الأزمة التونسية تنتظر وساطة جزائرية
وفي دلالة على الثقة التي يحوزها الغنوشي لدى بوتفليقة كان أول شخصية أجنبية يستقبلها الرئيس الجزائري خلال فترة مرضه، كما حظي السبسي بلقاء مماثل الأربعاء الماضي حيث تربطهما علاقات شخصية قوية تمتد إلى سنوات السبعينيات، حينما كان بوتفليقة وزيرا للشؤون الخارجية.
وفي حديثه للجزيرة نت اعتبر وزير الاتصال الجزائري الأسبق عبد العزيز رحابي أن تلك اللقاءات "ليست وساطة بالمعنى الدقيق للكلمة، وإنما دعم للمشاورات التي جرت بين الطرفين، والتي انطلقت منذ نحو شهرين"،
ويشير رحابي إلى أن الجزائر أمام مسؤولية إقليمية بالمنطقة، ويمكن أن تساعد تونس عن طريق تأمين الحدود، ومؤازرتها في "مكافحة الإرهاب، هذه الظاهرة التي باتت دولية ولا تقتصر فقط على تونس، ولا يمكن لها أن تواجه هذا الخطر بمفردها، هذا فضلا عن كون التداعيات الأمنية في تونس يمكن أن تكون لها انعكاسات على الجزائر".
ورفض الدبلوماسي الأسبق أن تكون الجزائر من خلال جهودها هذه قد تخلت عن مبدأها في عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، وهو المبدأ الذي جلب لها العديد من الانتقادات خلال أحداث الربيع العربي، وخاصة ما جرى في ليبيا وتونس أيام الثورة، وقال رحابي "هذا الأمر لا يمكن اعتباره تدخلا، حينما جارك يلجأ إليك لمساعدته على حل مشكلة داخلية أو مساعدته في مكافحة الإرهاب فيجب تلبية النداء".
اعتبارات
من جهته قال مدير مركز الدراسات التطبيقية والاستشراف د. سليم قلالة للجزيرة نت إن الجزائر دولة جارة لتونس، ولها إمكانيات اقتصادية وقدرات للمحافظة على أمن الحدود، ولديها القدرة على مساعدة تونس على عدم تكرار السيناريو المصري في تونس، وهنا تتلاقى مصلحة البلدين".
وأضاف "الحكومة والرئاسة التونسية حاليا تريدان أن يستمر مسار الإصلاحات، وفق خارطة الطريق المرسومة منذ سنتين، والجزائر لا تريد أن تحدث اضطرابات في تونس، قد يكون لها تأثيرات على الوضع في الداخل الجزائري وخاصة عبر الحدود، وحينما تتلاقى المصالح بين البلدين، من الطبيعي أن تكون هناك نتيجة إيجابية لجهود التقريب بين أطراف النزاع في تونس".
ووفق قلالة فإن "علاقة الغنوشي القوية بالجزائر ستساهم في تقريب وجهات النظر" وأوضح أن علاقة الغنوشي بالجزائر سابقة لوصول بوتفليقة إلى الرئاسة، ومنذ نهاية الثمانينات وبداية التسعينات حينما كانت حركة النهضة مطاردة في تونس كانت الجزائر هي المأوى الأول للغنوشي وأنصاره و"كان الغنوشي يذكر دائما فضل الجزائر في مساعدته أيام محنته والعلاقة ليست فقط بين الرئيس ومحيطه وبين الحزب الحاكم حاليا في تونس، وإنما هي علاقة متينة بين حركة النهضة وبين الدولة الجزائرية بكافة مؤسساتها".