المرشح موسى مصطفى.. "محلل" رئاسة السيسي

Ghad party chairperson Mousa Mostafa Mousa leaves the National Election Authority, which is in charge of supervising the 2018 presidential election, in Cairo, Egypt January 29, 2018. REUTERS/Mohamed Abd El Ghany
موسى مصطفى محاطا بالأمن أثناء مغادرته مقر الهيئة الوطنية للانتخابات بالقاهرة بعد إيداع ملف ترشحه (رويترز)
زهير حمداني
 
يهرع رئيس "حزب الغد" موسى مصطفى موسى في اللحظة الأخيرة قبل غلق باب الترشح لرئاسيات 2018 ليمد طوق النجاة  للسيسي، ويريحه من عبء المرشح الأوحد وتداعياته ، واضعا نفسه ضمن  شخوص مسرحية كوميدية لا يلعب فيه غير دور "سوبر كومبارس"، كما يقول المعارضون.

 

خرج موسى من الصفوف الأولى لحملة "مؤيدون"، التي رفعها وحزبه الداعم بقوة لترشح السيسي، ليصبح منافسه الوحيد في رئاسيات مارس/آذار المقبل، بعدما قدّم أوراق ترشحه الاثنين قبل دقائق من غلق باب الترشحات، مرفقة بتزكية 27 نائبا.
 
وحتى بعد تقديم ترشحه، كانت صفحته على فيسبوك تتضمن صورة السيسي متبوعة بعبارة "نؤيدك رئيسا لمصر"، ليسخر بعض المغردين من ذلك بقولهم إنه "يقوم بحملتين له وللسيسي". وفي عام 2014 كان موسى أطلق حملة "كمل جميلك يا شعب" التي طالبت بترشح السيسي.
 
ويتندر الكثير من المصريين بأن موسى "مرشح من جهة أمنية"، في استعارة لعنوان فيلم  شهير، كما يستعيرون من الأعمال السينمائية والحالة الاجتماعية المصرية والعربية مصطلح "المحلل"، في إشارة إلى أن موسى منح "شرعية زائفة" لترشح السيسي وفترته الرئاسية المقبلة.
 
السيسي بحث عن مرشح لا يشكل تهديدا حقيقيا لسيطرته على السلطة (رويترز)
السيسي بحث عن مرشح لا يشكل تهديدا حقيقيا لسيطرته على السلطة (رويترز)
الخيار الأخير
ويشير المعارضون إلى أن حزب الغد -الذي شهد انقسامات كان موسى سببا فيها- لا يملك أي مقعد في البرلمان، لكن رئيسه موسى تمكن من جمع 27 توكيلا من نواب المجلس بسرعة قياسية، تؤكد أنه "محلل" النظام، وفق تعبيرهم.
 
وتساءل المرشح الرئاسي السابق وزعيم حزب "غد الثورة" (الغد سابقا) أيمن نور عن كيفية جمع موسى 27 ألف توكيل انتخابي في عشرة أيام فقط، بينما لم يستطع الحصول على توكيل واحد من توكيلات حزب الغد عام 2004 حتى من أسرته أو أقاربه أو جيرانه خلال فترة ستة  أشهر كاملة.
 
وفي تغريدة له تتعلق بالمرشح موسى يقول نور "يتقدم الآن كمحلل للفرعون ودوره بالصور والمستندات في جريمة حرق مقر حزب الغد عام 2008، من أراد الترشح لفقت له القضايا وأتوا بأصحاب السوابق ليخوضوا الانتخابات.. حقا إنه زمن العجائب".
 
وكان موسى مؤسسا لحزب الغد مع أيمن نور، وشغل منصب نائب الرئيس، وتشير المعطيات إلى أنه عمل على تقسيم الحزب وتشتيته بإيعاز من نظام حسني مبارك، بعدما تصاعد دوره السياسي خلال عامي 2006 و2007.
 
ويشير معارضون إلى أن حزب الغد تلاشى بعد انقسامه والمضايقات التي تعرض لها مؤسسه أيمن نور، لكن موسى واصل ترؤسه الحزب رغم قضايا كثيرة اتهم فيها، تتعلق "بالاغتصاب والبلطجة"
-مثل ما نشره ناشطون ومعارضون- كانت كفيلة بمنعه من الترشح في الانتخابات الحالية.
 

‪أيمن نور: ترشح موسى يشير إلى مهزلة في الحياة السياسية المصرية‬ (الجزيرة)
‪أيمن نور: ترشح موسى يشير إلى مهزلة في الحياة السياسية المصرية‬ (الجزيرة)
موت السياسة
ويقول معارضون إن موسى استدعي على عجل، ورتبت أوراق ترشحه بعد سقوط ورقة ترشح رئيس حزب الوفد السيد البدوي إثر قرار الهيئة العليا للحزب برفض ترشحه، بوصفه لا يتناسب مع تاريخ الحزب، المؤيد أصلا لترشح السيسي.
 
ويحاول المرشح الأخير موسى مصطفى -الذي يدور الجدل أيضا حول مؤهلاته العلمية- أن يصبغ الجدية على ترشحه، نافيا في المؤتمر الصحفي لدى إعلان ترشحه صفة أنه "مرشح الديكور"، مؤكدا أنه منافس جدي، غير أنه تجاوز العديد من الأسئلة المحرجة حول التوكيلات وطريقة جمعها.
 
ويتندر المعارضون من البرنامج الانتخابي "المتكامل" -الذي أُعد بدوره على عجل- حول تمليك الشباب خمسة آلاف مصنع، ورفع دخلهم إلى 15 ألف جنيه خلال ستة أشهر، والوصول بالدخل الشهري إلى 23 ألف جنيه شهريا للشباب في عهده.
 
ويرى الكثير من المعلقين في مواقع التواصل الاجتماعي أن موسى "مرشح  اللحظة الأخيرة الخاسر سلفا"، ليس لديه ما يقدمه للمصريين، وهو مجرد أداة لتجميل الواجهة الانتخابية لنظام السيسي.

ويؤكد رئيس حزب "غد الثورة" أيمن نور أن ترشح موسى للانتخابات الرئاسية "يثبت أننا أمام مهزلة تاريخية وغير متصورة في الحياة السياسية المصرية".

 
ويرى آخرون أن ترشح موسى بطريقة إخراجه الرديئة لم يكن مستغربا في لحظة تشهد "موتا حقيقيا للسياسة في مصر"، واتجاه النظام نحو وضع قواعد العمل السياسي على مقاسه، وإفراغ الساحة من المرشحين للرئاسة والمنافسين الجديين (كما في حالة أحمد شفيق وسامي عنان).
 
وكتعبير عن رفض الحالة، أصدرت شخصيات سياسية مصرية بارزة (وهم المرشحان السابقان للرئاسة عبد المنعم أبو الفتوح ومحمد أنور السادات، والمرشحان السابقان لمنصب نائب رئيس الجمهورية حازم حسني وهشام جنينة، وعصام حجي المستشار الأسبق لرئاسة الجمهورية) بيانا مشتركا، دعوا فيه إلى وقف الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في مارس/آذار المقبل، معتبرين أنها فقدت شرعيتها وطالبوا الشعب بمقاطعتها.
 
وبينما تتواتر إدانات المعارضة، ويشكو المجتمع المدني من حالة التضييق وخنق تحركاته، والوضع الاقتصادي الصعب، والمناخ الاجتماعي المتوتر؛ يجد النظام دائما مخرجا لتنفيذ أجنداته الكبرى، ولا يعدم شخوصا مثل موسى مصطفى موسى لإنقاذه من بعض المطبات ورفع الحرج عنه.
المصدر : الجزيرة