تآكل الشرعية باليمن.. انقلاب وحرب فاحتلال

المجلس الانتقالي يهدد مجددا بتولي إدارة جنوب اليمن
المجلس الانتقالي الجنوبي (الجزيرة-أرشيف)

الجزيرة نت-صنعاء

كشف تقرير أممي أن سلطة الحكومة اليمنية الشرعية قد تآكلت بشكل ملحوظ خلال العام الجاري، وذلك في أعقاب تشكيل "المجلس الانتقالي الجنوبي".

والمجلس الانتقالي الجنوبي كيان غير شرعي ينافس الحكومة في السيطرة والنفوذ على المحافظات الجنوبية المستردة في البلاد، وشكّله انفصاليون يحظون بالدعم من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة.

ونبّه فريق الخبراء التابع للجنة العقوبات الخاصة باليمن، في تقرير سلّم قبل أيام إلى لجنة العقوبات بمجلس الأمن، إلى أنه رغم وجود عدو مشترك متمثل في مليشيا الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، فإن إمكانية الانقسامات والاقتتال الداخلي لا تزال موجودة، وهو ما أضعف دعم الرئيس عبد ربه منصور هادي.

وتزايد الصراع بين الرئيس هادي وبعض مكونات التحالف العربي، وتحديدا أبو ظبي الذي باتت تنافس الحكومة الشرعية في بسط نفوذها على المدن المحررة.

ولاحظ مراقبون اختلاف الأجندات بين دول التحالف والحكومة الشرعية، وأضحت حرب تحرير اليمن استنزافية، كما تحولت المناطق المستردة في الجنوب والساحل الغربي على البحر الأحمر، إلى مواقع محتلة تغيب عنها سلطة الشرعية، وهو ما يخدم الانقلابين الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع في صنعاء.

‪المحلل السياسي عبد الحكيم هلال‬ المحلل السياسي عبد الحكيم هلال
‪المحلل السياسي عبد الحكيم هلال‬ المحلل السياسي عبد الحكيم هلال

تضارب أجندات
ورأى المحلل السياسي عبد الحكيم هلال -في حديث للجزيرة نت- أن تضارب الأجندات في اليمن بين أجندة داخلية تمثلها الشرعية والشعب اليمني في دحر الانقلاب وإنهائه واستكمال أهداف ثورة التغيير، وخارجية إقليمية تحولت من داعم للأجندة الشرعية إلى تمثيل أجندة خاصة تجسدت في محاولة تسيير وتوجيه أهداف الشرعية والشعب لتحقيق مصالح جيوسياسية إقليمية.

وقال إن صراع الأجندات ظهر بجلاء مؤخرا كتصارع بين الداخل الضعيف الرازح تحت سطوة الانقلاب والخارج القوي المالك لكل مفاتيح القوة، ليستغل القوي هذا الضعف والحاجة الداخلية من أجل إحراز مكاسب ومغانم مقابل ما يعتقد أنها مستحقات جيوسياسية لتدخله بالدعم.

ويعتقد هلال أن اليمن تتجه إلى محاولة استبدال الانقلاب القائم من مليشيا حوثية إلى احتلال ناعم لدول إقليمية، وبالتالي تحاول هذه الدول توجيه الصراع القائم بالحرب إلى تعزيز نفوذها وقوتها أكثر ليصبح اليمن جزءا مهما ضمن سياساتها الإقليمية مستقبلا، أو ما يطلق عليه بالدولة التابعة.

في المقابل اعتبر الكاتب الصحفي محمد سعيد الشرعبي أن الأداء السلبي للحكومة الشرعية في العامين الماضيين أدى إلى تقلص وجودها على الأرض، وتهربها من القيام بواجبها تجاه المواطنين في المناطق المحررة ساعد في خلق كيانات موازية للدولة كالمجلس الانتقالي الجنوبي.

‪الكاتب الصحفي محمد سعيد الشرعبي‬ (الجزيرة-أرشيف)
‪الكاتب الصحفي محمد سعيد الشرعبي‬ (الجزيرة-أرشيف)

ضعف الشرعية
ورأى الشرعبي -في حديث للجزيرة نت- أن الخطأ الإستراتيجي ليس في توجهات دولة الإمارات، ولكنه في تخلي الحكومة الشرعية عن دورها وواجبها خلال الفترة الماضية، وإذا كان للإمارات مطامع خاصة كما يزعم خصومها، فالمسؤولية هنا تقع على عاتق دول التحالف والشرعية.

وأشار إلى أن الإمارات تعاملت في السابق مع سلطة أمر واقع فرضها الحراك الجنوبي لحظة غياب الحكومة في الرياض، أما اليوم فالعلاقة الإماراتية مع الشرعية تحسنت بدليل اللقاءات والتفاهمات الأخيرة والتنسيق الثنائي بين الطرفين.

ولفت إلى أنه لا يمكن إنكار الدور الإماراتي في استرداد محافظات الجنوب والساحل الغربي وتأمين خطوط الملاحة في باب المندب، وهذا ما تعترف به الشرعية، وليس آخرها تصريحات الرئيس هادي ورئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر بعد تحرير معسكر خالد بن الوليد.

وأكد أن الحرب في اليمن أثبتت أن لدول التحالف العربي أهدافا معلنة تتمثل في معركة استعادة الدولة اليمنية، وأخرى إستراتيجية غير معلنة تتجسد في تعاملاتها مع الشرعية والأطراف المؤيدة لها، أو التواصل مع بعض القوى المناهضة لها.

كما رأى الشرعبي أن طول أمد الحرب دون حسم أو إنجاز تسوية سياسية ستذهب باليمن إلى جحيم حروب الجماعات وسلطات الأمر الواقع، وستسقط البلد في يد الجماعات الإرهابية، وهذا السيناريو حذّر منه المبعوث الأممي في إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن الدولي.

المصدر : الجزيرة