لماذا غادرت "أوبر" المغرب؟

وقفة احتجاجية سابقة ضد شركة أوبر.
وقفة احتجاجية سابقة ضد "أوبر" (الجزيرة نت)

سناء القويطي-الرباط

أعلنت "أوبر" المتخصصة في تكنولوجيا النقل منذ أيام تعليق خدماتها في المغرب، وأنهت الشركة بقرارها جدلا رافقها منذ تأسيسها قبل ثلاث سنوات.

وعزت "أوبر" التي كانت تمارس أنشطتها في الدار البيضاء والرباط وسلا قرارها الذي وصفته بـ "الاضطراري" إلى غموض التشريعات الحالية التي لم تستوعب نموذج الشركة، ولم تسمح لها بتوفير تجربة آمنة تلبي متطلبات العملاء سواء السائقين أو الركاب.

وأشارت في بيان إلى أن أكثر من 19 ألف شخص كانوا يتنقلون مع "أوبر" بانتظام، وثلاثمئة سائق كانوا يستعملون التطبيق.

‪سائقو أجرة يحاصرون سائقا يعمل مع
‪سائقو أجرة يحاصرون سائقا يعمل مع "أوبر" بأحد شوارع الدار البيضاء‬ سائقو أجرة يحاصرون سائقا يعمل مع "أوبر" بأحد شوارع الدار البيضاء (الجزيرة نت)

وواجهت الشركة -التي كانت تعد خطة للتوسع في مدن مغربية أخرى- صعوبات في نقل زبائنها بسبب احتجاجات وشكايات سائقي سيارات الأجرة الذين اعتبروا نشاطها مخالفا للقانون، ويخرق مبدأ المنافسة الشريفة ويهدد قوتهم اليومي.

وكانت "أوبر" الأميركية متعددة الجنسيات قد واجهت احتجاجات مماثلة في مصر وفرنسا وإسبانيا. وأصدرت محكمة العدل الأوروبية نهاية العام الماضي قرارا قضائيا اعتبر هذه الخدمة تشمل مجال النقل، ويجب أن تخضع للقواعد المفروضة على سيارات الأجرة.

ارتياح وتوجس
وفور إعلان الشركة تعليق خدماتها، سادت حالة من الارتياح وسط سائقي سيارات الأجرة لكنهم ظلوا متوجسين بسبب وجود شركات أخرى تشتغل بنفس الأسلوب.

‪شعون: أوبر تعمل بدون ترخيص وتعتمد سائقين غير مهنيين‬ شعون: أوبر تعمل بدون ترخيص وتعتمد سائقين غير مهنيين (الجزيرة نت)
‪شعون: أوبر تعمل بدون ترخيص وتعتمد سائقين غير مهنيين‬ شعون: أوبر تعمل بدون ترخيص وتعتمد سائقين غير مهنيين (الجزيرة نت)

وقال مصطفى شعون الكاتب العام الوطني للمنظمة الديمقراطية للنقل إن نموذج شركة "أوبر" لا يناسب البيئة المغربية، مشيرا في حديث للجزيرة نت إلى أنها كانت تشتغل خارج القانون وبدون ترخيص وتعتمد على سائقين لا تتوفر فيهم شروط الممارسة المهنية التي حددها قانون النقل المغربي مما شكل خطرا على الركاب.

واستغرب صمت الحكومة إزاء الاحتجاجات التي استمرت ثلاث سنوات وتجاهلها الصراع الذي عرفته الشوارع بين سائقي "أوبر" وسائقي سيارات الأجرة التقليدية، الأمر الذي كان "يهدد السلم الاجتماعي".

ولم يكتف سائقو سيارات الأجرة بتنظيم وقفات احتجاجية ومسيرات محلية ووطنية وإصدار البيانات ولقاء المسؤولين، بل كانوا يترصدون السيارات التي تشتغل وفق تطبيق "أوبر" ويتعقبونها في الشوارع ويمنعونها بالقوة من نقل المواطنين.

توالي الشكايات والاحتجاجات والاعتداءات المتكررة على سائقي تطبيق "أوبر" دفعت الوالي السابق لجهة الدار البيضاء خالد سفير إلى رفع دعوى قضائية ضد الشركة، وإصدار بيان يعتبر نشاطها غير قانوني.

واشتكت النقابات المهنية لسائقي الأجرة من الخسائر التي تكبدها العاملون بهذا القطاع الذي يوفر ثلاثمئة ألف فرصة عمل، ووفق شعون فإن "أوبر" استحوذت على ما يقارب 6 -7% من الخدمات اليومية بمدينة الدار البيضاء أساسا وفي الرباط وسلا، لافتا إلى أن الخسارة بلغت حوالي ثلاثين مليون درهم (ثلاثة ملايين دولار).

وبعد أن دعا إلى تفكير جماعي في مرحلة ما بعد رحيل "أوبر" وغيرها من شركات النقل الذكي، أكد شعون ضرورة تقديم بديل يرضي المواطنين ويحسن ظروف اشتغال المهنيين، مشيرا إلى أن عقد مناظرة وطنية بدعوة من الحكومة سيمكن من تأهيل القطاع وإصلاحه جذريا.

الحلقة الأضعف
مقابل ارتياح سائقي سيارات الأجرة، أعرب مستعملو تطبيق "أوبر" عن استيائهم لوقف الشركة خدماتها، معتبرين أن هذا القرار يجعلهم تحت رحمة سائقي سيارات الأجرة التقليدية.

"أوبر" واجهت احتجاجات متكررة

ويشتكي المواطنون من رداءة خدمات بعض سائقي سيارات الأجرة وتعاملهم المزاجي مع الزبائن، إذ يرفضون ركوبهم في ساعات معينة، أو يمتنعون عن أخذهم للوجهات المرغوبة، إلى جانب عدم استعمال العداد في بعض المدن ليخضع ثمن الرحلة لتقدير السائق.

واستنكر بوعزة الخراطي رئيس الجمعية المغربية لحماية وتوجيه المستهلك تعنت "مافيا ولوبي سائقي سيارات الأجرة". واعتبر في حديث للجزيرة نت أن غياب المنافسة جعل المستهلك الحلقة الأضعف، مشيرا إلى أن السلطة عجزت عن مواجهة هذا اللوبي وحماية مصالح المواطنين.

ودعا الخراطي إلى تعديل القانون المنظم لجمعيات حماية المستهلك الذي يحرمها من اللجوء إلى القضاء في حالة تضرر مصالح المستهلكين، مؤكدا أن المعركة الأساسية في مثل هذه الملفات تحسم بالمحاكم.

من جهته، لم يخف محمد الحراق الكاتب العام الوطني للنقابة الوطنية لسائقي الأجرة الحاجة الملحة لتجويد خدمات النقل العمومي، معتبرا أن هذه الخدمة اجتماعية وعلى السائقين المهنيين احترام قواعدها وتطبيق القانون.

المصدر : الجزيرة