أوبر وكريم.. لماذا تطلب السلطات المصرية بيانات الركاب؟

البرلمان يسعى لسن قانون يسمح لأجهزة الدولة الأمنية الحصول على بيانات عملاء شركتي "أوبر وكريم" دون إذن قضائي الصورة خاصة للجزيرة نت
البرلمان يسعى إلى سن قانون يسمح لأجهزة الدولة الأمنية بالحصول على بيانات عملاء شركتي "أوبر" وكريم" (الجزيرة)

 عبد الرحمن محمد- القاهرة

يستعد مجلس النواب المصري لمناقشة مشروع قانون من شأنه تنظيم عمل شركتي "أوبر" و"كريم" لسيارات الأجرة الخاصة خلال الأسبوع القادم مع بداية عودة الجلسات العامة للمجلس، في ظل جدل واسع بشأن اثنتين من مواده يرى مراقبون أنهما تنتهكان خصوصيات عملاء الشركتين وتتعارضان مع مواد الحريات بالدستور.

وكانت لجنة النقل والمواصلات في المجلس قد وافقت بشكل مبدئي على مشروع القانون الذي يسعى البرلمان لإقراره سريعا بعد حكم محكمة الأمور المستعجلة بوقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري القاضي بوقف تراخيص الشركتين إلى حين الفصل في القضية المنظورة أمام المحكمة الإدارية العليا.

‪‬ شحادات: للدولة الحق في تنظيم الأعمال في القطاعات المختلفة
‪‬ شحادات: للدولة الحق في تنظيم الأعمال في القطاعات المختلفة

وشهدت جلسة الاستماع في البرلمان خلافا بين نواب وممثلي الشركتين بشأن مادتي القانون التاسعة والعاشرة، حيث تلزم الأولى الشركتين بربط قواعد بيانات عملائهما بما سمتها "الجهات المختصة" دون اشتراط حصول على إذن قضائي مسبب حسبما يقضي الدستور، في حين تنص الثانية على إلزامهما بأن تكون خوادمهما الخاصة بقواعد البيانات والمعلومات داخل مصر.

رفض وانتهاك
وترفض الشركتان المادتين، حيث تريان فيهما انتهاكا لمبدأ سرية بيانات عملائهما المستفيدين من الخدمة وشركائهما من سائقي السيارات.

ففي تصريحات صحفية شدد المدير التنفيذي لشركة "كريم" رامي كاطو على ضرورة أن تتم معاملة شركته مثل شركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات التي يحميها الدستور في حفظ سرية بيانات العملاء، وأن تتم مخاطبة الشركة عن طريق النيابة العامة في حال طلب الحصول على بيانات أحد العملاء.

كما استنكرت مديرة السياسات في شركة "أوبر" رنا قرطام انتهاك مشروع القانون لحرمة الحياة الخاصة المكفولة للمواطنين بالدستور، مشددة في مداخلة تلفزيونية على أن شركتها ملتزمة بحماية بيانات عملائها، وعلى ضرورة وجود أمر قضائي مسبب حتى تقدم الشركة بيانات ومعلومات للجهات الأمنية.

تتبع ورصد
ويرى مراقبون أن دافع الحكومة في إدراج المادتين هو تتبع تحركات معارضي السلطة ورصد التحركات الفردية أو الجماعية، معولة على أن الشركتين بحاجة إلى تقنين أوضاعهما، مما سيضطرهما في النهاية للقبول بالقانون بالصورة التي سيصدرها البرلمان.

ويبدو أن إصرار الشركتين على رفض المادتين دفع النظام إلى محاولة تجاوز الخلاف بإلغاء المادة العاشرة، وإعادة صياغة المادة التاسعة (حسب تصريح لرئيس لجنة النقل والمواصلات بالبرلمان هشام عبد الواحد) والتي لا تزال تتضمن إتاحة الحق للجهات الأمنية الاطلاع على بيانات الشركتين في أي وقت.

