اعتقالات وانتقادات بعد إجراءات اقتصادية سودانية

الشرطة السودانية- أمن - اعتقالات
السلطات السودانية اعتقلت عددا من السياسيين المعارضين لقراراتها الاقتصادية الأخيرة (الجزيرة)

عماد عبد الهادي-الخرطوم

بعد أيام من قرار الحكومة السودانية رفع الدعم عن بعض السلع الاستهلاكية الضرورية وزيادة أسعار بعضها الآخر بما فيها الدواء، بدأت موجة جديدة من الاعتقالات وسط السياسيين الذين ترى الحكومة على ما يبدو أنهم الأكثر نشاطا في معارضة تلك القرارات.

وقال حزب المؤتمر السوداني المعارض إن قوة أمنية اعتقلت رئيسه السابق إبراهيم الشيخ من منزله بعد ساعة من بعثه رسالة يطالب فيها القوى السياسية المعارضة النزول إلى الشارع للتظاهر ضد السياسات الاقتصادية الأخيرة.

وأكد الحزب اعتقال مجموعة من قياداته، ضمت خالد عمر يوسف نائب رئيس الحزب، ورئيس المجلس المركزي للحزب عبد القيوم عوض السيد، وعبد الله شمس الكون نائب أمين الإعلام، بالإضافة إلى كوادر طلابية.

بينما أعلن مسؤول في حزب الأمة القومي اعتقال اثنين من هيئة قيادة الحزب، هما سيد عبد القادر قنات وعامر آدم، بجانب عدد من الأطباء الآخرين والطلاب.

وفي هذا الاتجاه أعلن حزب البعث العربي والشيوعي السوداني عن اعتقال اثنين من قادتهما دون أسباب حتى الآن، واعتبرا الخطة الحكومية الجديدة تراجعا غير مبرر.

‪الدومة: أي حديث عن الحوار والتوافق بعد هذه الاعتقالات والردة الاقتصادية بلا قيمة‬ (الجزيرة)
‪الدومة: أي حديث عن الحوار والتوافق بعد هذه الاعتقالات والردة الاقتصادية بلا قيمة‬ (الجزيرة)

أسباب اقتصادية
وتأتي الاعتقالات على خلفية اعتراض الأحزاب المعارضة على الإجراءات الاقتصادية الأخيرة التي قضت برفع الدعم عن بعض السلع الاستهلاكية ورفعت أسعار بعضها الآخر.

وفي وقت وجدت فيه المعارضة الرافضة للحوار الوطني -الذي انتهى في الخرطوم في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي- ما تدافع به عن موقفها الذي يدمغ الحكومة بعدم الوفاء بأي التزام سياسي، بدت نظيرتها التي شاركت بالحوار مندهشة من الإجراءات والاعتقالات التي وصفتها بغير المبررة.

فقد نعى حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي الحوار الوطني برمته. واعتبر في بيان "الاعتقالات التي تتم بحق النشطاء السياسيين دليلا على سلامة موقفه المشكك بمصداقية الحكومة".

بينما أبدت حركة العدل والمساواة جناح السلام التي شاركت بالحوار الوطني دهشتها من "انتهاج الحكومة مبدأ الاعتقال لمحاصرة الرأي الآخر".

ويرى محمد عبد الله الدومة نائب رئيس حزب الأمة القومي المعارض أن رفض المعارضة قبول نتائج الحوار الوطني "كان مؤسسا على حقائق معينة تؤكد أن القوانين المقيدة للحريات لا تزال هي الحاكمة بالبلاد".

وأضاف الدومة -في حديثه للجزيرة نت- أن "أي حديث عن الحوار والتوافق بعد هذه الاعتقالات والردة الاقتصادية بلا قيمة، خصوصا أن النظام لا يحترم التزاماته".

‪أديب: الاعتقالات غير جائزة لأنها غير متصلة بالجرائم التي حددها القانون‬ (الجزيرة)
‪أديب: الاعتقالات غير جائزة لأنها غير متصلة بالجرائم التي حددها القانون‬ (الجزيرة)

اعتقالات غير جائزة
أما عبد الله عبد الهادي نائب الأمين العام لحركة العدل والمساواة-جناح السلام فقال إن الاعتقالات "شكلت تراجعا كبيرا عما اتفق عليه المتحاورون في وثيقتهم التي قدموها لرئيس البلاد في العاشر من الشهر الماضي".

ويقول إن حملة الاعتقالات "أحبطت الذين راهنوا على نجاح الحوار في معالجة الأزمة السودانية"، متسائلا عن أسباب ومبررات عودة الاعتقالات بهذا الشكل الكبير.

من جهته اعتبر حزب المؤتمر الوطني الحاكم أنه لا يمكن السماح بإعادة تجربة أحداث سبتمبر/أيلول 2013 من سفك للدماء وتخريب للممتلكات العامة والخاصة.

ووفق عضو هيئة قيادته ربيع عبد العاطي فإن الاعتقالات ربما جاءت منعا لحدوث تخريب أو ما هو أكبر من ذلك، مشيرا إلى أن "رفض السياسات الحكومة شيء، بينما التخريب شيء آخر".

ويرى الخبير القانوني نبيل أديب أن الاعتقالات الأخيرة لا تتناسب والمرحلة الحالية التي أعلن فيها رئيس الجمهورية إمكان الانتقال نحو الديمقراطية.

ويضيف أن الاعتقالات "غير جائزة لأنها غير متصلة بالجرائم التي حددها القانون والمتعلقة بإثارة الكراهية أو المتعلقة بالأمن القومي"، لافتا إلى أن التظاهر السلمي حق مكفول وفق القانون الدستور.

المصدر : الجزيرة