تهم الفساد تربك المشهد السياسي في العراق

أسهمت اتهامات وزير الدفاع خالد العبيدي لعدد من المسؤولين بالفساد في ارتفاع شعبيته محليا
اتهامات وزير الدفاع خالد العبيدي لعدد من المسؤولين بالفساد تسهم في ارتفاع شعبيته محليا (الجزيرة)

الجزيرة نت-خاص

ربما لم تحظ جلسة للبرلمان العراقي منذ عدة سنوات بالاهتمام والمتابعة الجماهيرية مثل تلك التي حظيت بها جلسة الأول من أغسطس/آب الجاري.

 فقد فجر وزير الدفاع خالد العبيدي في تلك الجلسة مفاجآت كبيرة بتوجيهه أصابع الاتهام لرئيس البرلمان سليم الجبوري وعدد من النواب بالتستر على صفقات فساد ومحاولة مساومته على إحالة عقود الوزارة إلى بعض الشخصيات المقربة منهم.

ومن أبرز الأسماء التي ذكرتها اتهامات العبيدي بالإضافة إلى رئيس البرلمان النائبان محمد الكربولي وطالب المعماري عن اتحاد القوى العراقية (السني)، بالإضافة إلى صاحبة طلب الاستجواب النائبة عالية نصيف، وحيدر الملا، مما أدى إلى ملاسنات واتهامات متبادلة ومغادرة رئيس المجلس للقاعة والعودة إليها بعد قليل معلنا أنه لن يعتلي المنصة حتى الفصل بهذه الاتهامات قضائيا.

وإثر ذلك أعلن مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي عن صدور أمر بمنع السفر مؤقتا للأشخاص المتهمين، بينما شرع النائب عن جبهة الإصلاح إسكندر وتوت بحملة لجمع توقيعات من أعضاء البرلمان للمطالبة بإقالة الجبوري، وأضاف أن جلسة الأسبوع المقبل ستشهد عرض التوقيعات على المجلس لحجب الثقة عن رئيسه.

سليم الجبوري في عين العاصفة (الجزيرة)
سليم الجبوري في عين العاصفة (الجزيرة)

رسائل للكتل البرلمانية
وقد زادت هذه الاتهامات من تعقيدات المشهد السياسي العراقي الذي يعيش تمزق الكتل الكبيرة ونشوء تحالفات جديدة لم تتضح معالمها حتى الآن. ووصف النائب مطشر السامرائي من اتحاد القوى العراقية -الذي رشح العبيدي لمنصب وزير الدفاع- ما حدث بأنه محاولة للإفلات من الاستجواب الذي تعرض له العبيدي، وأن كلامه لو كان صحيحا لكان الأولى به ألا يكتم هذه الحقائق عن رئيس الوزراء وعن الرأي العام العراقي، على حد قوله.

وأضاف السامرائي للجزيرة نت أن العبيدي لم يقدم أي دليل قانوني على ما قال، وأن هذه الادعاءات وتستره عليها طيلة الفترة الماضية يمكن أن تدينه قضائيا، لكنه أراد أن يسترضي أطرافا سياسية أخرى حتى لا يكون أحد الوزراء المستبدلين وقد كان مرشحا لذلك.

وقال السامرائي إن تقارير لجنة النزاهة البرلمانية تشير إلى أن المتهمين بالفساد ينتمون إلى عدة كتل سياسية، لكن العبيدي لم يتطرق إلا لاتحاد القوى، وهو بهذه الطريقة أوصل رسالة إلى الأطراف النافذة في العملية السياسية أنه رهن إشارتهم مقابل بقائه في منصبه.

وأوضح أن اتحاد القوى هو من رشح العبيدي "لكنه لم يؤد ما عليه، لذا فإن الاتحاد اليوم أمام محك حقيقي لاستبدال أي شخص لا يؤدي دوره".

السامرائي: العبيدي لم يقدم أدلة تسند اتهاماته (الجزيرة)
السامرائي: العبيدي لم يقدم أدلة تسند اتهاماته (الجزيرة)

التحضير لدور سياسي
وتبرز قضية إثبات الأدلة في مقدمة العقبات التي يمكن أن يواجهها العبيدي كما يرى كثيرون، حيث سيترتب على غياب الوثائق والسند القانوني إدانة الوزير قانونيا والإطاحة به من سدة وزارة الدفاع.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي حيدر الكرخي أن العبيدي استخدم طريقة الهروب إلى الأمام، فقد كان في مأزق باستجوابه فحرص على قلب الطاولة على الجميع، ونجح في إقناع الرأي العام بسلامة موقفه وصنع لنفسه "مجدا سياسيا" ورفع أسهمه شعبيا، لكن غياب الأدلة والوثائق سيجعله في ورطة كبيرة ستترتب عليها إجراءات قانونية بحقه.

وأشار الكرخي إلى وجود تسريبات عن اتفاق بين العبيدي والتيار الصدري وعدد من أعضاء المجلس الأعلى حول الجلسة الأخيرة. ويقضي الاتفاق بأن يقوم الوزير بفتح هذه الملفات مقابل دعم موقفه داخل البرلمان، متوقعا أن يكون له دور سياسي في المستقبل بالتنسيق مع فريق الأخوين أسامة وأثيل النجيفي اللذين رشحاه للمنصب.

أما ملفات الفساد الكثيرة والمتهمون فيها ممن يشغلون أماكن مهمة وحساسة في الدولة العراقية فإن إجراءات هيئة النزاهة ولجنة النزاهة النيابية ومكاتب المفتشين العامين في الوزارات -حسب الكرخي- لن تُفعَّل ضد الفاسدين ولن يدانوا بسببها، لأن الاتفاقات والتسويات السياسية تحول دون ذلك، مما يعني أنها "مجرد زوبعة لا قيمة لها لتخدير الشارع".

المصدر : الجزيرة