غزة ردت على وعد ترامب.. فماذا بعد؟

Palestinian demonstrators gather during a protest against U.S. embassy move to Jerusalem and ahead of the 70th anniversary of Nakba, at the Israel-Gaza border in the southern Gaza Strip May 14, 2018. REUTERS/Ibraheem Abu Mustafa
تساؤلات حول مستقبل مسيرات العودة بعد أن بلغت ذروتها أمس باستشهاد 60 فلسطينيا وجرح أكثر من 2700 (رويترز)
محمد النجار

بينما يستعد الفلسطينيون اليوم الثلاثاء لتشييع شهداء المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال على الحدود مع قطاع غزة، تطرح تساؤلات عن مستقبل المواجهات المستمرة منذ انطلاق مسيرات العودة الكبرى نهاية مارس/آذار الماضي، وبلغت ذروتها أمس مع افتتاح السفارة الأميركية في القدس المحتلة في الذكرى السبعين للنكبة.

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد 60 فلسطينيا برصاص جنود الاحتلال وإصابة نحو 2700 نحو 100 منهم جروحهم خطيرة.

 
وهذه الحصيلة هي الأكبر في يوم واحد منذ انطلاق مسيرات العودة الكبرى التي بدأت في ذكرى يوم الأرض يوم 30 مارس/آذار 2018، إذ تدفقت الجماهير الفلسطينية لنقاط التماس مع قوات الاحتلال، وكانت ذروتها في أيام الجمع التي شهدت سقوط عشرات الشهداء وآلاف الجرحى.
 
وتصاعدت الأسئلة في غزة أمس عن مستقبل المواجهات، وما إذا كان ما جرى يوم الاثنين يشكل نهاية لها في ظل إعلان قيادة مسيرات العودة الكبرى قبل نحو شهرين أنها ستستمر حتى يوم نقل السفارة الأميركية للقدس، والسؤال عما حققته هذه المسيرات للقطاع المثقل بجراح ثلاث حروب خاضها مع إسرائيل، وحصار متواصل منذ 12 عاما.
 

مستقبل المسيرات
وفي وقت غابت فيه الإجابات والتصريحات الصادرة عن قيادات المسيرات، تضاربت الأنباء بين من تحدث عن تواصلها، وبين من اعتبر أنها أدت رسالتها تجاه إسرائيل والولايات المتحدة والعالم.

 
وقبيل مسيرات الاثنين الدامي، كشفت مصادر فلسطينية أن مصر أوصلت رسائل تهديد إسرائيلية إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بتصعيد الموقف ضدها وتنفيذ حملة اغتيال تستهدف قياداتها إذا تصاعدت المواجهات معها.
 
وكان رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية قد زار لساعات قليلة العاصمة المصرية القاهرة الأحد الماضي، والتقى ووفد من الحركة بقيادات جهاز المخابرات المصرية ورئيس الجهاز عباس كامل خاصة.
 
في هذا الإطار يرى الدكتور عدنان أبو عامر أن لا إجابات حاسمة بشأن مستقبل الأوضاع في قطاع غزة بعد مسيرات يوم الاثنين التي شكلت ذروة المواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال.
 
وقال للجزيرة نت -عبر الهاتف من غزة- إن إسرائيل استخدمت الرصاص الحي بكثافة غير مسبوقة لمنع المتظاهرين من اقتحام الحدود نحو أراضيهم المحتلة منذ العام 1948.
 

الهدية.. نكبة جديدة

عدنان أبو عامر:
هناك خشية من أن تكون نتيجة مسيرات العودة الكبرى عنوانا لخذلان جديد تتعرض له غزة، التي تركت كعادتها تذبح في حين اكتفى العرب وحتى القيادة الفلسطينية في رام الله بالفرجة وإطلاق التصريحات التي لا تغيّر من الواقع شيئا

وبرأيه فإن الهدية التي تلقتها إسرائيل من الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم أمس الاثنين أرّخت لنكبة جديدة للفلسطينيين بعد أن حوّل شهداء غزة يوم نقل السفارة الأميركية للقدس إلى يوم عمدوا رفضهم للقرار الأميركي بدمائهم.

 
ويلفت المحلل السياسي إلى أن إسرائيل أطلقت الرصاص بكثافة ليس على صدور الفلسطينيين فقط، بل على أي سعي فلسطيني لتغيير الواقع في قطاع غزة لجهة رفع الحصار، أو تحقيق الفلسطينيين أي نتيجة لمسيراتهم الكبرى.
 
