براءة البرادعي من الانقلاب.. صحوة أم حسابات سياسية؟
عبد الله حامد-القاهرة
وقال في بيانه الثاني -خلال أقل من أسبوع- إنه تلقى رسالة من أجهزة سيادية تهدد بتدميره إذا استمر في محاولات العمل على التوصل إلى فض سلمي للاعتصامات في رابعة وغيرها، أو أي صيغة للمصالحة الوطنية.
وانتقد البرادعي -في بيانه الذي نشره على صفحته الشخصية بموقع فيسبوك– موقف القوى المدنية والنخبة وبعض شباب الثورة الذين هاجموه لأنه رفض العنف وانسحب من مشهد يخالف قناعاته.
ولم يفصح مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق عن اسم الجهة السيادية التي هددته، ليتجدد الجدل بين أنصاره وخصومه حول دلالات مواقفه وأهدافها.
واضطر البرادعي لرفد بيانه الثاني بتوضيح خلال أقل من 24 ساعة يرد فيه على من وصفوا مواقفه "بصحوة ضمير متأخرة"، حيث رأى أن ردود الفعل تدعو للتساؤل "عن مدى قدرتنا على معالجة مشاكلنا بعقلانية وبعيدًا عن المزايدة والاستقطاب".
أسباب جديدة
ورأى المحلل السياسي تامر وجيه أن "المنطق يقول إن توقيت بيانات البرادعي المتتابعة تعني أن ما كان يمنعه من الكلام لم يعد موجوداً، أو أن هناك أسبابا جديدة تدفع للكلام الآن، وكلا الأمرين يصبان في ترجيح احتمال أن لديه ما يجعله يشعر بأن النظام الحالي أصبح أضعف، أو أن مزاد تغييره قد انطلق".
ويعتقد وجيه بأن هذا الحديث ربما يؤشر على أن ّمن كانوا يخوّفونه "قد ضعفوا أو تغيرت مواقفهم أو أن غيرهم يقوّيه، ويمكن أن يكون قد استجد جديد كإشارات وصلته من طرف ما بأن يطرح نفسه للساحة من جديد".
أما الإعلامي سامي كمال الدين فيقول إن مواقف البرادعي تمثل مقولة "أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً". ويرى أن "البرادعي كشف ما ظللنا نردده طوال ثلاث سنوات، وهو أن الرئيس الشرعي للبلاد مختطف دون سند قانوني أو دستوري".
ويشير كمال الدين إلى أن قائد الجيش الذي نفذ الانقلاب حينها، وهو الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، خطط لإحراج البرادعي والأميركيين "بهذه المجازر المتتابعة".
وتابع "كانت الخطة بين جبهة الإنقاذ والأميركيين والجيش تقتضي أن يدير البرادعي شؤون البلاد، لفترة مؤقتة بعد أن يدعو الرئيس المعزول محمد مرسي لانتخابات رئاسية مبكرة، فكان لا بد من دماء ليخرج البرادعي والأميركيون من المشهد".
ورأى أنه "لا بد من استثمار بيانات ومواقف البرادعي الأخيرة لصالح الثورة وإعادة الديمقراطية في مصر، ومناقشتها دوليا ومحليا لتفكيك أدوات الانقلاب".
استثمار المواقف
أما أحمد عابدين -وهو أحد شباب حزب الدستور– فيرى أن البرادعي إنسان نظيف وشريف، لكنه ليس ثوريا ولا مناضلا.
ويصف البرادعي بأنه مثل الأنظمة التي عارضها "فطوال الوقت يطالب بالشفافية، ويخفي عن الناس ما يجري، متوهماً أن تقديره في السكوت أو الكلام في وقت معين هو الصحيح وأننا أطفال".
ورأى عابدين أن البرادعي ببياناته يمهد للعب دور في عقد مصالحة بين النظام وجماعة الإخوان أو بين النظام وأطراف أخرى.
ورأى رئيس حزب الجيل ناجي الشهابي أن بيان البرادعي الأخير الخاص بتلقيه تهديدات لمنع مساعيه لوقف فض رابعة "محاولة مرتبة بشكل جيد مع صناع المخطط المعادي للوطن في واشنطن ولندن وأنقرة للعودة للعب دور مرسوم بعناية في المرحلة المقبلة".
لكن الشهابي يعتقد بأن فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأميركية خيب آمال البرادعي وآمال من خططوا لعودته، "خاصة أن علاقته بالوطن ليست قوية فهو عاش طوال عمره الوظيفي في المنظمات الدولية التي تعد ّإحدى أدوات أميركا الناعمة في نهب واستغلال الشعوب والدول".