ريجيني.. إيطالي قادته الدكتوراه للموت بمصر

جوليو ريجيني طالب إيطالي جاء مصر لجمع معلومات تتعلق ببحثه لشهادة الدكتوراه، فاختطف وعُذب حتى الموت، ما أثار غضبا كبيرا على مستوى العالم، وأزم العلاقات بين القاهرة وروما التي طالبت بالكشف عن قتلته.

المولد والنشأة
ولد جوليو ريجيني يوم 15 يناير/كانون الثاني 1988 في مدنية تريستي الساحلية الواقعة شمال شرقي إيطاليا، وقد نشأ في بلدة فيوميتشيلو بمقاطعة أوديني الواقعة هي الأخرى في نفس المنطقة.

الدراسة والتكوين
تشير المعلومات المتوفرة عن ريجيني إلى أنه تلقى مرحلة من تعليمه في بلدة فيوميتشيلو التي نشأ فيها. وتوضح التقارير التي تناولت سيرته أنه كان يحضّر لنيل درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة كامبريدج البريطانية، وأنه يتحدث أربع لغات وحاصل على عدة منح دراسية.

الرحلة البحثية
 في سبتمبر/أيلول 2015 قدم ريجيني إلى مصر لجمع معلومات تتعلق ببحثه لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة كامبريدج البريطانية حول "دور النقابات العمالية المستقلة بعد ثورة 25 يناير" 2011، وبدأ يُجري مقابلات مع نشطاء عمّاليين مصريين ومستقلين وشخصيات قريبة من المعارضة.

وأثناء وجوده في مصر، كان ريجيني يكتب مقالات من وقت لآخر في صحيفة "المانيفستو" الإيطالية اليسارية. وقد أفادت الصحيفة بأنه أصر على استخدام اسم مستعار في نشر مقالاته، مما يعد إشارة إلى أنه كانت لديه مخاوف على سلامته في القاهرة.

استعرضت مقالات ريجيني الوضع العام في مصر، وانتقدت هيمنة النظام والارتفاع المهول في قوة الشرطة والجيش بشكل غير مسبوق في تاريخ البلاد، وأجواء القمع خاصة ما يتعلق منها بحرية الصحافة.

وجاء في مقال له أعيد نشره وترجم إلى أكثر من لغة "في ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي هيمن على عضوية البرلمان المصري أعلى عدد من أفراد الشرطة والجيش في تاريخ البلاد، وأصبحت مصر من بين أسوأ الدول في الاعتداء على حرية الصحافة".

في 25 يناير/كانون الثاني 2016 اختفى ريجيني بعد أن غادر مقر إقامته في حي الدقي بالجيزة (شمال) للقاء صديق في منطقة وسط القاهرة.

ويشار إلى أن يوم اختفاء ريجيني صادف الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير التي أطاحت بنظام حسني مبارك، وأجهضت لاحقا بانقلاب نفذه الجيش بقيادة وزير الدفاع آنذاك الجنرال عبد الفتاح السيسي ضد محمد مرسي، وهو أول أو رئيس مصري منتخب بطريقة ديمقراطية نزيهة.

الوفاة
في الثالث من فبراير/شباط 2016 عثر على جثة جوليو ريجيني مرمية على جانب طريق القاهرة/الإسكندرية الصحراوي. وقد بدت على الجثة آثار تعذيب وحروق، وتوصلت تقارير الطب الشرعي إلى أنه قتل متأثرا عذيب شديد استمر لأيام.

وقد شُرّحت جثة الطالب الإيطالي في مصر ونقلت إلى إيطاليا حيث جرى تشييعه ودفنه بمسقط رأسه، واكتسبت قضيته زخما كبيرا على مستوى إيطاليا وأوروبا والعديد من دول العالم.

وبعد إعلان وفاته، تصدر قائمة الأسماء الأكثر تداولًا على موقع تويتر من خلال هاشتاغ
#GiulioRegeni، حيث تناول المغردون تفاصيل رحلته ونهايته المأساوية.

وقد أعادت قصة مقتل ريجيني الوضع الحقوقي في مصر للواجهة، ورأت فيها منظمات حقوقية فرصة لتسليط الضوء على "قمع نظام عبد الفتاح السيسي للنشطاء والمعارضين وخطفهم والزج بهم في السجون وقتلهم تحت التعذيب".

وطالب ساسة إيطاليون وأوروبيون برد قوي ضد نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي وإعلان مصر بلدا غير آمن للأجانب، ووقع 4500 أكاديمي على عريضة تدعو إلى إجراء تحقيق في وفاته وفي العديد من حالات الاختفاء التي تجري كل شهر في مصر.

وفي 10 مارس/آذار 2016، أصدر البرلمان الأوروبي قرارا يدين تعذيب وقتل ريجيني والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان مصر.

وبالنسبة لبعض المنظمات الحقوقية والناشطين المدنيين، فإن الأمن المصري هو من قتل ريجيني تحت التعذيب. لكن السلطات المصرية نفت ذلك واتهمت عصابة إجرامية بتعذيبه وقتله، وقالت في 24 مارس/آذار 2016 إن أفراد الأمن تبادلوا إطلاق النار مع هذه العصابة وقتلوا جميع أفرادها.

ولإضفاء المصداقية على هذه الرواية، عرضت السلطات المصرية بعض مقتنيات ريجيني في وسائل الإعلام وبينها هاتفه الشخصي وبطاقاته البنكية، بيد أن السلطات الإيطالية لم تقتنع بهذه الرواية وطالبت المصريين بالكشف عن حقيقة الجهة التي قتلت الطالب.

وفي 29 مارس/آذار 2016 دعا رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الإيطالي إلى مراجعة العلاقات القنصلية بين روما والقاهرة إذا لم تكشف الأخيرة عن حقيقة مقتل ريجيني.

كما هددت إيطاليا في بداية أبريل/نيسان 2016 باتخاذ إجراءات "فورية وملائمة" ضد مصر إذا لم تتعاون سلطاتها بشكل كامل في الكشف عن الحقيقة في حادثة مقتل ريجيني.

المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية