مشروع قانون للعزل السياسي بتونس

قدمت خمس كتل نيابية في المجلس التأسيسي التونسي (البرلمان) مشروع قانون يهدف إلى منع كل من تولى مسؤوليات عليا في النظام السابق من الترشح لرئاسة الجمهورية أو تولي مسؤوليات رفيعة سياسية أو دبلوماسية، ويثير هذا المشروع ردود فعل رافضة في صفوف أحزاب سياسية.

في الأثناء، أعطت أمس محكمة تونس الابتدائية الضوء الأخضر لبث مقابلة مسجلة مع سليم شيبوب صهر الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، بعدما رفضت دعوى قضائية أقامها "المكلف العام بنزاعات الدولة" لمنع قناة خاصة من بث المقابلة.

ويستهدف مشروع "قانون التحصين السياسي للثورة"، الذي قدمته كتل النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية والكرامة ومستقلون فيما غاب حزب التكتل العضو في الائتلاف الحاكم، العزل السياسي لعشر سنوات "للفاعلين" السياسيين في نظام بن علي.

ويتوقع مراقبون تمرير القانون بسهولة، لأن الكتل الخمس تملك مجتمعة غالبية المقاعد البالغة عددها 217. وورد في مشروع القانون أنه "يهدف إلى إرساء التدابير الضرورية لتحصين الثورة تفاديا للالتفاف عليها من النظام السابق".

ويشمل القانون بالخصوص كل من تقلد مسؤولية وزير أول، ووزير، وكاتب الدولة، في الفترة بين 2 أبريل/نيسان 1989 (تاريخ إجراء أول انتخابات في عهد بن علي) و14 يناير/ كانون الثاني 2011 (تاريخ الإطاحة بنظامه).

كما يشمل كل من تقلد في نفس الفترة، مسؤوليات في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم في عهد بن علي، "وكل من ناشد" الرئيس المخلوع البقاء في الحكم إلى ما بعد سنة 2014 رغم أن الدستور التونسي لم يكن يسمح له بالترشح مرة أخرى للرئاسة.

قائد السبسي أكد أن قانون العزل السياسي يستهدفه شخصيا (رويترز-أرشيف)
قائد السبسي أكد أن قانون العزل السياسي يستهدفه شخصيا (رويترز-أرشيف)

انتقادات للمشروع
وبموجب القانون، يمنع هؤلاء من الترشح إلى رئاسة الجمهورية، أو رئاسة أو عضوية مجلس الشعب والمجالس البلدية، "وأي مجالس لها صفة الجماعات العمومية" (المحليات)، ومن تولي المناصب الحكومية (رئيس حكومة، وزير، سفير، محافظ..) ومن رئاسة أو عضوية "الهيئات الدستورية المعتمدة في الدستور الجديد" (هيئة الإعلام والقضاء..).

كما سيمنعون من شغل "رئاسة أو عضوية أي من الهياكل القيادية المركزية أو الجهوية في الأحزاب السياسية أو عضوية هيئاتها المؤسسة".

وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" انتقدت في وقت سابق من هذا الشهر مشروع القانون ولفتت إلى أنه يمثل "خرقا للمعايير الدولية" لأنه "سيحرم آلاف الأشخاص من أحد حقوقهم الأساسية".

بدوره أعلن رئيس الوزراء التونسي السابق الباجي قائد السبسي (86 عاما)، رئيس حزب "حركة نداء تونس" أن قانون العزل السياسي "يستهدفه شخصيا". واعتبر أن الهدف الحقيقي من هذا القانون هو إفراغ الساحة السياسية في تونس من خصوم حركة النهضة.

بث المقابلة
في غضون ذلك رفض القضاء التونسي أمس دعوى لإيقاف بث مقابلة تلفزيونية مسجلة مع سليم شيبوب صهر بن علي.

وكان يفترض أن تبث قناة التونسية مقابلة الخميس مع شيبوب الذي فر إلى الإمارات بعد الإطاحة بنظام عمه، لكن التلفزيون لم يتمكن من ذلك بعدما استصدر المكلف العام بنزاعات الدولة (الخميس) إذنا بوقف بث المقابلة لحين البت في الدعوى.

وقال معز بن غربية الصحفي بقناة التونسية الذي أجرى الحوار في تصريح لإذاعة "إكسبرس أف إم" التونسية إن القرار أصبح "بأيدينا الآن وسنبث المقابلة متى نريد".

وكان عدد من السياسيين والإعلاميين التونسيين نددوا أمس بمنع بث مقابلة شيبوب. كما أيد رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي الأمر القضائي بمنع بث المقابلة. وأضاف أن بثها من شأنه أن يمثل محاولة للدفع إلى "التطبيع الممنهج" مع النظام السابق.

وسليم شيبوب (53 عاما)  كان صاحب مقهى حتى تولي بن علي السلطة في تونس عام 1987. وأصبح لاحقا من أثرياء تونس وشخصياتها العامة المؤثرة خصوصا في الصفقات العامة للدولة، حسب معارضين. وحكم عليه في مارس/آذار الماضي غيابيا بالسجن خمس سنوات بعد إدانته بحيازة أسلحة نارية بدون رخصة.

المصدر : وكالات