إسرائيل لا تعول على القوات الأممية بالجولان

اشتعال المعارك بالجانب السوري بتخوم خط وقف إطلاق النار مع إسرائيل
undefined

محمد محسن وتد-الجولان المحتل

بدا المشهد السوري أكثر تعقيدا بالجولان المحتل بالنسبة لإسرائيل مع قرار النمسا سحب جنودها من القوات الدولية للحفاظ على هدنة وقف إطلاق النار ما بين تل أبيب ودمشق منذ عام 1974، ويتسم موقف إسرائيل بالتردد والبلبلة، ويطبعه رهانها على بقاء نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وذلك مع ازدياد المخاوف من اشتعال جبهة الجولان التي بقيت خامدة طيلة أربعين عاما.

ويتوخى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحذر حيال التطورات الميدانية بسوريا ومنطقة وقف إطلاق النار، ويجدد بين الحين والآخر موقف حكومته الرافض للتدخل العسكري في الصراع الدائر بسوريا ما لم تقصف بلاده، وذلك مع تلويحه بالتهديد والوعيد لدمشق إذا ما اختارت استفزاز إسرائيل، التي لا تعول على القوات الدولية للحفاظ على الأمن والهدوء بالجولان.

‪سياج خط وقف النار بالجولان بالقرب من الأردن‬ (الجزيرة نت)
‪سياج خط وقف النار بالجولان بالقرب من الأردن‬ (الجزيرة نت)

تخبط وبدائل
ويرى خبير بالشؤون السورية ومحاضر بتاريخ الشرق الأوسط والإسلام بالجامعة العبرية بالقدس المحتلة أن القيادة الإسرائيلية "متخبطة وتتباين مواقفها" حول مصير ومستقبل الأسد، معتبرا أن التزامها الصمت "يعني أنها تلعب بالنيران، حيث ليس لتل أبيب سياسية واضحة وأجندة محددة حيال ما يحدث بسوريا".

ورجح البروفيسور موشي معوز -في حديث للجزيرة نت- أن انسحاب بعض القوات الدولية من الجولان لن يؤثر كثيرا على موقف إسرائيل المتفرج، حيث تخشى صعود التيار الإسلامي للحكم في سوريا، خصوصا وأن بعض القيادات الإسرائيلية ما زالت تراهن على بقاء الأسد في السلطة، وبذلك يتم استعادة وتثبيت الهدوء الذي ساد جبهة الجولان طيلة أربعة عقود.

واستبعد معوز إمكانية اندلاع حرب شاملة بالجولان بسبب سحب بعض الدول لقواتها من منطقة وقف إطلاق النار، كون إسرائيل تعي أن جبهة النصرة وتنظيم القاعدة غير قادرين على تحرير الجولان أو إسقاط الأسد، في حين يتطلع الثوار لإسقاط نظام الأسد وبناء الدولة الحديثة والسلام مع دول الجوار، وضمنها إسرائيل، وفق رأيه.

ولفت إلى أن إسرائيل ترتكب خطأ فادحا بمواصلة موقف المتفرج والدعم الخفي لنظام الأسد وامتناعها عن دعم الثوار وجماعة الإخوان المسلمين، حيث لا يمكن دعم نظام يقمع ويذبح ويرتكب المجازر بحق شعبه، ولا يمكن الرهان عليه حتى كحليف إستراتيجي للسلام كونه يحظى بدعم أعمى من إيران التي يرى أنها لم تعد عدوا لإسرائيل فحسب بل أيضا لبعض دول المنطقة.

فخر الدين: إسرائيل ستوظف انسحاب القوات الأممية لصالحها (الجزيرة نت)
فخر الدين: إسرائيل ستوظف انسحاب القوات الأممية لصالحها (الجزيرة نت)

قوات وتهديدات
من جانبه، حذر الباحث الميداني بالمؤسسة العربية لحقوق الإنسان (المرصد) بالجولان المحتل سلمان فخر الدين من تأثير انسحاب القوات الدولية على موقف إسرائيل وأجندتها ومخططاتها، لكن تل أبيب -في نظره- ستوظف هذا الانسحاب لذاتها ولمصالحها الإستراتيجية لتسوق ذاتها للعالم على أنها مهددة ومستهدفة بمخاطر وجودية ما قد يدفعها للزحف العسكري واقتحام وتجاوز خط وقف النار.

وقال فخر الدين للجزيرة نت إن تل أبيب فرحة ومعنية بانسحاب القوات الدولية من منطقة وقف خط إطلاق النار، كونها معنية بمواصلة القتال وسفك الدماء في سوريا حتى تحرق وتدمر، مضيفا أنه في حال تدهورت الأوضاع  إلى حد الفلتان فإن الجيش الإسرائيلي سيهاجم سوريا وسيحتل منطقة حوران.

وتابع قائلا إن إسرائيل غير منزعجة، وهي أكثر المستفيدين من مواصلة سفك الدماء في سوريا، كما أنها على قناعة بأنه لا أحد لديه نية بالدخول بالمواجهة معها، فالأنظمة العربية منشغلة بالحفاظ على عروشها، بينما الزعماء العرب ممن تتعرض بلدانهم للقصف والعدوان من قبل الطيران الإسرائيلي يردون بقمع شعبهم وتهديد تل أبيب بالحفاظ على حق الرد.

جمال: ما يحدث بالجولان مؤشر إضافي للتخوف (الجزيرة نت)
جمال: ما يحدث بالجولان مؤشر إضافي للتخوف (الجزيرة نت)

مخاطر وتخوفات
بدوره، أوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة تل أبيب الدكتور أمل جمال أن ما يحدث بالجولان المحتل مؤشر إضافي للتخوف الذي يلازم إسرائيل حيال ما يحدث بالعالم العربي، والذي ترى فيه تهديدا لأمنها يحتم عليها توخي الحيطة والحذر وكذلك التحضير لحالة مختلفة بالمستقبل تحول دون تغيير موازين القوى، وألا تتجاوز هذه التهديدات خطوطا لا يمكن للمؤسسة العسكرية مواجهتها والتعامل معها.

وردا على سؤال للجزيرة نت حول دلالات انسحاب بعض القوات الدولية وتأثير ذلك على مواقف الحكومة الإسرائيلية، قال إنه على المستوى الأمني "ستظهر للعالم وستسوق ذاتها تحت مخاطر وجودية، وستقول إن انسحاب القوات الدولية يهدد أمنها القومي مما سيدفعها لتأخذ العديد من المجريات الأمنية والتدابير العسكرية بما يتماشى مع هذا الواقع الجديد بانعدام وجود قوى دولية فاصلة".

وشدد على أن إسرائيل لا يمكن أن تقف جانبا إثر ما يحدث على الحدود الشمالية وأن تدخلها يأخذ أشكالا مختلفة، لكنها تسعى بالأساس للتأثير على مجريات الأمور وتطورات الأحداث ليس عبر التدخل العسكري بل الاستخباراتي.

المصدر : الجزيرة