غزة.. هواجس وسجال عسكري وسياسي بإسرائيل

قيادة الجيش الإسرائيلي لا تتماهى مع تهديدات المستوى السياسي بعمليات عسكرية ضد حماس بغزة، في يسار الصور الجنرال غادي ايزنكوت، رئيس هيئة الأركان العامة.
قيادة جيش الاحتلال لا تتماهى مع سياسة تل أبيب في التحريض على ضرب غزة(الجزيرة)

محمد محسن وتد-القدس المحتلة

تواصل إسرائيل المراوغة في ملف رفع الحصار عن قطاع غزة، غير أنه في الوقت الذي تتمادى فيه القيادة السياسية في التحريض المنهجي على المقاومة الفلسطينية ومنها حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، يبقى موقف القيادة العسكرية متحفظا وداعيا إلى هدنة طويلة الأمد.

ويقول محللون عسكريون في إسرائيل إن هذا التباين والسجال الدائر خلف الكواليس يؤشر على أن القيادة الحالية لجيش الاحتلال غير معنية بمواجهة مع غزة.

ويجمع هؤلاء المحللون على أن قيادة الجيش استخلصت العبر من تجربة العدوان العسكري الأخير على القطاع في صيف العام 2014 الذي لم يحقق أي أهداف وإنجازات، ولذلك فإن القيادة العسكرية الإسرائيلية ترى في هدنة طويلة الأمد مع غزة الحل الأفضل وإن كان مؤقتا.

هدنة ومواجهة
ولا يستعبد المحلل العسكري الإسرائيلي آيال علميه أن تجد إسرائيل نفسها على المدى البعيد في مواجهة مع حركة حماس، بيد أن القيادة العسكرية الإسرائيلية التي تحث على تحسين أوضاع الغزيين اقتصاديا ومعيشيا لضمان التهدئة لأطول فترة ممكنة لا تحبذ خوض معارك لن تحسم لصالح تل أبيب.

ويعتقد علميه في حديثه للجزيرة نت أن الهدوء المتواصل في غزة قد يشير إلى هدنة طويلة الأمد، لكن لا يمكن اعتباره مصالحة متبادلة بين إسرائيل وحماس، وقد أثبتت تجارب الماضي -يضيف المحلل- أن هناك على ما يبدو تفاهمات شفوية بشأن غزة، تتعزز نتيجة المتغيرات الإقليمية، خاصة إعادة تطبيع العلاقات بين إسرائيل وتركيا.

‪شطيرن: ملف غزة مخزون انتخابي لحكومة تل أبيب واليمين الإسرائيلي‬ (الجزيرة)
‪شطيرن: ملف غزة مخزون انتخابي لحكومة تل أبيب واليمين الإسرائيلي‬ (الجزيرة)

واستبعد علميه إمكان وقوع مصالحة رسمية بين حماس وإسرائيل، لأن إسرائيل ما زالت تراهن على السلطة الوطنية الفلسطينية بوصفها حليفا في الوقت الذي ما زالت فيه حماس تتمسك بخطها الأيديولوجي، وترفض أي تسوية سياسية وتسعى للسيطرة على الشعب الفلسطيني وهو أمر يؤرق إسرائيل.

مصالحة وتطبيع
لا يتوقع الإعلامي الإسرائيلي المتابع للشؤون الفلسطينية والعربية يواف شطيرن حدوث مصالحة بين إسرائيل وحماس بسبب المواقف المتشددة من الجانبين، فالقيادة السياسية وتيار اليمين في تل أبيب يرى في الحملات العسكرية على غزة مخزونا لأصوات الناخبين ولتثبيته سلطتهما، وأما حركة حماس فتعد قطاع غزة منطلقا لحكم الشعب الفلسطيني.

ويقول شطيرن للجزيرة نت إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي طالما ناور في المفاوضات مع الفلسطينيين ويلوح بضرب غزة، يستغل مبادرة السلام العربية في هذه المرحلة من أجل كسب الوقت، خاصة أنه لا يؤمن بالتسوية السياسية وإنهاء الصراع، بل إطالة عمره.

ويضيف المتحدث أن رئيس الوزراء يسعى عن طريق إعادة تطبيع العلاقات مع تركيا إلى هدنة مع حماس وتأجيل الحرب على غزة، وفي المقابل لا تعترف حماس بإسرائيل وتؤمن بتحرير فلسطين التاريخية.

هواجس وتباين
ويعتقد الباحث في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت أن حالة التخبط التي تعيشها تل أبيب حيال التعامل مع حماس وغزة تعكس السجال الدائر من وراء الكواليس بين القيادة السياسية متمثلة في نتنياهو الذي صعد تحريضه على المقاومة والقيادة العسكرية التي لا تساير نهج حكومة تل أبيب.

‪شلحت: هواجس إسرائيل من غزة تعزى أولا لسلاح المقاومة‬ (الجزيرة)
‪شلحت: هواجس إسرائيل من غزة تعزى أولا لسلاح المقاومة‬ (الجزيرة)

بيد أن شلحت نبه في حديثه للجزيرة نت إلى أن هذا التباين والغموض في المواقف يثير التساؤل عما إذا كان التحريض المنهجي على حماس واتهامها بتوظيف أموال المساعدات الدولية لتعزيز ترسانتها وشبكة الأنفاق تمهيدا لتنفيذ حملة عسكرية على القطاع قد تكون محدودة، ولا سيما أن القول الفصل في قرار الحرب يبقى بيد القيادة السياسية.

وعزا الباحث التباين في المواقف إلى الهواجس والمخاوف من ترسانة المقاومة أولا، وأيضا إلى المتغير الجديد المتمثل في تطبيع العلاقات مع أنقرة، التي أخذت على عاتقها مسؤولية إعادة إعمار غزة وتخفيف الحصار عن أهلها.

ويضيف شلحت أن ملف إعادة الإعمار وتخفيف الحصار سيكون محل اختبار في المستقبل للعلاقات بين تركيا وإسرائيل، مستعبدا أن تقدم الأخيرة على تدمير المنشآت التي ستشيدها تركيا في القطاع.

المصدر : الجزيرة