"الشوارع المعقمة" وعنصرية الاحتلال

اسرائيل تحرم الفلسطينيين من استخدام تلك الطرق وتجلعها مقتصرة على المستوطنين واليهود فقط -حاجز اسرائيلي على احدى الطرق قرب مدينة رام الله شمال الضفة لمنع دخول الفلسطينيين الجزيرة نت 2 ارشيف

إسرائيل تحرم الفلسطينيين من الطرق الحيوية وتقصرها على المستوطنين واليهود (الجزيرة نت-أرشيف)

عاطف دغلس-نابلس

90 و57 و35 هي أسماء شوارع وطرق شقها الاحتلال الإسرائيلي وغيرها العشرات و"عقّمها" من دخول الفلسطينيين حيث منعهم من استخدامها تحت ذريعة الهواجس الأمنية.

لكن خبير الاستيطان عبد الهادي حنتش يرفض المبررات الأمنية التي تسوّقها إسرائيل لشق تلك "الشوارع المعقمة"، ويرى أن ما يجري هو تقسيم للضفة الغربية إلى كانتونات (تجمعات)، لتسهيل السيطرة عليها وإغلاقها في أي لحظة وبالطريقة التي يراها الاحتلال، إضافة لمحاصرة الفلسطينيين داخل هذه التجمعات ومن ثم إجبارهم على الرحيل، "وهو ما حدث مع انطلاق انتفاضة الأقصى عام 2000".

وفي مقابلة مع الجزيرة نت يؤكد حنتش، وهو عضو باللجنة الفلسطينية العامة للدفاع عن الأرض، أن هذه العنصرية تقف خلفها أيضا دوافع احتلالية وتقسيمية، مؤكدا أن إسرائيل بدأت بشق أكثر من 900 كيلومتر من الطرق بالضفة الغربية منذ عام 1991 للربط بين المستوطنات والمعسكرات المقامة بالضفة، وحرمت الفلسطينيين من استخدامها رغم كونها تقع في أرضهم وبين قراهم ومدنهم.

وبين أن الاحتلال يسعى لعمليات تقسيم أخرى بالضفة بوسائل أخرى دون شق الطرق، حيث سيتم تقسيمها إلى 15 جزءا، منها ست كتل استيطانية كبيرة وثمانية تجمعات سكانية فلسطينية، والقسم الأكبر هو المستعمرات المعزولة.

الفلسطينيون يضطرون لاستخدام المجاري بعدما منعوا من استخدام الطريق (الجزيرة نت-أرشيف)
الفلسطينيون يضطرون لاستخدام المجاري بعدما منعوا من استخدام الطريق (الجزيرة نت-أرشيف)

وقال المسؤول الفلسطيني إن الاحتلال حرم الفلسطينيين من استخدام الطرق البديلة "الالتفافية" التي أوجدوها لقضاء حوائجهم، حيث أغلقها لكونها غير مرخصة وتقع في المناطق المسماة "سي" الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، حسب اتفاق أوسلو.

ونفى حنتش أن تكون إسرائيل سهلت من تنقلات الفلسطينيين عبر ممرات أخرى جراء إغلاق هذه الطرق، بل أكد أنها وضعت المزيد من الحواجز وشددت الإجراءات عليها، مضيفا أن هناك مشاريع إسرائيلية لحفر طرق أخرى بطول نحو 700 كلم أخرى بالضفة "لتضيف معازل أخرى إلى 52 معزلا موجودا عبر التقسيم الأول".

أما الباحث بمؤسسة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية كريم جبران فقد أكد أن الخطورة تكمن في مصادرة أراضي المواطنين وشق الطرق عبرها ومنعهم من استعمالها، "بينما يسمح للمستوطنين والإسرائيليين بذلك بحجج أمنية بحتة".

فوق القانون
وقال جبران إنهم بصفتهم الحقوقية خاضوا "حروبا" كثيرة ضد الاحتلال لممارسته العنصرية ضد الفلسطينيين بمنعهم من هذه الطرق، مشيرا إلى أنهم نجحوا في استصدار قرار بإعادة فتح الطريق 443 بقرار من محكمة العدل العليا الإسرائيلية، "إلا أن الاحتلال التف على قرار الفتح بوضع الحواجز على الطريق".

من جهته أكد النائب بالمجلس التشريعي الدكتور مصطفى البرغوثي أن إسرائيل تجمع بين التطهير العرقي والاحتلال، وأن الاحتلال يتطور إلى تكريس نظام "أبارتايد" عنصري "هو الأسوأ في تاريخ البشرية".

مصطفى البرغوثي قال إن الهدف هو عزل الضفة وتقسيمها (الجزيرة نت-أرشيف)
مصطفى البرغوثي قال إن الهدف هو عزل الضفة وتقسيمها (الجزيرة نت-أرشيف)

منظومة الاحتلال
وأوضح للجزيرة نت أن الهدف هو تكريس عملية ضم أكثر من 60% من مساحة الضفة، وعزل الفلسطينيين في تجمعات على نحو 30% من مساحتها "عبر ممارسة تطهير عرقي تدريجي".

ولفت البرغوثي إلى أن السياسة الإسرائيلية بشأن الطرق تأتي ضمن منظومة تشمل عناصر أخرى هي المستوطنات وجدار الفصل العنصري والحواجز إضافة إلى منظومة القوانين العنصرية.

وأكد أن المطلوب فلسطينيا لمواجهة ذلك هو نشاط إعلامي قوي بشأن هذه القضايا، مع تفعيل وتصعيد حركة التضامن، وحسم الخيارات بالتوجه الفوري إلى الجمعية العامة بالأمم المتحدة للمطالبة بفرض عقوبات على إسرائيل.

ونوه البرغوثي إلى أن الفلسطينيين يملكون لذلك "سلاحان مهملان" هما قرار محكمة لاهاي ضد جدار الفصل العنصري وضد التهويد الذي جرى بالقدس والضفة وضد الاستيطان، وتقرير غولدستون.

المصدر : الجزيرة