مسلمو ألمانيا وصعود اليمين المتطرف.. مخاوف بباطنها تفاؤل

الصعود الانتخابي لحزب اليمين المتطرف اثار بين مسلمي ألمانيا مخاوف واسعة من تشجيع هذه النتيجة بزيادة الإهانات لهم بالشوارع.
مسلمو ألمانيا يخشون التعرض لاعتداءات في ظل صعود اليمين المتطرف (الجزيرة)

خالد شمت-برلين

رغم أن وصول حزب بديل لألمانيا اليميني إلى البرلمان -بحصوله على 12.6% من الأصوات بالانتخابات الألمانية الأخيرة- أثار مخاوف واسعة لدى الأقلية الألمانية المسلمة، فإن هناك من ينظر بتفاؤل لهذا التطور.

يقول رئيس منتدى الإسلام في ميونيخ بنيامين إدريس إن تصويت 87% من الألمان لأحزاب ديمقراطية يمثل مؤشرا على قدرة المجتمع الألماني على التصدي لليمين المتطرف والعنصرية، ويرى أن نتيجة الانتخابات مثلت جرس إنذار للمدافعين عن الديمقراطية.

بالمقابل عبرت اثنتان من أكبر المنظمات الإسلامية في ألمانيا عن القلق من الصعود الانتخابي لليمين المتطرف، ونبه المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا إلى خشية مسلمي البلاد أن يتسبب صعود حزب "بديل لألمانيا" في استهدافهم بهجمات.

شرخ في المجتمع
وقال رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا أيمن مزايك إن هذا الحزب الشعبوي الذي ركز في حملته الانتخابية على الإسلام وطالبي اللجوء، يهدف للتحريض ضد الأقليات كالمسلمين واليهود وإحداث شرخ بالمجتمع الألماني.

كيسكين: صعود اليمين المتطرف قد يؤدي لانعزال المسلمين الألمان
كيسكين: صعود اليمين المتطرف قد يؤدي لانعزال المسلمين الألمان

وذكر رئيس المجلس الإسلامي الألماني برهان كيسكين أن مسلمي ألمانيا المقدر عددهم بنحو خمسة ملايين نسمة، أبدوا في السنوات الماضية اهتماما بالغا بسياسة البلاد وتفاعلوا معها بقوة وبطرق مختلفة.

وعبر كيسكين في حديث للجزيرة نت عن خشيته من أن يتسبب صعود "بديل لألمانيا" في انعزال المسلمين وتراجع اهتمامهم بالمشاركة في المجال العام.

ولفت رئيس المجلس الإسلامي الألماني إلى أن زيادة مستوى العنصرية مع تشجع التيارات اليمينية المتطرفة على الجهر بأطروحاتها التمييزية بعد الانتخابات من شأنه زيادة المخاوف بين مسلمي ألمانيا.

الإسلام يشغل الألمان
ومن جانبه، رأى الإمام بنيامين إدريس أن توقع بقاء الإسلام على رأس الموضوعات التي تشغل المجتمع الألماني لعشر سنوات قادمة، يعني أن المناقشات حول هذا الموضوع قد تأخذ منحى إيجابيا أو سلبيا.

الإمام إدريس يرى أن المجتمع الألماني قادر على التصدي للعنصرية
الإمام إدريس يرى أن المجتمع الألماني قادر على التصدي للعنصرية

وقال إن هذا التوقع يمثل دافعا للحكومة الألمانية للتعامل مع هذه القضية ضمن إطار قانوني صحيح منعا لاستغلالها من جانب أحزاب عنصرية أو متطرفين.

وأشار إدريس إلى أن السياسة الألمانية قطعت خطوات إيجابية بهذا الاتجاه، بتأسيسها خمسة معاهد للعلوم الإسلامية لتخريج الأئمة ومعلمي الدين الإسلامي يدرس فيها أكثر من ألف طالب بالجامعات الألمانية.

وقال إن هناك قضية رئيسية معلقة هي مسألة الاعتراف بالإسلام من خلال اتفاق بين الدولة الألمانية والمنظمات الإسلامية يحدد واجبات المسلمين وينظم بشكل قانوني حقوقهم الدينية كتدريس الإسلام للتلاميذ بالمدارس والرعاية الدينية بالمؤسسات العامة ودفن الموتى.

تفعيل الاندماج
ويرى إدريس أن التوصل إلى هذا الإطار القانوني من شأنه إبراز نموذج يحتذى للتسامح والمساواة بالمجتمع الألماني وتفعيل اندماج المسلمين وتعزيز قيم العيش السلمي المشترك بهذا المجتمع.

وأشار إلى أن مسلمي ألمانيا مطالبون بتطوير آلية وخطاب جديدين لمواجهة التصورات النمطية السلبية والشكوك الموجودة تجاههم ودينهم لدى شرائح من المواطنين الألمان.

واعتبر إدريس أن أولويات هذه الآلية الجديدة هي تكرار الأقلية المسلمة تأكيدها بوضوح احترام دستور ألمانيا والتزامها بالعمل في إطار قوانينها، وزيادة انفتاح المسلمين على محيطهم بكافة مكوناته، واعتبارهم أن انتماءهم للبلد الذي يعيشون فيه يمثل جزءا من هويتها.

المصدر : الجزيرة