جدل حول حرية الإعلام بتونس

تجاذبات كبيرة حول حرية الإعلام في تونس
undefined

خميس بن بريك-تونس

يكثر الحديث هذه الأيام في تونس عن حرية الإعلام، التي ترى نقابة الصحفيين التونسيين أنها "مهددة" من قبل الحكومة، بعد تعيينات مثيرة للجدل وإثر اعتقال مدير قناة تلفزيونية خاصة.

غير أن الحكومة من جانبها تتهم أطرافا إعلامية بالفساد وتدعو لتطهير الإعلام، مؤكدة احترامها لحرية التعبير.

ويثور جدل كبير هذه الآونة في أوساط الإعلاميين، على خلفية قيام الحكومة بتعيين مسؤولين، اتهموا بولائهم للنظام السابق، على رأس مؤسسات بارزة منها التلفزة الوطنية.

لكن الضجة الكبرى أثارها اعتقال مدير قناة "التونسية" الخاصة، الذي سلم نفسه أمس الخميس للسلطات بعدما صدرت بحقه مذكرة توقيف، للتحقيق معه في قضية أثيرت ضده بعد الثورة، ويتهم فيها باستغلال نفوذه أثناء حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، لنهب المال العام من التلفزة الوطنية.

اتهامات
وبينما تتهم نقابة الصحفيين التونسيين الحكومة بتحريك القضية انتقاما من قناة "التونسية"، التي تبث منوعات سياسية ساخرة من رموز الحكومة وحركة النهضة، تنتقد الحكومة موقف النقابة بدفاعها عن "قضية فساد"، وتنفي أي توظيف للقضاء في هذا الملف.

العريض: كيف يدافع الصحفيون عن فساد؟ (الجزيرة)
العريض: كيف يدافع الصحفيون عن فساد؟ (الجزيرة)

وأكد عامر العريض رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة أن قضية مدير قناة "التونسية" لا تمت بصلة لحرية التعبير، قائلا للجزيرة نت إن "القضية تهم القضاء وحده وتتعلق بملف فساد".

وتساءل "كيف يدافع صحفيون عن قضية فساد تتمثل في نهب مليارات من المال العام من التلفزة العمومية؟"، منتقدا بشدة موقف نقابة الصحفيين، التي اعتبرت أن إصدار مذكرة توقيف ضد سامي الفهري -مدير "التونسية"- بتهمة الفساد، هو "غطاء" للانتقام منه بسبب الانتقادات الموجهة للحكومة في قناته.

وكان مدير "التونسية" اتهم المستشار السياسي للحكومة لطفي زيتون بالضغط عليه لوقف بث منوعات ساخرة من الحكومة، لكن هذا الاتهام سرعان ما نفاه زيتون، وعكس الهجوم على صحفيين، بعضهم ينتمي للنقابة، ومن بينهم المدون والصحفي المعروف زياد الهاني، بأنهم يسعون للتغطية على إعلاميين فاسدين، واتهمهم بشن حملة تشويه ضده على الإنترنت.

وردا على الاتهامات قال زياد الهاني للجزيرة نت "هذا كلام غير مسؤول، والذي صرح به مختص في توتير الأجواء"، محملا المستشار السياسي مسؤولية ما ينتج عن تصريحاته، قائلا "تحريضه ودعواته لتحريك الشارع لخدمة أهداف الحكومة يفتح الباب أمام الفوضى وأمام العنف الدموي".

وأثار لطفي زيتون، الذي دعا أنصار النهضة للخروج في مسيرة حاشدة الجمعة لتطهير الإعلام، جدلا بعدما اتهمته جريدة إلكترونية بأنه يتستر على امتلاكه لقناة تلفزيونية تدعى "الزيتونة"، لكن زيتون ينفى ذلك.

الهاني: الحكومة تريد الهيمنة على الإعلام (الجزيرة)
الهاني: الحكومة تريد الهيمنة على الإعلام (الجزيرة)

الحياد الإعلامي
من جهة أخرى، يقول زياد الهاني إن نقابة الصحفيين "متمسكة" بالكشف عن ملفات الفساد واسترجاع المال العام المنهوب، لكنه عبر عن رفضه أن يقع استغلال ذلك غطاء للتضييق على حرية الإعلام والعودة لاستخدام القضاء أداة لخدمة مصالح الحكومة، وفق قوله.

وانتقد التعيينات الحكومية لمسؤولين على رأس بعض المؤسسات البارزة ومنها التلفزة التونسية وجريدة "الصباح"، قائلا إنها تسعى للهيمنة على وسائل الإعلام وتوجيهها وإعادة إدخالها إلى بيت الطاعة.

وردا على هذا الاتهام، يقول القيادي في حركة النهضة وزير الفلاحة في الحكومة محمد بن سالم "نحن مع حرية الإعلام دون أدنى شك أو تحفظ. هذه مسألة مبدئية، والأيام ستثبت من يقف حقيقة مع حرية الإعلام ومن يسعى لتوظيف الإعلام لأغراض سياسية".

ويضيف "الإعلام حر عندما يكون محايدا وفي خدمة البلاد. نحن نرفض أن يكون لدينا إعلام يخدم مصالح حزبية ضيقة أو موال للحكومة".

وبخصوص التعيينات الأخيرة، يقول بن سالم "نحن لم نعين أي شخص ينتمي لحركة النهضة، بل عينا أشخاصا من رجال الإعلام".

من جهته يقول عامر العريض رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة إن التعيينات "من حق الحكومة"، التي قال إنها حريصة على إدارة المرحلة بالحوار مع أهل المهنة لضمان علاقة تفاعل إيجابية مع رجال الإعلام بمختلف أقلامهم ووسائلهم، وفق قوله.

المصدر : الجزيرة