هل يتقرّب النظام المصري للصين بملاحقة طلبة الإيغور؟

حملة اعتقالات واسعة في صفوف الطلبة الوافدين من قومية الأيغور المسلمة في مصر. المصدر:موقع تركستان
السلطات المصرية شنت حملة اعتقالات واسعة في صفوف الطلبة الوافدين من قومية الإيغور المسلمة (مواقع التواصل الاجتماعي)

عبد الرحمن محمد-القاهرة

أثارت حملة الاعتقالات الموسعة من قبل أجهزة الأمن المصرية التي شملت عشرات الطلبة من تركستان تمهيدا لتسليمهم للسلطات الصينية، حالة واسعة من الرفض والاستنكار في أوساط ناشطين وحقوقيين وسياسيين مصريين.

وحسب مصادر حقوقية وإعلامية، فقد قامت السلطات المصرية خلال الأيام الماضية باعتقال العشرات من طلبة الأزهر التركستانيين من أقلية الإيغور الصينية من إقاماتهم ومن أماكن عامة يترددون عليها، كما اعتقل عدد منهم من مطاري القاهرة وبرج العرب، وتراوحت تقديرات أعداد المعتقلين ما بين مئة وخمسمئة طالب.

وتأتي هذه الحملة -حسب مراقبين- كإحدى ثمار توقيع وزير الداخلية المصري مجدي عبد الغفار وثيقة تعاون مع أجهزة الأمن الصينية خلال لقائه تشن زيمين نائب وزير الأمن العام الصيني الذي زار مصر منذ أيام.

ورغم تعدد وتواتر الروايات التي تؤكد القيام بهذه الحملة، نفى المتحدث الإعلامي لجامعة الأزهر أحمد زارع ذلك، مؤكدا في تصريحات صحفية أن هذه الأخبار عارية من الصحة، ولا توجد أي حالات اعتقال بين طلبة الأزهر.

وأبدت مديرة قسم الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش سارة ليا ويتسن قلقها من قيام السلطات المصرية بالقبض على عشرات الطلاب الإيغور، وطالبت بالكشف عن أماكن وجودهم وإبداء أسباب اعتقالهم، والسماح بوصول المحامين إليهم وعدم ترحيلهم إلى الصين خوفا من تعرضهم للملاحقة والتعذيب.

undefined

مطالبات حقوقية
وفي هذا السياق، دعت منظمات حقوقية في بيانات منفصلة السلطات المصرية للإفراج عن هؤلاء الطلبة وعدم تسليمهم إلى الصين، ومن أبرزها منظمات "الشهاب" و"التنسيقية المصرية" و"المفوضية المصرية"، كما تداول نشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو للطلبة التركستانيين داخل سيارات الترحيلات وفي أماكن احتجازهم وهم مقيدون.

مسؤول الملف المصري بالمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا مصطفى عزب يرى أن هذه الحملة جزء من حالة الانهيار في منظومة حقوق الإنسان في مصر، فالسلطات المصرية لا تلتزم بأي معايير قانونية في تعاملها مع المواطنين المصريين أو الأجانب، وواقعة جوليو ريجيني والسياح المكسيكيين ليست بعيدة عن الأذهان.

ويشير في حديثه للجزيرة نت إلى أن الاعتقال التعسفي جريمة أيا كان مرتكبها وأيا كان ضحيتها، لكن النظام المصري بات يتعمد تجاهل مئات المناشدات الصادرة من الدول والمنظمات حول ضرورة التزامه بالقانون الدولي واحترام حقوق الإنسان، وبالتالي فالأدوات الفاعلة في مواجهة النظام نادرة أو منعدمة.

ولفت إلى أن القوانين الدولية تحظر على أي دولة تسليم مطلوبي دولة أخرى على خلفية انتماء سياسي أو ديني أو عرقي أو من يخشى التعرض لأي انتهاك في البلد الذي يطلب تسليمه كالاعتقال أو التعذيب، وبالتالي فإن ذلك السلوك غير قانوني ولا يمكن تبريره حتى لو كان في ضوء اتفاقية ثنائية.

‪موقع تركستان نشر صورا للطلاب المعتقلين في مصر‬ موقع تركستان نشر صورا للطلاب المعتقلين في مصر
‪موقع تركستان نشر صورا للطلاب المعتقلين في مصر‬ موقع تركستان نشر صورا للطلاب المعتقلين في مصر

موقف متخاذل
بدوره، يرى أستاذ التفسير في جامعة الأزهر رمضان خميس أن "ما قامت به السلطات المصرية بحق هؤلاء الطلاب مخز، وهو ثمرة تعاون شر بين سلطة مصرية مستبدة وسلطة الصين الشيوعية الملحدة على وأد منارة هدى وحرمان طلاب من مواصلة مسيرتهم".

ووصف في حديثه للجزيرة نت موقف مشيخة الأزهر بـ"الموقف المتخاذل، وتفريط فيمن سلم نفسه له واعتبر جامعته حرم الأمان"، مشيرا إلى أنه كان يُتوقع أن ينتفض شيخ الأزهر ليرد عن طلاب قصدوه وأتوا إلى معقله لينهلوا من العلم.

وأبدى أستاذ الأزهر أسفه وألمه لما سيطال سمعة ومكانة جامعته بسبب هذه الحادثة، لافتا إلى أن ذلك له دلالات كبيرة على عدم استقلال الأزهر ولا شيخه، لكن ذلك لا يمنع -برأيه- وجود خير كثير من علمائه المغيب بعضهم في السجون والمطارد بعضهم الآخر داخل مصر وخارجها.

في المقابل، يرى رئيس تحرير صحيفة "المشهد" مجدي شندي أن هناك مبالغة كبيرة في تناول قضية طلبة الأزهر من أقلية الإيغور وأعداد الموقوفين منهم، وأنه لا بد من انتظار صدور بيانات رسمية من قبل السلطات تبين الحقائق بهذا الشأن.

وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى وجود تقارير أكدت سعي تنظيم الدولة الإسلامية لتجنيد أفراد من تركستان يخوضون صراعا مع السلطات الصينية، خاصة بعد هجوم إسطنبول الذي تورط فيه أحدهم، وما أعقبه من تهديدات بإسالة أنهار دم في الصين، وهو ما خلط اﻷوراق بين دعاة النضال السلمي وجماعات إرهابية.

وذهب شندي إلى أن العمليات اﻹرهابية النوعية التي شهدتها مصر مؤخرا جعلتها تتحسب من انتماء أي مغترب لأي من جماعات العنف المسلح، مستبعدا أن تقوم السلطات المصرية بتسليم إلا من ثبت انضواؤه تحت لواء إحدى جماعات العنف.

المصدر : الجزيرة