شاهدٌ على الجريمة.. معرض في غزة يوثق جرائم إسرائيل ضد الصحافة

المعرض يوثق ما تعرضت له الصحافة من اعتداءات خلال الحرب على غزة (الجزيرة)

توقفت الحرب الإسرائيلية على غزة فجر 21 مايو/أيار الماضي، وظلت "مقتنيات مدمرة" شاهدة على جرائم ارتكبتها آلة الحرب بحق الصحفيين الفلسطينيين، الذين واجهوا الموت بصدور عارية على مدى 11 يوما.

في ساحة الجندي المجهول وسط حي الرمال بمدينة غزة، الذي تعرض لأعنف غارات جوية إسرائيلية، أقام المكتب الإعلامي الحكومي معرض "شاهد على الجريمة 2021″، حيث اكتظت جنباته بصور وثقتها عدسات المصورين، وبمخلفات قذائف إسرائيلية، ومقتنيات صحفية نال منها "عبث الحرب"، لو كان لها لسان لنطقت ببشاعة الجرائم التي تعرض لها صحفيو غزة والآمنون في منازلهم.

إسرائيل دمرت 55 مؤسسة إعلامية أبرزها مقر شبكة الجزيرة (الجزيرة)

ووثقت وحدة الرصد والمتابعة في المكتب الإعلامي الحكومي في تقرير شامل، حصل الجزيرة نت على نسخة عنه، نحو 96 اعتداء إسرائيليا نالت من أرواح الصحفيين ودمائهم ومكاتبهم ومنازلهم وممتلكاتهم.

وفي غارة جوية استهدفته داخل منزله في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، استشهد الصحفي المذيع في إذاعة الأقصى المحلية يوسف أبو حسين، في حين أصيب 12 آخرون، ودمرت منازل وسيارات لصحفيين، وممتلكات ومقار وكالات أنباء عالمية، وشبكات تلفزة مرموقة أبرزها مقر شبكة الجزيرة الإعلامية.

وتوسطت المعرض كاميرات ومعدات تلفزيونية مدمرة جراء تدمير مقاتلات حربية إسرائيلية برج الجلاء الذي يضم مقر الجزيرة ووكالة أسوشيتد برس الأميركية، وبرج الشروق الذي يضم مقار شركات إنتاج تلفزيوني وشبكات تلفزة محلية وعربية.

صحفيو غزة لم يكونوا في مأمن من الاستهداف الإسرائيلي خلال الحرب (الجزيرة)

اغتيال الشهود

وقال المكتب الإعلامي الحكومي إن إسرائيل وهي ترتكب جرائمها "ترى نفسها محصنة وفوق القانون وفي منأى عن الملاحقة والمحاسبة مما يشجعها على ارتكاب المزيد".

وبحسب رئيس المكتب سلامة معروف فإن ما ارتكبته إسرائيل على مدى أيام الحرب يرقى إلى "جرائم حرب بمعنى الكلمة".

وقال معروف خلال افتتاح المعرض إن الهدف منه "تقديم الرواية الفلسطينية إلى العالم" عبر زاوياه التي تتضمن صورا التقطتها عدسات المصورين لجرائم ارتكبتها إسرائيل بحق المدنيين، ومخلفات قذائف وصواريخ إسرائيلية استخدمت بكثافة خلال الحرب.

وأضاف "في كل زاوية وشارع في غزة ستجد آثارا للعدوان الإسرائيلي الغاشم (..) وكان الاحتلال يريد أن يرتكب جرائمه بصمت، فسعى إلى تغييب الشهود على الحقيقة وفرسانها من الصحفيين، فاستهدفهم ودمر مكاتبهم ومنازلهم وممتلكاتهم".

96 اعتداء إسرائيلياً نالت من أرواح الصحفيين ودمائهم، ومكاتبهم ومنازلهم وممتلكاتهم
96 اعتداء إسرائيليا نالت من أرواح الصحفيين ودمائهم ومكاتبهم ومنازلهم وممتلكاتهم (الجزيرة)

في مواجهة الموت

ويعمل صحفيو غزة في ظل ظروف غير آمنة، إذ لا تتوفر لدى غالبيتهم أدوات السلامة المهنية، التي تمنع إسرائيل دخولها إلى القطاع الساحلي المحاصر منذ 15 عاما.

ويقول أسامة الكحلوت، وهو صحفي حر يتعاون مع وسائل إعلام مختلفة، إن قلة من الصحفيين الذين يعملون لصالح وكالات أنباء عالمية وشبكات تلفزة مرموقة، يمتلكون أدوات السلامة (الدرع والخوذة)، في حين أن غالبيتهم يواجهون الموت بصدور عارية.

وتمنع إسرائيل منذ سنوات طويلة توريد هذه الأدوات إلى غزة، وتصنفها معدات عسكرية، وتدرجها ضمن قائمة كبيرة من السلع المصنفة مواد مزدوجة الاستخدام وتخشى وصولها إلى المقاومة.

وقال الكحلوت للجزيرة نت إنه تعرض في مرات كثيرة لمخاطر خلال تغطيته اليومية للحرب الأخيرة وفي مواجهات سابقة، جراء عدم امتلاكه أدوات الحماية المهنية.

وفي ظل عدم توفر هذه الأدوات، لجأ الكحلوت كغيره من الصحفيين الذين يعملون لصالح وسائل إعلام محلية أو أولئك غير المحسوبين على وسيلة محددة، إلى خياطين لحياكة سترات تشبه الدروع ومميزة بكلمة صحافة، لكنها ليست واقية ولا توفر أي حماية.

رئيس المكتب الإعلامي الحكومي سلامة معروف يشرح ما تعرضت له الصحافة خلال الحرب على غزة (الجزيرة)

ويرجع الكحلوت عدم امتلاكه لوسائل السلامة إلى عدم توفرها في غزة بسبب قيود الاحتلال، وارتفاع سعرها بالنسبة للصحفيين من أمثاله الذين يحققون عوائد مادية محدودة بالكاد تكفيهم لتلبية الاحتياجات الأساسية لأسرهم.

ولأنه لا يمتلك هذه الوسائل كان الكحلوت خلال تغطيته للحرب في غزة يحرص على الوجود خلف زملاء صحفيين يرتدونها، ويحاول أن يبقى على "مسافة آمنة" من منطقة الخطر، إلا أنه يقول إن هذا الأمر ليس ممكنا في كل الأحوال.

وبفضل الخوذة والسترات الواقية نجا صحفيون من الموت عندما استهدفت مقاتلة إسرائيلية سيارتهم بصاروخ مباشر أصاب مؤخرة السيارة وتناثرت شظاياه إلى داخلها.

وقال الدكتور تحسين الأسطل نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين للجزيرة نت إن النقابة لم تنجح في مرات عدة سابقا وبطرق مختلفة من إدخال هذه وسائل الوقاية إلى غزة جراء الرفض التام من جانب إسرائيل، ليبقى الصحفي في غزة يواجه مصيره في الميدان، ويظل الخطر يتهدد حياته.

المصدر : الجزيرة