قراءة في استقالة المفاوضين الفلسطينيين

WASHINGTON, DC - JULY 30: U.S. Secretary of State John Kerry (C) watches as Israeli Justice Minister Tzipi Livni (R) and Palestinian chief negotiator Saeb Erekat (L) shake hands during a presser on the Middle East Peace Process Talks at the Department of State on July 30, 2013 in Washington, DC. Israeli Justice Minister Tzipi Livni and Palestinian chief negotiator Saeb Erekat joined Kerry in some of the first direct talks in three years between Israel and Palestine.
undefined

عوض الرجوب-الخليل

مع أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أعلن أواخر يوليو/ تموز الماضي اتفاق الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على إبقاء المفاوضات بينهما سرية، جاءت استقالة وفد المفاوضين الفلسطينيين قبل أيام أبلغ من أي تصريح، وأكدت عمق الأزمة بين الجانبين، وفق محللين.

وبينما يلتزم المفاوضون الفلسطينيون جانب الحذر بحديثهم عن مجريات العملية التفاوضية، يؤكد مسؤولون ومحللون أن الاستيطان ظل على الدوام عامل تأزم بين الجانبين، وهو ما قاد إلى الاستقالة إضافة إلى عوامل أخرى.

وحاولت الجزيرة نت الاتصال بالقيادييْن في طاقم التفاوض صائب عريقات ومحمد اشتية عدة مرات دون جدوى. لكن بيانا للناطق باسم دائرة شؤون المفاوضات خافيير أبو عيد، أكد أن الاستقالة جاءت نتيجة للتصعيد غير المسبوق في الاستيطان واستخدام إسرائيل إطلاق سراح الأسرى لتعزيز مشروعها الاستيطاني وافتقارها للجدية بشأن حل الدولتين.

ووفق البيان -الذي تلقت الجزيرة نت نسخة منه- فإن الاستقالة لا تبطل التزام منظمة التحرير بمواصلة المفاوضات حتى نهاية الشهور التسعة المتفق عليها مع إسرائيل والولايات المتحدة في 29 أبريل/ نيسان 2014.

‪وصفي قبها: استقالة وفد المفاوضات مناورة لامتصاص نقمة الشارع الفلسطيني‬ وصفي قبها: استقالة وفد المفاوضات مناورة لامتصاص نقمة الشارع الفلسطيني (الجزيرة نت)
‪وصفي قبها: استقالة وفد المفاوضات مناورة لامتصاص نقمة الشارع الفلسطيني‬ وصفي قبها: استقالة وفد المفاوضات مناورة لامتصاص نقمة الشارع الفلسطيني (الجزيرة نت)

وكان نمر حماد المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني تساءل في حديث سابق للجزيرة فيما إذا كانت الولايات المتحدة ستنقذ المفاوضات الآن أو تنتظر تسعة أشهر. وقال "ما فيش (لا) فائدة من المفاوضات" في إطار الإقرار بعمق الأزمة وربما فشل جولات التفاوض الحالية.

وفي حين اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) -المعارضة لنهج التفاوض وسيلة لإنهاء الاحتلال- الاستقالة مناورة من الطاقم المفاوض، أكدت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) التي تتبنى خيار التفاوض أن البناء الاستيطاني هو ما قاد للاستقالة.

وقال القيادي بحركة حماس والوزير السابق وصفي قبها إن الاستقالة "مناورة" وجاءت "لامتصاص نقمة الشارع الفلسطيني الذي أجمع على رفض المفاوضات التي ذهبوا إليها بلا أوراق ضغط أو قوة".

التفريط بورقة
وأضاف للجزيرة نت أن كيري لمح لوجود حوارات للاستمرار في المفاوضات، في إشارة لاحتمال استمرار الطاقم في مهامه، منتقدا ما سماه تفريط القيادة الفلسطينية بورقة الانضمام للمنظمات الدولية كأداة ضغط بيدها.

أما حركة فتح فشددت -على لسان الناطق باسمها أسامة القواسمي- على أن الوفد المفاوض استقال قبل عشرة أيام "نتيجة الاستيطان المتصاعد من حكومة إسرائيل" ونتيجة "شعور القيادة الفلسطينية والوفد المفاوض أن إسرائيل تواصل تعنتها وتستغل المفاوضات لتمرير مشروعها الاستيطاني".

ومن جهته اعتبر المحاضر بجامعة بيرزيت د. سميح شبيب، إعلان إسرائيل عن بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة بالقدس، إضافة لآلاف أخرى سبقتها، عاملا أساسيا حال دون المضي في عملية تفاوضية بلا معنى أو جدوى.

سميح شبيب: قد تقود الاستقالة إلى إعلان أميركي ضاغط(الجزيرة)
سميح شبيب: قد تقود الاستقالة إلى إعلان أميركي ضاغط(الجزيرة)

واعتبر بحديثه للجزيرة نت أن تأثير الاستقالة لن يتجاوز أحد أمرين: إما أن تقود لإعلان موقف أميركي جديد وضاغط على إسرائيل "قد ينجح في وقف حملة الاستيطان الجديد وبالتالي إيجاد مخرج لاستمرار المفاوضات" أو العودة لمائدة المفاوضات بطاقم جديد خلال فترة لا تتجاوز أسبوعين.

رسائل
أما مدير برنامج الدراسات الفلسطينية والعربية بجامعة بيرزيت د. أحمد عزم فيقرأ في الاستقالة عدة رسائل موجهة للولايات المتحدة وإسرائيل والفلسطينيين، لكنه يستبعد نتائج جوهرية أو هامة لهذه الخطوة.

وأضاف متحدثا للجزيرة نت أن استقالة الوفد الفلسطيني -الذي تعهد بعدم الانسحاب من المفاوضات لتسعة أشهر- جاءت احتجاجا على السياسات الإسرائيلية الراهنة المتمثلة في استمرار البناء الاستيطاني وبشكل أضخم من أي وقت مضى.

وأوضح أن الاستقالة جاءت -أيضا- احتجاجا على السياسات الأميركية سيما صمت المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مارتن إنديك على التصعيد الاستيطاني واستمرار رفضه محاولات إجبار إسرائيل على تقليص استيطانها أو حتى استمراره بصمت.

أما داخليا، فيشير الأكاديمي الفلسطيني إلى سيل من الانتقادات وُجهت للمفاوض الفلسطيني وأدائه، معتبرا أن تغيير مفاوض أو عدم تغييره لن يكون ذا تأثير كبير على العملية التفاوضية، إذ بإمكان عباس أن يكلف وفدا آخر بإتمام العملية.

المصدر : الجزيرة