استنكار واسع لعريضة تستهدف مسلمي فرنسا والقرآن

الصورة الرئيسية مسجد باريس الكبير خاص الجزيرة نت
العريضة طالبت بحذف آيات من القرآن بحجة التحريض (الجزيرة نت)
هشام أبو مريم-باريس

انتقدت منظمات وشخصيات يهودية وفرنسية إضافة إلى المنظمات الإسلامية عريضة موقعة من ثلاثمئة شخصية فرنسية معروفة -ضمت سياسيين ومثقفين وفنانين- اتهمت الإسلام والمسلمين بمعاداة السامية، كما دعت لحذف آيات في القرآن الكريم تزعم أنها تحرض على قتل اليهود والمسيحيين والكفار.
 
ففي الوقت الذي وقعت فيه على العريضة المثيرة للجدل شخصيات فرنسية عدة معروفة بولائها لإسرائيل -مثل الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء الأسبق مانويل فالس– فقد استهجن "الاتحاد اليهودي الفرنسي من أجل السلام" المناهض للصهيونية العريضة، معتبرا إياها نصا عنصريا معاديا للمسلمين وللإسلام.

واستنكر الاتحاد اليهودي -في بيان وصل الجزيرة نت- اتهام القرآن بالتحريض على قتل اليهود، وتساءل "لماذا لا يتم التطرق إلى النصوص العنيفة والدموية بالتوراة التي حرفت من طرف الصهاينة، والتي تدعو بشكل صريح إلى إبادة وقتل الفلسطينيين، وطردهم من ديارهم دون رحمة ولا شفقة؟".

كما اعتبر البيان أن اتهام المسلمين بمعاداة السامية محاولة لطمس الحقائق التاريخية، لأن اليهود تعرضوا لأبشع الانتهاكات، بينها القتل والترحيل بالآلاف، على يد الحكومات الفرنسية التي تعاونت مع النازية في القرن الماضي.

‪الحاخام هاغاي‬ (الجزيرة نت)
‪الحاخام هاغاي‬ (الجزيرة نت)

وفي السياق ذاته، قال الحاخام اليهودي غابريال هاغاي إن نص العريضة الذي يتهم مسلمي فرنسا بمعاداة السامية ينضح بالجهل والعنصرية تجاه المسلمين، وهذا أمر مرفوض ومستهجن.

وفي تصريح للجزيرة نت، أكد هاغاي -الذي أطلق عريضة إلكترونية تضامنا مع مسلمي فرنسا- أن هناك أطرافا سياسية من اليسار واليمين تستغل قضية معاداة السامية في فرنسا من أجل شيطنة الديانة الإسلامية، ولتبرير حقدها وعنصريتها تجاه المسلمين، حسب وصفه.

كما أوضح الأكاديمي في جامعة السوربون أن الإرهابيين يحرفون النصوص القرآنية حسب هواهم، كما أنهم يستهدفون المسلمين وليس اليهود والمسيحيين فقط.

الدفاع عن إسرائيل
بدوره عبّر وزير الداخلية الأسبق ورئيس "مؤسسة الإسلام في فرنسا" جان بيار شوفانمون عن رفضه لما جاء في العريضة، مشددا على أن اتهام المسلمين بمعاداة السامية أمر خطير لأن فيه تعميما يجافي الحقيقة والواقع، ويغذي النعرات الطائفية في فرنسا، وهو ما قد يؤدي لنشوب حرب أهلية، حسب وصفه.

كما اتهم المرشح السابق للانتخابات الرئاسية والمتحدث باسم الحزب اليساري المناهض للرأسمالية فيليب بوتو الموقعين على العريضة، واعتبر أن معاداة السامية منتشرة في صفوف اليمين المحافظ واليمين المتطرف أكثر مما هي عليه في أوساط شباب الضواحي من أصول عربية.

واعتبر بوتو -في حوار مع قناة "بي أف أم" الفرنسية- أن الهدف الرئيسي من العريضة هو الدفاع عن إسرائيل وحكومة نتنياهو، ومحاولة للجم كل الأصوات التي تنتقد السياسات الاستيطانية والاستعمارية للدولة العبرية في فلسطين.

أوبرو: القرآن دعا لقتال المعتدين وليس قتل اليهود أو المسيحيين(الجزيرة نت)
أوبرو: القرآن دعا لقتال المعتدين وليس قتل اليهود أو المسيحيين(الجزيرة نت)

وأصدرت كبرى المنظمات الإسلامية -بينها المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية- بيانا عبرت فيه عن رفضها القاطع لما جاء بالعريضة. وفي تصريح للجزيرة نت قال أنور كبيبش نائب رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية إن ما جاء في العريضة غير مقبول ومستهجن لأنه يربط بشكل مباشر بين الإسلام ومعاداة السامية، وهو ما لن يقبله أي مسلم في فرنسا.

وأضاف كبيبش أن الموقعين على هذا النص -المليء بالمغالطات- ارتكبوا خطأ فادحا لأنهم جعلوا من المسلمين كبش فداء عوض أن يكونوا حلفاء لهم وفي الخندق نفسه لمواجهة كل أشكال العنصرية ومعاداة السامية في فرنسا.

وأوضح أن المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية كان قد أصدر قبل أربع سنوات وثيقة يشدد فيها على وقوف مسلمي فرنسا إلى جانب إخوانهم اليهود، ويحرم على أي أحد مسهم بأذى أو التعرض لهم بسوء قولا أو فعلا، كما قام بحملات توعية بين الشباب المسلمين من أجل الانخراط في محاربة كل أشكال العنصرية ومعاداة السامية.

مزاعم سخيفة

كبيبش: أصدرنا قبل أربع سنوات وثيقة تشدد على وقوف مسلمي فرنسا لجانب إخوانهم اليهود(الجزيرة نت)
كبيبش: أصدرنا قبل أربع سنوات وثيقة تشدد على وقوف مسلمي فرنسا لجانب إخوانهم اليهود(الجزيرة نت)

وعبر العالم والكاتب الفرنسي الشيخ طارق أوبرو عن صدمته من مطالب الموقعين بحذف آيات قرآنية يزعمون أنها تحرض على قتل اليهود والمسيحيين.

وقال -في حديثه للجزيرة نت- إن هذه المزاعم مشينة ومعيبة وسخيفة لأن القرآن الكريم دعا إلى قتال المعتدين ولم يدع قط إلى قتل اليهود أو المسيحيين في نصوصه الشرعية.

ولفت أوبرو -وهو إمام المسجد الكبير بمدينة بوردو (جنوب غرب)- إلى أن مسلمي فرنسا باتوا بين مطرقة جماعة من الإرهابيين الدمويين الذين يحرفون آيات قرآنية تطرقت للجهاد في سياق تاريخي معين لأغراض سياسية، وبين سندان أطراف سياسية فرنسية تستغل هذه الآيات نفسها للتهجم على الإسلام والمسلمين وشيطنتهم.

المصدر : الجزيرة