"كلنا تميم".. شعار القطريين بمواجهة الحصار

تميم المجد
إحدى الجداريات الضخمة في الدوحة يعبر من خلالها القطريون والمقيمون عن رفضهم للحصار (الجزيرة نت)

بثينة الهتمي-الدوحة

"اللهم اجعلنا ممن تحبهم شعوبهم ونبادلهم حبا بحب". تأسست العلاقة بين أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والشعب القطري من خلال امتنانه لشعبه أثناء كلمته التي ألقاها في القمة العربية 25 في الكويت عام 2014, واعتبر الشارع القطري الأزمة الخليجية فرصة للتعبير عن مدى تأييدهم وامتنانهم للوطن والأمير.

وتمكن الشعب القطري من الخروج من دائرة المشاعر الخاصة وإلقاء اللوم على الدول المحاصرة إلى دائرة الواقع والعمل من أجل استمرار الحياة طبيعية بأقل الأضرار والخسائر، وذلك من خلال إطلاق عدة مبادرات ومظاهر للتعبير عن ولائهم لوطنهم.

منذ بداية الأزمة تفهم المواطنون والمقيمون الوضع المختلف الذي قد تمر به الدولة، وأبدوا استعدادهم التام لتقبل جميع قرارات الحكومة التي تصب في مصلحة العامة بالدرجة الأولى، كما صرح بذلك الأمير في كلمته أمام مجلس الشورى "خدمة المواطنين والمقيمين وطريقة عيشهم يجب إلا تتأثر بالأوضاع".

ويرى مواطنون أن ما تمر به دولة قطر مرحلة انتقالية أقرب من أن تكون أزمة؛ فالدولة تنتقل من مرحلة الاعتماد على الدول المحاصرة في استراد المواد الغذائية والاستهلاكية والأدوية، إلى مرحلة الاعتماد على الذات والاعتماد على المنتج المحلي وسد حاجة الاستهلاك الداخلي، خاصة أن قطر تمتلك القدرة الاقتصادية والمادية على إنشاء سوق محلي ضخم.

‪الأطفال يشاركون في التعبير عن حبهم لأمير قطر‬ (رويترز)
‪الأطفال يشاركون في التعبير عن حبهم لأمير قطر‬ (رويترز)

ومن أهم مظاهر التعبير عن تأييد الحكومة دعم المنتج المحلي؛ فقاطع المواطنون والمقيمون على حد سواء منتجات الدول المحاصرة ودعموا منتجاتهم المحلية، وكانت الدولة وضعت خطة بديله أسهمت في عدم تأثر وعجز السوق المحلي وقت الأزمات.

حرب إعلامية
وقالت الإعلامية القطرية أمل الجابر إن دولة قطر تواجه حربا إعلامية باردة، مهمة المواطن والمقيم منع الأكاذيب التي تتداول، خاصة في المنصة الأوسع انتشارا في الخليج تويتر، وأضافت أن "الوضع الاقتصادي في الدولة مستقر واحتياجاتنا المختلفة متوفرة وبسخاء، على عكس ما تم تداوله في إعلام الدول المجاورة". وأكدت الجابر أن الشعب القطري وجميع المقيمين مؤمنون بالقيادة الحكيمة، "فهم يمضون ونحن أمامهم نفديهم بأرواحنا".

المواطنان محمد يوسف وراشد المري اعتبرا بدورهما "أن جميع من يسكن على أرض قطر بمختلف قبائلهم وأصولهم وجنسياتهم يقفون الآن صفا واحدا للتعبير عن ولائهم وحبهم لقطر وأميرها الشيخ تميم"، ولفتا إلى أن مجموعة من الشباب أطلقوا مبادرة "قبيلتي قطر" لتأكيد أن جميع القبائل تمثل قطر.

وأكد المري أن الخطابات التي توجهها حكومات الدول المحاصرة للشعب القطري لتغيير موقفه لا جدوى منها؛ فالشعب القطري واع ولديه كامل الحرية للتعبير واختيار توجهه، خاصة أن الحكومة القطرية تسمح له بالاستماع والاطلاع على جميع الآراء، وهو ما يخالف مبدأ الدول المحاصرة في الضغط على شعوبها وإجبارها على تبني أفكارها ومعتقداتها ومحاكمة من يخالف بالسجن والغرامات المادية.

وأطلقت هيئة السياحة ومجموعة من الجمعيات التطوعية القطرية مبادرة استقبال ضيوف البلاد، خاصة من دولتي الكويت وسلطنة عمان؛ تقديرا لجهود حكومتهم لاحتواء الأزمة والتوصل لحلول ترضي جميع الأطراف، وأسهمت مجموعة من الشركات السياحية والمحال التجارية في تقديم خدمات مجانية للزوار، وتجمع الأطفال في مطار حمد الدولي لاستقبال القادمين للدولة وتحيتهم بالأزهار والهداية التذكارية.

‪جانب من استقبال ضيوف قطر في مطار حمد الدولي‬ (رويترز)
‪جانب من استقبال ضيوف قطر في مطار حمد الدولي‬ (رويترز)

أعلام دولة قطر كست المنازل والمباني الحكومية والخاصة، وزينت السيارات بالأعلام وصور أمير الدولة والأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني.

احتفالات وطنية
وأشارت المواطنة أم خلود إلى أن "ظروف الأشقاء في سوريا وقصف مدينة حلب حالت بيننا وبين الاحتفال باليوم الوطني في ديسمبر/كانون الأول الماضي، فقلوبنا كانت مجروحة على أشقائنا بحلب، وهذه الأيام يعوضنا الله فنحن نحتفل يوميا بحبنا لوطننا وأميرنا ونجدد مبايعتنا لقائدنا تميم المجد".

