تجريم صباحي ورفاقه.. الانقلاب يأكل أبناءه

Egypt's leftist presidential candidate Hamdeen Sabahi greets supporters before a rally in Banha, northwest of Cairo May 7, 2014. Egyptians will vote in presidential elections on May 26 and 27. REUTERS/Mohamed Abd El Ghany (EGYPT - Tags: POLITICS ELECTIONS)
صباحي كان واحدا من زعماء جبهة الانقاذ التي قادت الانقلاب على الرئيس مرسي وجاءت بالسيسي (رويترز-أرشيف)
محمد النجار-الجزيرة نت

بعد إطاحته بحلفائه العسكريين، يدخل نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي جولة مواجهة جديدة مع سياسيين أيدوا انقلابه على نظام الرئيس المعزول محمد مرسي، وتحول هؤلاء من قادة في "جبهة الإنقاذ" التي جاءت بالسيسي رئيسا إلى متآمرين على نظامه لأنهم تجرؤوا على معارضته.
فقد أحال النائب العام المصري أمس الاثنين للتحقيق 13 قياديا في الحركة بتهمة التحريض على قلب نظام الحكم.
 
ومن بين المحالين المرشح السابق لانتخابات الرئاسة حمدين صباحي، ورئيس حزب الدستور خالد داود، ورئيس حزب الكرامة محمد سامي، والسياسي جورج إسحق، ووزير الصحة الأسبق عمرو حلمي.
 
وجاء في البلاغ المقدم من المحامي محمد حامد سالم أن المتهمين شاركوا في عقد مؤتمر صحفي يدعو إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية المقررة الشهر المقبل بغرض إثارة الرأي العام والتحريض ضد الدولة والإساءة إليها في الداخل والخارج.
كما ذكر البلاغ أن هؤلاء الأشخاص قد شنوا حملة تشويه متعمدة للإضرار بالأمن والاقتصاد القومي المصري وإسقاط الدولة للأبد.
 

انتقاد السيسي
وكانت الحركة المدنية -التي تضم ثمانية أحزاب و150 سياسيا وناشطا- أصدرت قبل أيام بيانا تنتقد فيه تصريحات السيسي التي أدلى بها الأربعاء الماضي.

 

وقالت في بيانها إن محاولة السيسي ربط الأمن والاستقرار في مصر بشخصه وبقائه في منصبه "نوع من محاولة إشاعة الخوف لدى الناخب المصري بما يقوض مبدأ حرية ونزاهة المنافسة الانتخابية".

 
وكان رئيس الجمهورية قال الأربعاء الماضي منفعلا "من يريد العبث في مصر ويضيعها لا بد أن يتخلص مني أولا، استقرار مصر ثمنه حياتي أنا وحياة الجيش".
 

وكانت السلطات قد اعتقلت الشهر الماضي قائد الجيش السابق الفريق سامي عنان بعد أن أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية.

وقبل عنان، أعلن المرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق انسحابه من السباق بعد أن تعرضه وفق مقربين منه لضغوط من جانب النظام بعد عودته قادما من الإمارات التي أعلن منها أن أبو ظبي تحتجزه وتمنعه من السفر بعد إعلانه نيته الترشح للانتخابات.
وآثر المرشح خالد علي الانسحاب من المشهد الذي خلا للسيسي، حيث لا ينافسه فيه الآن سوى رئيس حزب الغد موسى مصطفى الذي ترشح في اللحظات الأخيرة ولا يملك فرصا حقيقية للمنافسة.
 

ويُعد صباحي أحد أبرز المحالين للنيابة، حيث نافس السيسي في انتخابات عام 2014، وأدى حصوله على نتائج متواضعة لوصفه من قبل معارضين للنظام بأنه مثل دور "الكومبارس".

هجوم مزدوج
وتنوعت ردود فعل المؤيدين والمعارضين للنظام على قرار إحالة قادة الحركة المدنية للتحقيق بتهم خطيرة، لكن ما جمع غالبيتهم كان الهجوم بشكل لافت على صباحي ورفاقه.

 
وسارع مؤيدو السيسي لتوزيع التهم على قادة الحركة ووصفهم تارة بالتحالف مع جماعة الإخوان المسلمين التي يصنفها النظام حركة إرهابية، أو اعتبارهم لا يمثلون أحدا.
وفي هذا السياق، اتهم الكاتب محمد صلاح بصحيفة الحياة اللندنية زعماء الحركة بأنهم من "حلفاء الإخوان وداعميهم" واعتبر أن دعوتهم لمقاطعة الانتخابات سببها عجزهم عن تقديم مرشح يحظى بدعم شعبي ينافس السيسي.
وانشغل إعلاميون مؤيدون للسيسي في حفلات هجاء لصباحي ورفاقه، لدرجة أن نقيب الصحفيين الأسبق والرئيس الحالي للهيئة العامة للاستعلامات ضياء رشوان وصف بيان التحالف بـ "الجريمة" خلال حديثه لإحدى القنوات المحلية.
 

على الطرف الآخر، هاجم معارضون للانقلاب الحركة المدنية وقادتها، وأعادوا تذكيرهم بمواقفهم المؤيدة للانقلاب على الحكم المدني عام 2013، لدرجة أن بعضهم اعتبر أن ما يحدث لهم من تحقيق وربما محاكمة "أمر يستحقونه لأنهم شاركوا بالانقلاب".

ضرب المعارضين
ولا يستغرب الكاتب والمحلل السياسي سليم عزوز ما حدث مع قادة الحركة المدنية، وقال للجزيرة نت إن السيسي يطبق مع معارضيه المثل الشعبي "اضرب المربوط ليخاف السايب".

 
وقال عزوز "حذرت القوم في بداية الانقلاب من مغبة ذلك، فالعسكريون كالنار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله، وجمال عبد الناصر انتقم من كل حلفائه، سواء من القوى المدنية أو من العسكريين".

وتابع "السيسي لديه مشكلة مع هؤلاء، أنهم كانوا من الذين خرجوا على نظام مبارك، ورغم أن الثورة رقته وزيرا للدفاع، وجاء الانقلاب ليجعل منه حاكما للبلاد، إلا أنه كاره لها ولكل من شارك فيها، ويراهم خطرا على حكمه".

وبرأي الكاتب فإن هناك إشارات سبق أن كشفت عما في داخل السيسي، عندما أراد الدفع بداية انقلابه بهؤلاء للسجن فيما عرف بالقضية 250 الخاصة وبعدد ممن شاركوا في الثورة، وتم الاعلان عن أن النائب العام قرر بدء التحقيق".
 

انتقام من الثورة
وأشار عزوز إلى أن السيسي "ضرب عنان، في رسالة لهذا المعسكر، ويأتي تحريك هذه القضية استكمالا لمهمة ضرب المربوط، وللانتقام منهم للمشاركة في الثورة، ومخافة أن يكونوا على رأس ثورة أخرى يخشاها".

 
وخلص المحلل السياسي للقول إن السيسي وإن كان قد استفاد من الغطاء المدني الذي شكله هؤلاء لانقلابه العسكري، فإنه يخشى منهم أن يكونوا غطاء مدنيا لأي انقلاب آخر في الطريق سيكون هدفه الإطاحة به هذه المرة".
ويبدو أن المشهد -الذي يسعى السيسي لاستغلاله لتكريس نفسه رئيسا دون أي معارضة حتى لو كانت شكلية- سيظل مفتوحا على كافة الاحتمالات، وعنوانها فيما يبدو منع العمل السياسي بعد أن مارس الرئيس قبل أيام حفلة هجاء للسياسيين بعد أن اعترف أنه ليس سياسيا.
المصدر : الجزيرة + وكالات + الصحافة المصرية