أرامل رابعة.. ذكريات الدم والألم والدموع

اعتصم عشرات الالاف في ميداني رابعة العدوية والنهضة ضد الإطاحة بأول رئيس منتخب. الصورة من اعتصام رابعة العدوية. مسموح بايتخدام الصورة
الآلاف شاركوا في اعتصام رابعة احتجاجا على الانقلاب (الجزيرة-أرشيف)
دعاء عبد اللطيف-القاهرة

بعد أربع سنوات من مذبحة ميداني رابعة العدوية والنهضة في القاهرة، ترى الأرملة الشابة رنا عامر التي قتل زوجها في تلك المذبحة أن الوضع في مصر يزداد سوءا والنظام يتوحّش بشكل أكبر. 

وقتل أحمد قنديل -زوج رنا- قبل أن يرى مولودته ريحانة التي بدأت تسأل: أين أبي؟ وتجيب الأم: في الجنة، فتسأل الصغيرة: متى نذهب إليه في الجنة؟ فيأتيها الجواب من الأم: يوما ما.  

 حوار يتكرر بشكل شبه يومي بين ريحانة وأمها رنا التي لا تجد إجابات مقنعة لأسئلة الطفلة التي تجعل من ذكريات مذبحة رابعة العدوية والنهضة شاخصة أمام الأم الأرملة باستمرار.
 
تقول أم ريحانة إن "الكثير من القناصة كانوا يحاصرون أحمد ورفاقه، ويمطرونهم بالرصاص، وكنت خائفة جدا.. اتصلت بزوجي كثيرا، لكني فقدت التواصل معه في الثانية ظهرا يوم فض الاعتصامين".

‪أحمد قنديل قتل خلال المذبحة‬ (الجزيرة)
‪أحمد قنديل قتل خلال المذبحة‬ (الجزيرة)

رحيل ومعاناة
وتوضح الأم أن زوجها الذي لم يتم عامه الثلاثين أصيب برصاصات في الفخذ والذراع، ونزف كثيرا من الدم، ورفضت العديد من المستشفيات استقباله تنفيذا لتعليمات أمنية، والمستشفى الوحيد الذي استقبله هو مستشفى بولاق الذي توفي به".

أما المسؤولون بالمستشفى فرفضوا كتابة تقرير بالسبب الحقيقي للوفاة، وحاولوا الضغط على أهل قنديل لكتابة تقرير يثبت أن سبب الوفاة هو الانتحار، وبعد يومين من الضغوط خرج الجثمان من المستشفى بتقرير بالسبب الحقيقي للوفاة.

وبدأت رنا رحلة أخرى من المعاناة في تربية ابنتيها رغد (7 أعوام) وريحانة (4 أعوام)، والقلق المستمر على شقيقها الأكبر الذي اعتقل قبل أكثر من عام، و"الذي كان يتولى رعايتي أنا وابنتي، لكن النظام استكثره علينا هو الآخر" بحسب رنا.

‪أعداد القتلى تخطى الألف قتيل وفق منظمات حقوقية‬ أعداد القتلى تخطى الألف قتيل وفق منظمات حقوقية (الجزيرة ـ أرشيف) 
‪أعداد القتلى تخطى الألف قتيل وفق منظمات حقوقية‬ أعداد القتلى تخطى الألف قتيل وفق منظمات حقوقية (الجزيرة ـ أرشيف) 

مواجهة التحديات
أما ياسمين عبد الفتاح أرملة أحمد عمار الذي قتل في ميدان رابعة العدوية، فمرور أربع سنوات على المذبحة جعلها أكثر قوة في مواجهة التحديات.

تقول ياسمين "لو كان أحمد معي الآن فمؤكد أنه سيكون فخورا بي وبنضجي ورغبتي العميقة في مواصلة الحياة"، موضحة أنها بدأت في عملها الخاص وصارت تتكفل بمصاريف البيت الذي غادره عائله لأنه رفض الانقلاب العسكري على أول رئيس منتخب في مصر.

وتضيف "بدأت أقوم بفعل أشياء كان زوجي دائما ما يحثني على فعلها مثل ممارسة الرياضة والقراءة وطهي أكلات صحية".

وبعد أربع سنوات على قتل زوجها، ترى ياسمين أن "القصاص لم ينفذ بحق قاتليه سواء من سلطة الانقلاب العسكري التي نفذت المذبحة، أو قيادات جماعة الإخوان المسلمون الذين لم يتعاطوا مع الوضع وقتها بشكل يمنع وقوع المذبحة".

وفي ذكرى المذبحة كتبت أرملة الصحفي أحمد عبد الجواد -الذي كان واحدا من قتلى المذبحةـ في حسابها على فيسبوك تقول "أعاني من الإحباط الشديد، وأصبحت أميل إلى الوحدة والعيش مع الذكريات والحزن".

وتضيف "أصبحت أنا الأم والأب لابنتي بنان، وأنا المسؤولة عن كل شيء: وظيفة وشغل وزيارات عائلية ومجاملات وركوب مواصلات، إلى جانب مسؤوليات المنزل".

وبينما قال المجلس القومي لحقوق الإنسان (منظمة حقوقية رسمية) إن عدد قتلى فض اعتصامي ميداني رابعة العدوية والنهضة بلغ 632، تؤكد منظمات حقوقية محلية ودولية أن الرقم تجاوز الألف ضحية، غير أن قيادات من جماعة الإخوان المسلمين قالت إن أعداد القتلى فاقت الألفين. وبعد أربع سنوات على المذبحة لم يحاسب أحد من المسؤولين عنها.

المصدر : الجزيرة