وكانت المبادرة الأبرز خلال الأيام الماضية ومستمرة إلى الآن جداريات "تميم المجد"، فقد وضعت جداريات تحمل رسما لأمير دولة قطر كتب عليها "تميم المجد" في جميع مناطق الدولة، ومنها الغرافة والوكرة والخور وأم صلال وغيرها، ويتوجه آلاف المواطنين والمقيمين وزوار الدولة إلى مواقع الصور للتوقيع على الصورة؛ تعبيرا عن تأييدهم للحكومة والأمير، ورمز لتجديد المبايعة.

يحمل كل من يحضر إلى مواقع جداريات "تميم المجد" حكايات وقصص مؤلمة كانت أو سعيدة فلكل مواطن ومقيم قصة جعلته يحرص على الوصول إلى هذا المكان والتعبير عن حبه وامتنانه للدولة ومدى استعداده لخدمة الوطن.

بالقرب من صورة الشيخ تميم بن حمد في منطقة الغرافة بالعاصمة الدوحة حشد كبير من الناس بمختلف الأعمار والجنسيات، وقفت المواطنة عائشة جمعة، معلمة في مدرسة مستقلة، في طابور طويل لكي تصل إلى الصورة لكتابة ولائها لأميرها قبل ساعتين، سألت من حولها "ما الذي يجعل هؤلاء يحضرون ويقفون بالساعات من أجل كتابة كلمة، هل هو حب عميق للأمير؟ أو مظهر اجتماعي لالتقاط الصور؟ ومهما كانت الإجابة، فلا أحد يستطيع تحمل درجة الحرارة المرتفعة والرطوبة العالية لمجرد التظاهر بالولاء.

الطفلة حبيبة محمد مع أمير دولة قطر (مواقع التواصل الاجتماعي)
الطفلة حبيبة محمد مع أمير دولة قطر (مواقع التواصل الاجتماعي)

وأضافت أنه في قانون الانعكاس فكل ما تراه في حياتك هو انعكاس لما في داخلك، وكل ما تعيشه من أحداث وكل ما تلتقيه من أشخاص هو جزء من تجربتك البشرية على هذه الأرض، وحب الأمير لشعبه والمقيمين وعطاؤه لهم انعكس على حب الشعب والمقيمين له.

تميم المجد
وبعفوية الطفولة، عبرت حبيبة محمد -من ذوي الاحتياجات الخاصة- عن مدى حبها لأمير قطر قائلة "أنا أحب الشيخ تميم جدا لأن هو مثل أخونا الكبير يحبنا جدا, ودايما يزورنا ويحتفل معانا، وفي اليوم الوطني سلم علي وخذ من عندي صورته واليوم أنا أوزع صورة تميم المجد على الناس لأن هم بعد يحبونه ويحطون صورته في كل مكان".
 
وحرص كبار السن على الحضور لموقع الجداريات واستخدام بصمة الأصابع للتعبير عن ولائهم للأمير فهم لا يجيدون القراءة ولا الكتابة ولكن بصمتهم كفيلة بإيصال رسالة عميقة للمجتمع الدولي فحواها "لكم العالم ولنا تميم"، وحضر شاب قطري في ليلة زفافه إلى الموقع وصعد بالرافعة ليجدد ولاءه للأمير ويكتب مشاعره تجاه وطنه قبل الاحتفال بزواجه.

تقف المواطنة الإماراتية -التي فضلت عدم ذكر اسمها- في الصف الطويل أمام صورة "تميم المجد" لتعبر عن ولائها، وتقول "أنا إماراتية ولدت ونشأت وتعلمت وتوظفت في قطر، ولن يبعدني عنها إلا الموت، الأم ليست التي تنجب، إنما الأم التي تربي، وأنا قطر ربتني والأمير تميم احتواني ولن أتخلى عن وطني قطر ولا أميري تميم".

خلال السنوات الأخيرة دعمت الدولة المشاريع الصغيرة والمنزلية، ووفرت جميع التسهيلات لممارسة الأنشطة التجارية من المنزل، واليوم يقف أصحاب هذه المشاريع في مناطق تواجد الجداريات لتقديم المشروبات والوجبات الخفيفة والهداية التذكارية، إيمانا منهم بضرورة إرسال صورة إيجابية مشرفة للعالم عنوانها "كلنا تميم".

وقالت حنان المير، صاحبة مشروع "كراب باستا"، "أنا هنا لمشاركة الدوحة أفراحها فتجمعنا على كلمة واحدة يعتبر فرحة"، وأضافت أنها تهدف من خلال تواجدها وتقديم وجبات مجانية إلى إدخال البهجة والسرور على قلوب المواطنين والمقيمين، كما أنها تحرص على إيصال رسالة للعالم بأسره "أن نحن بخير ونعمة في ظل قائدنا وأميرنا الشيخ تميم الله يحفظه وينصره".

الأزمة الخليجية أسهمت في توحيد صفوف وكلمة القطريين, وزيادة وحدتهم وتلاحمهم بين بعضهم البعض وبين الشعب والحكومة, وتمتع القطريون والمقيمون بقدر عال من الرقي في التعامل مع الأزمة, وإبراز القيم والأخلاق حتى في الرد على المتطاولين في وسائل التواصل الاجتماعي, وتفضيل الصمت في معظم الأوقات، إيمانا منهم بأن الدخول في حرب كلامية وإعلامية "رخيصة", ممكن أن تنقص من قدرهم وتقضي على حجتهم.

المصدر : الجزيرة