه العربي.

وفي مستهل زيارته التقى الحكيم بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وغرد على حسابه في تويتر قائلً: "أكدنا في اللقاء على العلاقات التاريخية الوثيقة بين الشعبين الشقيقين وسبل تعزيزها وتوثيقها، وأهمية التكامل بين البلدين الشقيقين وانعكاساته الإيجابية على مختلف قطاعات التعاون الثقافي والاقتصادي والعلمي، لا سيما أن البلدين يمثلان ثقلا اقتصاديا إقليميا ودوليا".

وعن الأزمة العراقية، تطرق الحكيم في تغريداته إلى أن الجانبين شددا على أن الحلول لا بد أن تبقى عراقية دون أي ضغوطات خارجية، في حين يرى مراقبون سياسيون تحدثوا إلى "الجزيرة" أن الحراك السعودي الخليجي في شأن تطبيب حراج بغداد يبدو أكثر فاعلية من أي وقت مضى من تاريخ نكبات العراق الأخيرة المتتالية منذ أواخر التسعينيات.

وفي الشأن الإقليمي، قال الحكيم أكدنا ضرورة تثبيت الهدنة في اليمن ووضع حلول نهائية للأزمة، مشيرا إلى أنهما تطرقا إلى أهمية الاستقرار على ضفتي الخليج والدور العراقي الإيجابي في الوساطة بين السعودية وإيران، وانعكاسات ذلك على شعوب المنطقة.

الحكيم قال في تغريداته إن اللقاء أكد أهمية الخروج بقرارات مُرضية للجماهير العربية من القمة القادمة في الجزائر، وتأكيد مركزية القضية الفلسطينية وأهمية بقائها رمزا لتوحيد الشعوب العربية.

أهمية الزيارة تأتي بعد أن حضر الحكيم الأربعاء مؤتمرا للقوى السياسية العراقية بشأن الأزمة التي يشهدها العراق حاليا، لكن من غير المعلن ما إذا كانت هذه الزيارة تتعلق بمناقشات حول أزمة تشكيل الحكومة في العراق.

الحكيم قال إن الجانبين شددا على أن حلول الأزمة السياسية العراقية لا بد أن تبقى عراقية دون أي ضغوطات خارجية (رويترز)

أهمية الدور السعودي

من جهته، يقول المحلل السياسي الدكتور محمد الحربي "إن زيارة السيد عمار الحكيم في هذا التوقيت ما هي إلا امتداد لزيارات سابقة بدأت منذ عام 2017، حيث سبقها زيارات من السيد مقتدى الصدر وحتى الزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي".

وأشار الحربي إلى أن هذا التوقيت في غاية الأهمية من حيث إن السعودية تمثل مركز ثقل إستراتيجي ومحور توازن لإيجاد الحلول للأزمات العراقية الممتدة منذ العام 2003، وتعمل أساسا على عودة العراق إلى عمقه الإستراتيجي لما يمثله من أهمية قصوى في المحور الشمالي ليس لدول الخليج العربي فحسب بل للأمة العربية قاطبة.

واستطرد "لا حظنا أن التوقيت جاء بعد اجتماع الحوار الوطني البارحة والذي لم يظهر له أي نتائج ملموسة في إيجاد الحلول على مستوى الكتل السياسية وحلفائهم، وأتوقع أنه ربما يسعى إلى طلب الوساطة السعودية ما بين التيار الصدري والإطار التنسيقي لإيجاد حلول وتفاهمات دائمة".

وذكر الحربي "أن السعودية تعي أن العراق هو مفتاح الحلول للأزمات في الشرق الأوسط، وهي لا تتعامل مع العراق إلا ككتلة جغرافية واحدة ولا تستهدف أقطابا أو محاور في العراق.، وأنه يمكن للمملكة أن تلعب دور الوسيط المتزن ما بين الأقطاب والمحاور العراقية لإيجاد حلول مستدامة".

وأضاف "أن الأزمات العراقية المتتالية، يظهر من خلالها اهتمام ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الملف العراقي، حيث قدمت المملكة عدة مسارات خاصة في المسار التنموي والاقتصادي من فتح المعابر وإعادة حركة الطيران بين البلدين والمشروع المتمثل في الربط الكهربائي بين الرياض وبغداد، في المقابل يحظى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بثقة المجتمع الدولي، لذا تتطلع المنطقة إلى مستقبل عراقي أكثر يمحو خيبات العقدين الماضيين".

بدوره، قال المستشار السابق بوزارة الخارجية السعودية سالم اليامي إنه "من اللافت توجه السيد عمار الحكيم إلى السعودية في جملة ظروف عراقية وعربية وإقليمية ضاغطة، ولكن الرجل وفي أغلب التقديرات وزن بوصلته جيدا لأنه يعرف بوصفه واجهة عراقية سياسية ودينية أن ما يبحث عنه لن يجده إلا في الرياض".

ويعتقد اليامي أن الحكيم يبحث باختصار عن الدعم المتوازن والعقلاني من محيطه العربي ومن المملكة العربية السعودية بالذات "لمحاولة تصحيح أخطاء الماضي في العراق والانتقال بمساعدة ودعم وحسن وساطة الأشقاء العرب، من عراق الطائفة إلى عراق دولة المواطنة التي فقدها الإنسان العراقي حتى كادت تضمحل بين نفوذ الإقليم وغياب الرؤية السياسية المحلية".

المصدر : الجزيرة