وقال أبو عامر "الفلسطينيون خرجوا في هذه المسيرات وقدموا هذا العدد الكبير من الشهداء لتحقيق ثمن سياسي يغير واقعهم، إضافة لما حققوه من تأكيد على رفض نقل السفارة الأميركية للقدس، وتشكيلهم حائطا قويا ضد أي مشاريع لتصفية قضيتهم".
 
لكن أبو عامر اعتبر أن كل الدماء التي سالت في غزة لم تتمكن من تحريك الشارع في الضفة الغربية لإطلاق انتفاضة جديدة عنوانها القدس وإحباط صفقة القرن.
 

خذلان وفرجة
وتابع "هناك خشية من أن تكون نتيجة مسيرات العودة الكبرى عنوانا لخذلان جديد تتعرض له غزة، التي تركت كعادتها تذبح في حين اكتفى العرب وحتى القيادة الفلسطينية في رام الله بالفرجة وإطلاق التصريحات التي لا تغير من الواقع شيئا".

 
وعن استمرار المسيرات، اعتبر أبو عامر أن هناك نقاشا مستمرا في قطاع غزة بشأن كيفية استثمار الملحمة الكبرى التي سطّرها الفلسطينيون على حدود القطاع، وأشكال استمرار الحراك الجماهيري مع دخول شهر رمضان المبارك.
 
وفي رأيه فإن هناك علامات استفهام تطرح بشأن الدور المصري الذي ضغط لوقف المسيرات في ظل غياب المعلومات عما جرى خلال لقاءات هنية بالقاهرة.
 
وخلص للتحذير من تحويل مسيرات العودة لعنوان إحباط جديد للجماهير، التي قال إن غالبيتها كانت عابرة للفصائلية "ولن تسمح بأي صفقة على حساب دمائها".
 
أما المحلل السياسي ياسر الزعاترة فقال إنه "لا حاجة لاستعادة الجدل بشأن المسيرة وفوائدها".
 
وأضاف في حديث للجزيرة نت "الذين يشككون فيها هم أنفسهم الذين كانوا سيشككون لو كانت هناك مواجهة مسلحة بين المقاومة والاحتلال، حتى لو انتهت كما سابقاتها بعجز الاحتلال عن تركيع القطاع وفرض تسليم سلاحه، تمهيدا لضمّه للمسار الكارثي في الضفة المتمثل بالتعاون الأمني والمفاوضات إلى ما لا نهاية".
 

الفصل الأخير

ياسر الزعاترة:
المشككون في المسيرات هم أنفسهم الذين يوجعون رؤوسنا ليل نهار بأولوية الخطر الإيراني الذي لا نقلل من شأنه، ليس لأنهم لا يفعلون شيئا مهما في مواجهة إيران، بل لأنهم معنيون بمجاملة ترامب بتصفية القضية وتمرير شروطه للحل السياسي التصفوي

الزعاترة اعتبر أن الفصل الأخير لمسيرات العودة أمس الاثنين "عطّرته دماء الشهداء والجرحى وتزامنت مع حفل نقل السفارة، وأعادت التأكيد على أبجديات القضية الفلسطينية من حيث هي قضية لاجئين وشعب تم تهجيره من أرضه، فضلا عن رفعها شعار القدس التي لم ولن يتم التنازل عنها مهما كانت التضحيات".

 
وتابع "حين تكون في مواجهة عدو مدجج بأدوات القوة كما هي حال الكيان الصهيوني، فإن الحل ليس في نشر دعوات الاستسلام أو تجريب المجرّب، بل في إدامة الصراع بكل وسيلة ممكنة وجعل الاحتلال مكلفا، وإحباط المؤامرات التي تُحاك لتصفية القضية، وهنا تكمن أهمية المسيرة، وهو ذاته ما يفسّر هستيريا الاحتلال في مواجهتها".
 
وذهب الزعاترة للتأكيد على أن مسيرات العودة "نجحت وفي الوقت ذاته أحرجت بعض العرب اللاهثين خلف رضا ترامب، وفضحت الغزاة ومواقفهم من الحلول، كما فضحت نهج السلطة الذي طالما تحدث عن المقاومة الشعبية من دون أن يترجمها على أرض الواقع، وظل يكرّس سلطته البائسة في خدمة الاحتلال، بينما يتصاعد التهويد والاستيطان بلا رادع".
 
وخلص المحلل السياسي لاعتبار أن ما شهدته غزة لا يبتعد عما يجري في المنطقة، وقال "المشككون في المسيرات هم أنفسهم الذين يوجعون رؤوسنا ليل نهار بأولوية الخطر الإيراني الذي لا نقلل من شأنه، ليس لأنهم لا يفعلون شيئا مهما في مواجهة إيران، بل لأنهم معنيون بمجاملة ترامب بتصفية القضية وتمرير شروطه للحل السياسي التصفوي".
المصدر : الجزيرة