سهى عرفات: الجزيرة وثقت للأجيال جريمة قتل عرفات

سهى عرفات وابنتها زهوة في باريس خلال انتظار التقرير السويسري

undefined

حوار: محمد العلي-باريس

اعتبرت أرملة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات أن تقرير الخبراء السويسريين لم يدع مجالا للشك بأن عرفات مات مسموما وأن هنالك "جريمة قتل" ارتكبت. ورأت أن الجزيرة ساعدتها في توثيق الجريمة للتاريخ وللأجيال المقبلة.

فيما يلي نص المقابلة:

undefinedنحن كلنا مواكبون لملف الموت الغامض للرئيس الراحل ياسر عرفات, ولكن كان مفاجئا قول أحد الخبراء الروس العاملين على فحص عينات من رفات عرفات إنه لا أثر للبولونيوم فيها. كيف تقيمين التسريب الروسي؟

– أنا لم أتابع موضوع التصريح الروسي, كنت أتابع الموضوع الذي يخصني, وأنا على اتصال مباشر به, وهو تحليل الخبراء السويسريين, وعمل التحقيق الفرنسي لأنني رفعت دعوى أمام محاكمها, أما الفحص الروسي فمن كان يواكبه ويهتم به هو السلطة الفلسطينية، لذا فأنا لا أستطيع الحديث بشأنه إطلاقا, أستطيع أن أتحدث بشأن نتيجة الفحص السويسري. أما بالنسبة للتحقيق الفرنسي, فسيأخذ الأمر مجراه لديها، وهنالك دعوى مرفوعة أمام القضاء الفرنسي وستأخذ وقتها ومجراها. وأنا مهتمة جدا بالتحقيق السويسري وأتابعه, بل إنني عملت بنصيحة الخبراء السويسريين بضرورة فحص رفات أبو عمار. وأريد أن أنوه هنا بأن السلطة الوطنية (الفلسطينية) واكبتني بالموضوع, وكلمة حق تقال إن الرئيس أبو مازن (محمود عباس) أخذ القرار بمتابعة الموضوع حتى الوصول للنتائج، وكان متعاونا معنا لأقصى حد، ولولا هذا التعاون لما بدأت الحقيقة بالظهور. أريد أن أنوه أيضا بكل صدق، بأن الإرادة السياسية الفلسطينية كانت موجودة لكشف حقيقة استشهاد أبو عمار. أما الموضوع الروسي فيمكن أن تسأل السلطة الفلسطينية بشأنه لأنهم هم من واكبوا الموضوع وهم على اتصال بالخبراء الروس. لكن أهم شيء لي الآن هو أن الخبراء السويسريين عثروا على مادة البولونيوم بكمية لا مجال للشك بعدها أن أبو عمار مات مسموما وأن هناك جريمة قتل وهي ملخص الموضوع كله.

undefinedهنالك حدس عام أن ما حصل مع الرئيس الراحل جريمة قتل, لكن بالنسبة للفرنسيين، كان موقفك منهم يتسم بالدقة لأنك رفعت دعوى في فرنسا ضد مجهول, لكن أبو عمار توفي على أرضهم، كما أن تقارير أطباء فرنسيين حول وفاته أفادت بأنها كانت لأسباب مجهولة, فكيف يمكن للسلطات الفرنسية أن تتعامل الآن مع القضية؟ هل يمكن أن تُسيسها مثلا؟

– لا أتصور أن يُسيس القضاء في فرنسا، لأن قضاءها مستقل وغير مسيس على غرار البلاد العربية. إذا عدت إلى تحقيق الجزيرة الأول حول القضية، تجد أن هناك إشارة إلى أن البولونيوم لم تكن معروفة إمكانية استخدامه كمادة إشعاعية للتسميم إلا بعدما استخدمت مع العميل الروسي ألكسندر ليتفينينكو. ويمكن ألا يكون الفرنسيون فكروا في حينها بالبحث عن السموم الإشعاعية. فعندما ذهب صحفي التحقيقات كلايتون سويشر في الموضوع إلى خواتيمه, لم يكن خاطرا لأي إنسان في الدنيا. أنا متأكدة أن الفرنسيين قاموا بواجبهم، لكنه لم يخطر ببالهم وجود تسمم إشعاعي. ولم يكن هناك سوابق في التاريخ بهذا الموضوع. لا أتصور أن الفرنسيين قصروا في أي واجب،  فلديهم خمسون طبيبا يعملون على القضية. وهنا تأتي أهمية الجزيرة وكلايتون سويشر ومحبة الأخير لأبو عمار. بالمناسبة هنالك أناس كثر يعرضون تحليلات عن القضية لا أول لها ولا آخر، مع أن الموضوع جرى بالصدفة. فكثيرون تساءلوا لماذا الجزيرة (تقوم بالتحقيق) والجزيرة تريد أن تحسن سمعتها. ما قامت به الجزيرة عمل وطني وقومي ويسجل للتاريخ، وأكبر مما قامت به الدول العربية كافة، هذه مسؤوليتها في كشف الحقيقة.

undefinedماذا بعد؟ ما هي الخطوة القادمة للسيدة سهى عرفات بعد نشر التقرير الجديد؟

– تحقيق الجزيرة وثق قضية موت ياسر عرفات للتاريخ. والجزيرة ساعدتني بتوثيق هذه الجريمة للتاريخ وللأجيال بأن هنالك شخصا رفض تقديم التنازلات في قضية الشعب الفلسطيني وقتل. هذه (حقيقة) وُثقت للتاريخ  بدأ الأمر كتحقيق عادي وأصبح وثيقة تاريخية تؤرخ مقتل قائد الشعب الفلسطيني الذي وضع فلسطين على الخارطتينْ السياسية والجغرافية، وانتقل معه الفلسطينيون من شعب مشرد إلى شعب له وطن، قتل لأنه رفض التنازل عن الثوابت الفلسطينية. ما بناه ياسر عرفات لا يمكن لأي كان أن يُحيد عنه، أيُ قائد للشعب الفلسطيني لا يمكن أن يحيد قيد أنملة عما رفض أبو عمار التنازل عنه، استشهاده هو ضمانة للشعب الفلسطيني للأجيال القادمة كي تواصل الطريق للوصول لدولة فلسطينية خالية من المستوطنات وحق العودة للاجئين وإطلاق الأسرى والمياه وكل ما تريد، لكن أهم شيء هو حق العودة الذي كان أبو عمار دائما يقول ويكرر "لا يمكن أن أتنازل عنه".

undefinedهناك جانب إنساني في قضية وفاة عرفات, متمثل بابنته زهوة وخسارتها لوالدها وإقحامها في قضية معقدة لم تكن مهيأة لها.

– ( مقاطعة) هي لم تكن مهيأة وأقحمت، هذا صحيح. لكن ما شاء الله عليها تصرفت، لديها ثبات والدها، أعطت الحمض النووي كي يتأكد الخبراء بعد فحص متعلقات أبو عمار بأنها تخصه, شاركت منذ عامين في الموضوع وهي تسير فيه إلى النهاية لأن ياسر عرفات رئيس للشعب الفلسطيني وأب لكل أطفال فلسطين ووالدها، حرمت منه في سن التاسعة إضافة إلى سنوات الحصار الثلاث التي كانت محرومة خلالها من زيارته، وهي عمليا يتمت عندما كان عمرها خمس سنوات لا تسعا، وزهوة تشعر أنها مسؤولة أمام أطفال فلسطين والتاريخ.

المصدر : الجزيرة