المقدسيون يدفعون ثمن نزعة الانتقام لدى المحتل

أسيل جندي-القدس المحتلة

لم يعد الطفل المقدسي محمد جابر (14 عاما) يحلم بأن يصبح طبيبا أو مهندسا عندما يكبر، فالاحتلال حرمه من حقه في التعليم بعد فرض الحبس المنزلي عليه لمدة تسعة أشهر.

وحرمه أيضا من ممارسة هوايته المفضلة وهي رياضة كرة القدم، ولم يكتف بذلك، بل أصدر حكما على محمد وستة من أصدقائه بالحبس الفعلي لفترات متفاوتة على أن يسلموا أنفسهم لمصلحة السجون يوم 17 أبريل/نيسان المقبل.

اعتقل محمد مع تسعة من أصدقائه من بلدة بيت حنينا بالقدس المحتلة في يونيو/حزيران الماضي، وأمضوا أسبوعين في مركز تحقيق المسكوبية قبل أن يفرج عنهم للحبس المنزلي، ووجهت لهم تهم برشق سيارات المستوطنين بالحجارة، وصدر مؤخرا حكم بالسجن الفعلي بحقهم يتراوح بين عام وثلاثة أعوام.

‪الطفل محمد جابر ووالده وأخته الصغرى مريم في منزلهم‬ (الجزيرة نت)
‪الطفل محمد جابر ووالده وأخته الصغرى مريم في منزلهم‬ (الجزيرة نت)

يقول الطفل محمد جابر إنه لم يتوقع أن يصدر القاضي حكما بالسجن الفعلي عليه لمدة ثلاثة أعوام لاعتقاده بأن عقوبة الحبس المنزلي كانت كافية حيث مر بضغوط نفسية كبيرة.

قتلوا الأمل
ويضيف "كان لدي أمل بالعودة لمدرستي وممارسة حياتي بشكل طبيعي، لكنهم قتلوا هذا الأمل، ومن المستحيل أن أعود للمدرسة بعد ثلاثة أعوام من الانقطاع لأنني سأنسى كل مبادئ التعليم بالسجن، ولن أتأقلم مع من هم أصغر مني سنا في المدرسة حينها".

كان لمحمد نصيب كغيره من المقدسيين في الاعتداء عليه بالضرب المبرح أثناء الاعتقال, إضافة لتعرضه للتحقيق لساعات طويلة وزجه في الزنازين دون مراعاة صغر سنه.

ويستذكر محمد الأيام التي قضاها داخل مركز تحقيق المسكوبية بالقدس قائلا "اعتقلونا في شهر رمضان، ودخل أحد المحققين إلى غرفتنا في تمام الرابعة عصرا وأجبرنا على شرب الماء بالقوة لكسر صيامنا، وكان الإناء مليئا بالماء الذي يرشح من جهاز التكييف بالغرفة".

بدوره يؤكد المحامي محمد محمود الموكل بقضية القاصرين العشرة، أن كلا من عقوبة الحبس المنزلي والسجن الفعلي تعد جريمة بحق القاصرين.

‪الحبس المنزلي حرم الطفل محمد من ممارسة هواياته المفضلة‬ (الجزيرة نت)
‪الحبس المنزلي حرم الطفل محمد من ممارسة هواياته المفضلة‬ (الجزيرة نت)

ويشير إلى أن الحكم المناسب الذي كان يفترض أن يصدر، لولا نزعة الانتقام الموجودة لدى القضاة، هو الخدمة الجماهيرية لمدة ستة أشهر، لكن النيابة العامة الإسرائيلية تتعامل مع ملفات الأطفال المعتقلين بشكل شرس جدا ولا تقبل التوصل لأية صفقة في قضايا رشق الحجارة والزجاجات الحارقة والمشاركة في المواجهات، والأحكام التي تصدر قاسية.

استئناف الحكم
ومن المفترض أن يتقدم المحامي باستئناف للمحكمة العليا الإسرائيلية ضد قرار الحبس الفعلي بحق هؤلاء القاصرين، رغم استبعاده تحقيق نتائج إيجابية حيث قال "لا نعول كثيرا على المحكمة العليا لكننا سنكمل المسار القانوني حتى النهاية، ولدي بصيص أمل في الحصول على تخفيض لحكم الطفل محمد جابر فقط، لأنه ما زال صغيرا وصدر بحقه حكم بالسجن تماما كما صدر لفتى يبلغ من العمر 17 عاما".

ويوضح رئيس لجنة أهالي أسرى القدس أمجد أبو عصب بعض أشكال معاناة الأهالي أثناء زيارة أبنائهم، والتي تضاعفت في الآونة الأخيرة بعد تكثيف سلطات الاحتلال إجراءاتها الأمنية على مداخل السجون من خلال تركيب أجهزة تفتيش عالية الدقة، بالإضافة للتفتيش الجسدي.

ويضيف أنه يتم التعامل مع أمهات وزوجات الأسرى بفظاظة حيث تأمرهن السجانات بخلع جلابيبهن أمام جميع الرجال في ساحة السجن، وكان هذا الموقف من نصيب والدة أحد الأسرى القاصرين في سجن مجدو التي تم اعتقالها مع طفليها بسبب رفضها خلع جلبابها أمام الرجال، وحرمت من زيارة ابنها وتم نقلها وطفلاها لمركز شرطة مدينة أم الفحم.

ووفقا لأبو عصب يبلغ عدد الأسرى المقدسيين في سجون الاحتلال 495 أسيرا من بينهم 14 سيدة و90 طفلا، يعانون أبشع أشكال الانتهاكات الجسدية والنفسية يوميا، ينتظرون بلهفة رؤية الشمس خلال فسحتهم اليومية داخل السجون على أمل أن يبزغ فجر الحرية يوما ما ويتنشقون نسيمه.

المصدر : الجزيرة