ماغندناو في الفلبين.. ساحة قتال ومعاناة إنسانية
صهيب جاسم-جاكرتا
وقال متحدث باسم الجيش الفلبيني إن جنوده أفشلوا أمس الثلاثاء محاولة مقاتلين -بقيادة سلميان تودون- السيطرة على مبان رئيسية في إحدى بلديات الإقليم ذي الغالبية المسلمة، وسعيهم رفع راية تنظيم الدولة الإسلامية عليها.
وقد وردت أنباء عن سقوط قتلى وجرحى من الجانبين لم يتأكد عددهم بعد، كما أدت المواجهات المتفرقة جغرافيا إلى نزوح آلاف المواطنين تفاوتت أعدادهم من بلدية إلى أخرى، وذلك بعد إغلاق بعض الطرق التي توصل بين الأقاليم في الجنوب ذي الغالبية المسلمة، مما فاقم معاناة سكان بعض بلديات إقليم ماغندناو.
وتشهد المعارك استخدام الجيش للمدفعية والقصف الجوي بالطائرات المروحية مما أسفر عن مقتل العشرات من المقاتلين الإسلاميين حسب رواية الجيش، الذي يقول قادته إنهم سيطروا في وقت سابق على معمل لصناعة المتفجرات بأحد معاقل هذا الفصيل المسلح الرافض للتفاوض مع الحكومة.
فصائل منشقة
وتستمر المعارك منذ الشهر الماضي في إقليميْ ماغندناو ولاناو ديل سور في ظل تغطية إعلامية محدودة وغياب وسائل الإعلام الأجنبية، وضعف الاهتمام السياسي بتفاصيلها.
وتدور المعارك خلال هذه الأيام مع ما يعرف بمجموعة "المقاتلين الإسلاميين لتحرير بنغسامور"، وهم ثلاثة فصائل انشقت جميعها قبل سنوات عن جبهة تحرير مورو الإسلامية -التنظيم المسلح الأكبر في جنوب البلاد- التي انخرطت مع الحكومة في مسيرة سلام منذ عقدين، وتتفاوض مع الحكومة لتوسعة صلاحيات الحكم الذاتي الحالي في الجنوب.
وتعود قصة انشقاق مجموعة "المقاتلين الإسلاميين" -قبل أن تنقسم على نفسها إلى ثلاثة فصائل- إلى ما حدث عام 2008 من انتكاسة في مسار المفاوضات، مما دفع مئات من مقاتلي جبهة تحرير مورو الإسلامية إلى تأسيس تشكيل مسلح جديد عرف لاحقا باسم "المقاتلين الإسلاميين لتحرير بنغسامورو"، إلى جانب أسباب سياسية واقتصادية أخرى.
ومع ظهور تنظيم الدولة في العراق وسوريا، أعلن أكثر من فصيل أو جناح لهذه المجموعة مبايعته للتنظيم رغم أنهم تشكلوا قبل ظهوره بسنوات.
معارك توباران
وكان عام 2008 قد شهد إعلان المحكمة الفلبينية العليا بطلان العمل باتفاقية سلام بين الرئيسة الفلبينية السابقة غلوريا ماكبغال أرويو وجبهة تحرير مورو الإسلامية، كانت ستمنح شعب مورو بزعامة الجبهة الحق في توسيع الحكم الذاتي للمسلمين لمساحات واسعة في جنوب البلاد بناء على ما يعرف بحق ملكية المسلمين للأراضي الموروثة عن الأجداد، مما أشعل مواجهات راح ضحيتها المئات وتشرد بسببها الآلاف.
لكن معارك الجيش الفلبيني خلال الأسابيع الماضية مع فصائل ترفع رايات تنظيم الدولة لا يقتصر على إقليم ماغندناو، بل امتدت قبل ذلك إلى بلدة توباران بإقليم لاناو ديل سور، حيث تسبب ذلك في نزوح نحو 16 ألف شخص حسب إحصائية لمفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة صدرت يوم 27 يونيو/حزيران المنصرم، ويشمل ذلك العدد 3426 عائلة.
وقد استولى الجيش على معسكر للمجموعة في ريف بلدة توباران، وتواردت أنباء عن مقتل نحو ستة من المسلحين خلال المواجهات التي شهدت قصفا جويا في الأيام الأولى، لكن دون أن يجد الجيش أثرا للعشرات الآخرين من جماعة ماوتي.
ضعف الاهتمام
ولا تزال عملية تمشيط الجيش مستمرة في تلك المناطق، وقد أعلن الجيش أنه بحاجة إلى مزيد من السلاح والذخائر التي تحدثت وسائل إعلام فلبينية عن تخصيص ميزانية لشرائها لمواجهة ما تبقى من خلايا تنظيم الدولة في جنوب الفلبين.
وتشهد المناطق التي تقع فيها مواجهات مع فصائل ترفع رايات تنظيم الدولة سواء في شمال مندناو أو جنوبها؛ ضعف الحضور والاهتمام من قبل منظمات الإغاثة الأجنبية سواء الآسيوية منها أو الإسلامية أو الغربية، ومعظم ما وزع من مساعدات هو من جهات محلية تابعة للحكم المحلي في مندناو ومنظمات إغاثة محلية، حسبما يروي ناشطون.
وكانت 16 منظمة وهيئة إنسانية وحقوقية قد ناشدت في بيان لها أواخر الشهر الماضي الأطراف المتحاربة والجهات المسؤولة في إقليم ماغندناو تحمّلَ مسؤوليتها في حماية المدنيين العالقين في مناطق النزاع، كما طالبت إدارة الحكم المحلي بالعمل على توفير المساعدات الإنسانية والحماية للمواطنين في تلك المناطق.