"الديموغرافيا" هاجس الاستيطان الإسرائيلي بالجليل

سجون ومنشات عسكرية بتخوم البلدات العربية بالجليل
undefined
 محمد محسن وتد-أم الفحم

طبقا للمخطط الاستيطاني الإسرائيلي الذي أطلق عليه اسم "خطة المناطر" الهادف لإعادة إحياء مشروع تهويد الجليل، ستقام أربع مستوطنات جديدة هي "يسخار" و"رمات أربيل" و"خروب" و"شيبوليت".

كما يتضمن المخطط أيضا توسيع عشرات البلدات اليهودية بعشرات آلاف الدونمات تمتد ما بين طبريا ومنطقة البطوف التي فجرت أحداث "يوم الأرض" الفلسطيني في 30 مارس/ آذار عام 1976، وكانت حصيلة المواجهات استشهاد ستة فلسطينيين وجرح المئات ممن تصدوا لمصادرة الأرض ومشاريع الاستيطان.

ووفق إحصائيات "المركز العربي للتخطيط البديل" يوجد نحو 77 سلطة محلية عربية خمس منها فقط لديها لجان تنظيم، أما البقية فتتبع لجانا يهودية تتحكم وتسيطر على الأرض.
 
ويذكر المركز أن هناك 33 مخططا هيكليا لبلدات عربية تقع غالبيتها في الجليل وتضم قرابة عشرين ألف وحدة سكنية عالقة منذ سنوات في مؤسسات التخطيط والبناء التي تماطل بالمصادقة عليها، وتحول دون توسيع مسطحات النفوذ للبلدات التي بحاجة فورية لنحو أربعين ألف وحدة سكنية.

‪المهندسة عناية بنا جريس من المركز العربي للتخطيط البديل‬ (الجزيرة نت)
‪المهندسة عناية بنا جريس من المركز العربي للتخطيط البديل‬ (الجزيرة نت)

القرى التعاونية
واستعرضت المهندسة عناية بنا جريس من المركز العربي الوثيقة التي قدمتها "وحدة الاستيطان" إلى لجان التخطيط والبناء، وبينت التطلعات من وراء "خطة المناطر" التهويدية  التي وضعت في ثمانينيات القرن الماضي.

وذكرت أن الغرض منها "فرض السيادة الإسرائيلية على أكبر مساحة من الأرض لخلق توازن ديموغرافي مع الفلسطينيين في الجليل والبالغ تعدادهم سبعمائة ألف نسمة، في حين يصل تعداد اليهود لنحو 630 ألفا".

وقالت جريس للجزيرة نت إن الوثيقة حذرت من "النمو والزيادة الطبيعية للفلسطينيين وهمشت احتياجاتهم" كما انتقدت المخطط الهيكلي القُطري "تاما 35" الذي يمنع إقامة مستوطنات جديدة وتوسيع مسطحات نفوذ "القرى التعاونية اليهودية الصغيرة، ويفرض قيودا على الاستيطان الزراعي، إذ طالبت بإلغاء هذه القيود لتطبيق خطة التهويد ليتسنى إحداث تغيير في التوازن الديموغرافي لصالح اليهود".

وذكرت أن إسرائيل عمدت خلال السنوات العشر التي تلت النكبة إلى مصادرة نحو مليون دونم وإقامة نحو 104 بلدات يهودية في الجليل دون أن تقام حتى اليوم أي بلدة عربية، وواصلت سياسة مصادرة ملكية الأراضي وتحويلها لنفوذ المجالس اليهودية، إذ تقلصت ملكية الفلسطينيين في الداخل للأراضي ومسطحات البلدات العربية لتقتصر على 3.4% من مساحة الدولة بحدود 1967 على الرغم من أن تعدادهم من السكان يصل إلى 18%.

‪مظاهرات فلسطينيي 48 تنديدا بمخططات التهويد بالنقب والجليل‬ (الجزيرة-أرشيف)
‪مظاهرات فلسطينيي 48 تنديدا بمخططات التهويد بالنقب والجليل‬ (الجزيرة-أرشيف)

ليس صدفة
من جهته، استشهد رئيس بلدية سخنين، مازن غنايم، بواقع بلدته الواقعة في منطقة البطوف والبالغ مساحتها ستين ألف دونم والمستهدفة بمخطط التهويد، حيث صودرت آلاف الدونمات من أراضي المدينة للاستيطان ولصالح معسكرات الجيش، وباتت تعيش أزمة سكنية خانقة بسبب رفض لجان التنظيم والبناء المصادقة على توسيع نفوذ ومسطحات أراضي البلدة.

وأشار غنايم إلى أن هذا الوضع "يدفع المتزوجين حديثا إلى الهجرة من أجل السكن في البلدات اليهودية المجاورة، وهناك يصطدمون بالرفض لدوافع عنصرية".

وقال أيضا "مشروع تهويد الجليل ليس وليد الصدفة ويندرج ضمن سياسة الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بمصادرة الأرض والتضييق على الفلسطينيين وحرمانهم التطور والتوسع، مقابل تخصيص مئات آلاف الدونمات المصادرة من البلدات العربية للمجالس الإقليمية اليهودية لتكون احتياطا للمشاريع الاستيطانية التوسعية".

ولفت إلى أن الفلسطينيين بالداخل أصحاب الأرض الأصليين يعيشون وسط تحديات الصمود والبقاء "وخوض معركة الأرض والمسكن"، داعيا الحكومة الإسرائيلية للعدول عن مشاريعها التهويدية والمصادقة على المخططات الهيكلية لتوسيع مسطحات نفوذ البلدات العربية التي تطالب بالحفاظ على آخر ما تبقى لها من أرض، محذرا من تداعيات المصادرة والتضييق التي تدفع نحو المواجهة والصدام.

‪زحالقة: إسرائيل قلقة من تزايد الفلسطينيين‬  (الجزيرة نت)
‪زحالقة: إسرائيل قلقة من تزايد الفلسطينيين‬  (الجزيرة نت)

الأغلبية اليهودية 
بدوره، يرى النائب العربي بالكنيست، جمال زحالقة، أن إسرائيل "قلقة" من الزيادة الطبيعية للفلسطينيين، لذا تحاول من خلال التهويد والاستيطان تغيير التوازن الديموغرافي في الجليل الذي تسكنه أغلبية فلسطينية، لكنها "فشلت رغم مصادرة الأرض وتوسيع المستوطنات في تحقيق ذلك".

وشدد زحالقة على أن الحكومة الإسرائيلية الحالية "تحاول من جديد تحريك مشاريع الاستيطان في الجليل ليكون لها أغلبية يهودية لتفرض سيادتها، وذلك خوفا أن يؤدي تواصل تكاثر الفلسطينيين في المستقبل لمطالب بالحكم الذاتي أو الانفصال".

ونبه النائب العربي إلى أن المخطط الاستيطاني في الجليل أسوة بما يحدث بالنقب "ليس مرتبطا بأحداث عابرة، ويأتي في صلب المشروع الصهيوني الهادف للاستيلاء على الأرض وسلبها من أصحابها الشرعيين لبناء بلدات لجذب وتوطين اليهود".

المصدر : الجزيرة