وبينما يرى الخبير في العلاقات العامة والإعلام الرقمي بسام شحادات أن للدولة الحق في تنظيم الأعمال في القطاعات المختلفة -ومنها قطاعا الاتصالات والمواصلات- إلا أن ذلك لا يخول لها انتهاك الخصوصية واستغلال الجهات العاملة في تلك القطاعات للحصول على معلومات وبيانات عملائها المختلفين، سواء كانوا مقدمي خدمة أو مستفيدين.

‪‬ أبو الفتوح: الإصرار على إتاحة بيانات عملاء شركات للأجهزة الأمنية دليل على الخوف(الجزيرة)
‪‬ أبو الفتوح: الإصرار على إتاحة بيانات عملاء شركات للأجهزة الأمنية دليل على الخوف(الجزيرة)

ونشر موقع "ذا إنترسبت" الأميركي أمس الخميس تقريرا تناول مشروع القانون المزمع إصداره، متوقعا أن "تكون له عواقب وخيمة على خصوصية وسلامة المواطنين في بلد سيئ السمعة بشأن المراقبة والقمع الحكومي".

واعتبر رئيس لجنة القوى العاملة في مجلس الشعب المصري السابق صابر أبو الفتوح أي محاولة لاستغلال تلك الشركات والحصول من خلالها على بيانات مواطنين بمثابة وضع "تجسس ورقابة" يخالف الدستور القائم، فضلا عن مخالفته القانون الدولي والحريات العامة المتعارف عليها.

دوافع بوليسية
ويرى أبو الفتوح في حديثه للجزيرة نت أن إصرار النظام على إتاحة حق الحصول على بيانات ومعلومات عملاء تلك الشركات للأجهزة الأمنية دليل على كونه نظاما بوليسيا قمعيا يخاف من المواطنين ولا يمانع وضعهم تحت المراقبة الأمنية بدعوى الحفاظ على الأمن القومي.

ووفقا لسياسة الخصوصية الخاصة بـ"أوبر"، فإن المعلومات التي تطلبها من عملائها (اختياريا) تشمل الاسم والبريد الإلكتروني ورقم الهاتف والعنوان والمعلومات المصرفية وأرقام التعريفات الحكومية وتاريخ الميلاد والصور، وهي بيانات كافية لرصد سلوك أصحابها وحركاتهم عن كثب.

‪عبد المنصف: الغرض الرئيس من مشروع القانون هو المزيد من إحكام القبضة الأمنية المعلوماتية‬  (الجزيرة)
‪عبد المنصف: الغرض الرئيس من مشروع القانون هو المزيد من إحكام القبضة الأمنية المعلوماتية‬  (الجزيرة)

وفي تعليقه على مشروع القانون يرى مدير المنظمة السويسرية لحماية حقوق الإنسان علاء عبد المنصف أن الغرض الرئيس منه هو المزيد من إحكام القبضة الأمنية المعلوماتية بحجج واهية تتعلق بالمصطلحات الفضفاضة التي لا تعريف محددا لها، كالأمن القومي والصالح العام.

ويعد الإصرار على عدم اشتراط أخذ إذن قضائي مسبب قبل الحصول على معلومات عملاء هذه الشركات -بحسب رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام مصطفى خضري- أمرا متوقعا من قبل النظام المصري، كونه -حسب توصيفه- نظاما قمعيا مفتقرا للشعبية، وهو ما يدفعه إلى الاعتماد على أجهزته الأمنية في ملاحقة مواطنيه.

ويلفت خضري في حديثه للجزيرة نت إلى أنه إذا قبلت هذه الشركات بما يسعى النظام إلى تحقيقه من هذا القانون فستكون متورطة في تمرير هذه الانتهاكات غير الدستورية، وهو ما سيعطي مساحة قانونية لملاحقتها قضائيا على المستوى الدولي.

المصدر : الجزيرة