الخلافات تعطل استكمال المصادقة على دستور تونس

Tunisian Mps attend a session at the National Constituent Assembly (NCA) as part of the debates on a new constitution on January 17, 2014, in Tunis. The assembly is pushing ahead with the adoption of a long-delayed new constitution, voting article by article, but failed to complete the task by an agreed deadline of January 14, the third anniversary of Ben Ali's downfall. AFP PHOTO / FETHI BELAID
undefined

عطلت خلافات حادة بين النواب داخل المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان المؤقت) بتونس بشأن الفصل السادس من الدستور الذي ينصّ على حريّة المعتقد ويمنع التكفير، استكمال المصادقة على ما تبقى من الفصول، وسط خشية من أن يدفع الخلاف إلى عدم موافقة ثلثي أعضاء التأسيسي على الدستور بأكمله مما يطرح إمكانية اللجوء لاستفتاء شعبي.

ومن المقرر أن تنتهي يوم الجمعة مهلة صياغة الدستور وفقا لخارطة الطريق التي التزمت بها الأحزاب السياسية في حوار وطني أشرف عليه الرباعي الراعي للحوار.

وواصل رؤساء الكتل النيابية بالمجلس التأسيسي اجتماعاتهم، أمس الأربعاء، للبحث عن توافق بشأن ما تبقى من بنود خلافية في الدستور، أهمّها الفصل السادس المثير للجدل، إلا أن الخلافات حالت دون ذلك.

وذكرت الصفحة الرسمية للمجلس التأسيسي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أنه تم تأجيل الجلسة العامة المبرمجة الأربعاء إلى اليوم الخميس الساعة الرابعة ظهرا بالتوقيت المحلي (الثالثة بالتوقيت غرينيتش).

وكان المجلس التأسيسي قد رفع جلساته منذ مساء الثلاثاء بعد أن تصاعد التوتر بين النواب الرافضين لهذا الفصل والنواب المدافعين عنه.

مثار الخلاف
وكان المجلس التأسيسي قد صدّق في السادس من الشهر الحالي على الفصل السادس الذي تضمن فقرة تنص على منع التكفير، ليُصبح بذلك نص الفصل كالتالي "الدولة راعية للدين، كافلة لحريّة المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينيّة، وحامية للمقدسات وضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي، ويُحجر التكفير والتحريض على العنف".

غير أن هذا الفصل ظل مثارا للخلاف رغم المصادقة عليه سابقا، حيث طالب نواب بالتراجع عن منع التكفير.

ويرى حزب حركة النهضة الإسلامي -الذي كان يقود الحكومة المستقيلة- أنه يتعين إضافة معنى تجريم المساس بالمقدسات الدينية وتخفيف معنى تجريم التكفير وتغييره إلى معنى أقل حدة، وهو ما رفضته المعارضة التي تعتبر أن دعوات التكفير التي أطلقها من تصفهم بـ"المتشددين الإسلاميين" دفعت إلى قتل معارضيْن علمانييْن بارزيْن هما شكري بلعيد ومحمد البراهمي العام الماضي، وفقا لما ذكرته وكالة رويترز.

من جهتها، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن رئيس كتلة حركة النهضة بالمجلس التأسيسي الصحبي عتيق، تصريحات إذاعية، أكد فيها أمس أن التنصيص على منع التكفير في الفصل السادس من الدستور "جاء تحت الضغط والابتزاز".

وأشار عتيق إلى أن رؤساء الكتل النيابية بالمجلس التأسيسي يبحثون حاليا إمكانية تعديل هذا الفصل من خلال التوافق.

غير أن هذه التصريحات أثارت استياء معارضي التعديل على هذا الفصل، حيث دعا النائب اليساري بالمجلس التأسيسي منجي الرحوي إلى اعتبار حركة النهضة "حركة إرهابية" إذا ما نجحت في تعديل الفصل.

يحتاج الدستور الجديد إلى المصادقة بأغلبية الثلثين داخل المجلس التأسيسي قبل إقراره، وفي حال تعذر الحصول على الأغلبية يتم اللجوء إلى تصويت ثانٍ، وإذا ما استمر الوضع على حاله يتم طرح الدستور على الاستفتاء الشعبي

تداعيات محتملة
ونقلت إذاعة "موزاييك. أف. أم" المحلية التونسية عن الرحوي، قوله إنه يتعيّن على ما سماها القوى الديمقراطية في البلاد اعتبار حركة النهضة منظمة إرهابية في حال تراجع نوابها عن التنصيص على منع التكفير في الفصل السادس.

وحمّل الناطق الرسمي باسم الائتلاف الحزبي اليساري-الجبهة الشعبية حمة الهمامي، حركة النهضة مسؤولية التداعيات المُحتملة لإلغاء تجريم التكفير من دستور البلاد الجديد.

وقال الهمامي، خلال وقفة احتجاجية أمس الأربعاء أمام المجلس التأسيسي للمطالبة بعدم التراجع عن تجريم التكفير، إن "القوى الديمقراطية التي اعتبرت التنصيص على تحجير التكفير في الدستور التونسي الجديد مكسبا، تخشى اليوم إمكانية التراجع عن هذا المكسب".

وأوضح أن "الأطراف التي تسعى اليوم إلى إلغاء تحجير التكفير من الدستور التونسي هي أطراف كان لها دور خلف المناخ الذي أدّى إلى اغتيال شكري بلعيد، ومحمد البراهمي، وعدد من الجنود، باعتبارهم طواغيت، وهي تريد اليوم مواصلة نفس هذا النهج المدمّر" وفق تعبيره.

من جهته، أعرب المقرر العام للدستور والقيادي بحركة النهضة الحبيب خضر عن أمله في الوصول لاتفاق بشأن بعض النقاط الخلافية أبرزها الفصل السادس، مضيفا أن على الجميع "إظهار النوايا الطيبة حتى لا نكون مضطرين لاستفتاء قد يهدر وقتا ثمينا رغم أنه آلية ديمقراطية".

ويحتاج الدستور الجديد الى المصادقة بأغلبية الثلثين داخل المجلس التأسيسي قبل إقراره، وفي حال تعذر الحصول على الأغلبية يتم اللجوء إلى تصويت ثانٍ، وإذا ما استمر الوضع على حاله يتم طرح الدستور على الاستفتاء الشعبي.

المصدر : الجزيرة + وكالات