تباين بالموقف التونسي من أحداث ليبيا
خميس بن بريك-تونس
وجاء في بيان الرئاسة التونسية أصدره مؤخرا المرزوقي اعتراض على حملة "كرامة ليبيا" التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر في بنغازي وطرابلس ضد الثوار، معتبرا أنها انقلاب عسكري يسعى لإجهاض تجربة المؤتمر الوطني كأعلى سلطة انتقالية منتخبة.
لكن هذا البيان لم يجد صداه لدى العديد من الأحزاب السياسية في تونس، حيث وجهت نقدها للرئيس بحجة أنه انحاز لطرف سياسي دون آخر، وهو ما قد تكون له تبعات خطيرة على أمن جالية تونس المقيمة في ليبيا أو على حياة دبلوماسييها المخطوفين هناك.
انتقاد مبطن
واعتبرت وسائل الإعلام المحلية أن موقف وزير الخارجية يمثل انتقادا مبطنا للبيان الرئيسي الذي كان له الموقف نفسه من الانقلاب في مصر، في وقت يقول مراقبون إنه لا يوجد انسجام بين الرئاسة والخارجية.
وفي حديث للجزيرة نت، قال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية مختار الشواشي إن ما تعيشه ليبيا شأن داخلي، وإن تونس بصدد متابعة المستجدات.
وأضاف أن وزارة الخارجية تتعاطى مع الوضع الليبي بحذر في ظل احتمال تعرض الجالية التونسية بليبيا للخطر.
لكن الشواشي تجنب الحديث عن التأثيرات المحتملة للبيان الرئاسي على سلامة التونسيين المقيمين في ليبيا.
وتنظر تونس بقلق شديد لما يجري في ليبيا، ويبرز ذلك في اللقاءات الأمنية الطارئة التي عقدها الرئيس التونسي في إطار مجلس الأمن الوطني وتكثيف التواجد العسكري والأمني على الحدود والتنسيق مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تحسبا لقدوم لاجئين ليبيين.
وكانت وزارة الخارجية دعت كافة رعاياها في ليبيا إلى توخي الحذر الشديد، ونصحت مواطنيها بعدم السفر إلى هناك.
ويأتي ذلك في وقت ألغت الخطوط الجوية التونسية رحلاتها إلى ليبيا خوفا من احتمال التعرض لمخاطر أمنية تهدد سلامة ركابها ورحلاتها.
ولم يحدد مختار الشواشي ما إذا كانت الأحداث الجارية في ليبيا قد عرقلت صادرات تونس إليها، في ظل تزايد مخاوف بعض رجال الأعمال التونسيين من توسع دائرة المواجهات إلى مستوى يعيق تصدير السلع عن طريق معبر رأس الجدير الحدودي.
الشواشي: |
ملف المختطفين
وفي ما يتعلق بملف الدبلوماسيين المختطفين في ليبيا، كان وزير الخارجية منجي الحامدي صرح للجزيرة نت بأن تونس تبذل جهودا بالتعاون مع الجهات الرسمية الليبية لضمان سلامتهم، مؤكدا أنه من غير الوارد التفاوض مع الخاطفين.
إلى ذلك، قال وزير الخارجية إن تونس تسعى إلى تنظيم حوار بين جميع الفرقاء الليبيين لتجاوز الأزمة الراهنة، مؤكدا أن ذلك يندرج في إطار حرص بلاده على استقرار جارتها وتأمين مسارها الانتقالي وتفادي تأثيرات زعزعة الوضع الأمني هناك.
ولم يتسنَ الحصول على تصريح من مسؤول برئاسة الجمهورية لمعرفة رد فعلها تجاه موقف وزارة الخارجية وقراءتها للأحداث في ليبيا وانعكاساتها الأمنية والسياسية المحتملة على الوضع العام بتونس.
ويقول المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي إن اختلاف المواقف بين رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية يعكس تضاربا واضحا في الموقف الرسمي من الأحداث بليبيا.
واعتبر في حديث للجزيرة نت أن هذا "التضارب" يقدم صورة سلبية عن الدبلوماسية التونسية ويجعلها تبدو برأسين.
ويرى أن عدم الانسجام في المواقف الدبلوماسية قد يعرض التونسيين المقيمين بليبيا لمخاطر في حال توسعت رقعة القتال أو حسم أحد الطرفين الصراع لصالحه.