تونس تنتظر الحوار والمعارضة تتظاهر

تظاهر آلاف التونسيين في العاصمة اليوم الأربعاء مطالبين بتنحي الحكومة قبل ساعات من بدء محادثات بين حزب النهضة (الإسلامي) الحاكم وزعماء من المعارضة لإنهاء الأزمة السياسية المستمرة منذ شهور.

واحتشد عدة آلاف من معارضي النهضة في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة رافعين الأعلام التونسية ولافتات تطالب الحكومة بالرحيل.

وقالت مدرسة -تدعى سلوى- خلال المظاهرة "لا نثق في أن هذه الحكومة سترحل". وأضافت "لم يصدقوا يوما في وعدهم".
 
ودعت جبهة الإنقاذ الوطني "التونسيين والتونسيات إلى التعبئة الجماهيرية لتأكيد رفضهم استمرار الأزمة على حسابهم والتسريع في تنفيذ مبادرة الرباعي لتسوية الأزمة السياسية" وفق ما جاء في بيان لها يوم الاثنين.
‪(دويتشه فيلله-أرشيف)‬ جبهة الإنقاذ المعارضة دعت أنصارها للتظاهر
‪(دويتشه فيلله-أرشيف)‬ جبهة الإنقاذ المعارضة دعت أنصارها للتظاهر

وطالبت الجبهة في بيانها باستقالة الحكومة، وتعيين حكومة كفاءات وطنية مستقلة لإنقاذ البلاد وتوفير المناخ المناسب لتنظيم انتخابات حرة وديمقراطية وشفافة.

وتتهم جبهة "الإنقاذ" حركة النهضة بإطالة المحادثات والمماطلة بهدف تعطيل الحوار الوطني، وإحكام السيطرة على مفاصل الدولة وتزوير الانتخابات.

وحددت اليوم 23 أكتوبر/تشرين الأول لتنظيم الوقفة الاحتجاجية بشارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، بالتزامن مع الوقفة الاحتجاجية الدورية أمام مبنى وزارة الداخلية التي تطالب بكشف حقيقة الاغتيالات السياسية.

وكان حزب النهضة وافق على استقالة الحكومة التي يقودها خلال ثلاثة أسابيع، وإفساح المجال لحكومة كفاءات غير حزبية إلى أن تجرى انتخابات جديدة في البلاد التي شهدت أولى انتفاضات الربيع العربي أواخر عام 2010.

ويقول رئيس الوزراء علي العريض وزعماء الحزب إنهم مستعدون لتسليم السلطة، لكنهم يريدون توفير الظروف اللازمة لإجراء الانتخابات بما في ذلك إقرار الدستور الجديد وتشكيل لجنة انتخابية.

بدء الحوار
في غضون ذلك، من المقرر أن تنطلق في تونس اليوم أولى الجلسات الرسمية للحوار بين الائتلاف الحاكم والمعارضة بحثاً عن حل للأزمة السياسية المستمرة في البلاد منذ أسابيع. وقد حث زعيم حزب حركة النهضة راشد الغنوشي الفرقاء السياسيين على "تغليب العقل والتنازل".

ودعا الغنوشي في بيان نشره الموقع الإلكتروني لحركة النهضة، الفرقاء السياسيين في السلطة والمعارضة "إلى تغليب لغة العقل، والتنازل المتبادل من أجل المصلحة الوطنية" خلال جلسات الحوار الوطني داعيا لـ"تفويت الفرصة على كل المتربصين بالتجربة الوليدة في الداخل والخارج".

ويتزامن موعد بداية الحوار مع الذكرى الثانية لانتخاب المجلس الوطني التأسيسي الذي كان هدفه أصلا المصادقة على دستور في غضون سنة، لكن ذلك الجدول الزمني تأخر بسبب انعدام التوافق بين الفرقاء.

من جهته، توقع رئيس المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) مصطفى بن جعفر أن تتعهد الحكومة التي تقودها حركة النهضة، بتقديم استقالتها بعد ثلاثة أسابيع التزاما بخارطة طريق طرحها الاتحاد العام التونسي للشغل والمنظمات الراعية للحوار لإخراج البلاد من أزمتها السياسية.

‪العريض يدلي اليوم بتصريح
‪العريض يدلي اليوم بتصريح "مهم" إثر مجلس وزاري استثنائي‬ (رويترز)

تعهد الحكومة
وقال بن جعفر في مقابلة مع التلفزيون الرسمي مساء أمس الثلاثاء "غدا (اليوم الأربعاء) من المفروض أن تقدم الحكومة تعهداتها باحترام خارطة الطريق، وبعد أسابيع تقدم استقالتها" مضيفا أن "المرحلة القادمة تتطلب حكومة غير متحزبة" وفق ما جاء بوكالة الصحافة الفرنسية.

ووفق هذه الخارطة سيتم خلال الجلسة الأولى للمفاوضات المباشرة "الإعلان عن القبول بتشكيل حكومة كفاءات ترأسها شخصية وطنية مستقلة لا يترشح أعضاؤها للانتخابات القادمة تحلُّ محلّ الحكومة الحالية التي تتعهد بتقديم استقالتها في أجل أقصاه ثلاثة أسابيع من تاريخ الجلسة الأولى للحوار الوطني".

وأعلن أمس الثلاثاء نحو ستين نائبا، كانوا جمدوا عضويتهم بالمجلس التأسيسي منذ اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي في يوليو/تموز الفائت، أنهم لن يعودوا إلى المجلس إلا بعد استقالة الحكومة.

وتتخبط تونس في أزمة سياسية عميقة منذ اغتيال البراهمي في 25 يوليو/تموز، بجريمة نسبتها الشرطة إلى عناصر سلفية.

وقال النواب الذين انسحبوا من المجلس التأسيسي، عقب اغتيال البراهمي، إنهم تلقوا تأكيدات من رباعي الوساطة بأن الحوار سينطلق بتعهد صريح من قبل رئيس الحكومة المؤقتة يلتزم بمقتضاه بتقديم استقالة حكومته وفق ما تنص عليه خارطة الطريق وفي الآجال المنصوص عليها.

وأعلن النواب في بيان تلقت وكالة الأنباء الألمانية نسخة منه "استعدادهم التام لإنجاح الحوار الوطني والوفاء بالالتزامات المحمولة عليهم وفق خارطة الطريق".

وتشمل تلك الالتزامات استئناف المهام الأساسية للمجلس التأسيسي، بما يعني عودة النواب المنسحبين لإنهاء الدستور الجديد والمصادقة عليه، وإصدار القانون الانتخابي وتشكيل الهيئة المستقلة للانتخابات.

المصدر : الجزيرة + وكالات