الفساد ومستقبل المصالحة الفلسطينية

ملفات الفساد في فلسطين الخطوة الاولى في رحلة طويلة
عوض الرجوب-الخليل
 
تثير ملفات الفساد المتتالية في السلطة الفلسطينية جملة تساؤلات حول مستقبل المصالحة الفلسطينية وإمكانية تحقيقها.
 
ففي الوقت الذي عبرت فيه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن خشيتها من تأثير هذه الملفات على مساعي المصالحة، رأت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) أنه لا ينبغي ربط المصالحة بقضايا "فردية".
 
وبدورهم شدد محللون في أحاديث منفصلة للجزيرة نت على أن المصالحة الفلسطينية تمر بمحطات صعبة للغاية، لكنها تمثل حبل النجاة للجميع، ويجب الإسراع فيها خدمة للمصالح العليا للشعب الفلسطيني المحاصر في غزة.
 
المحاسبة أولا
وتشدد حركة حماس على ضرورة فتح جميع ملفات الفساد وتجريم ومحاكمة "من يمتص دماء الشعب ويستغل موقعه"، وفق ما صرح به النائب عن الحركة حاتم قفيشة الذي لم يستبعد تأثير تلك الملفات على المصالحة.
 
لكنه أعرب عن أمله بألا تعيق محاولات تحقيق هذه المصالحة، وأضاف أن حماس تعرف الشعب الفلسطيني وفصائله جيدا وتدرك أن الواقع سيئ.
 
وأضاف أن "حماس رفعت شعار شركاء الدم، شركاء القرار قبل أكثر من عشر سنوات، وكانت تدرك وجود فساد يعشعش في الحياة السياسية الفلسطينية، وعندما شاركت في الحياة السياسية كان هدفها محاربة الفساد وإصلاح الواقع".
 
 فارس: إذا صح تورط فلسطينيين باغتيال المبحوح فهم موساد (الجزيرة نت) 
 فارس: إذا صح تورط فلسطينيين باغتيال المبحوح فهم موساد (الجزيرة نت) 
أما القيادي في حركة فتح قدورة فارس فشدد على أن المصالحة مصلحة وطنية عليا وعلى الجميع إنجازها، وأعرب عن أمله بألا تؤثر أي تطورات سلبية على مساعي تحقيقها.
 
وإذا صح وجود فلسطينيين بين من شاركوا في اغتيال القيادي في حماس  محمود المبحوح -يضيف فارس- فهؤلاء خارجون عن الدين والوطن، وليسوا من فتح أو حماس بل من جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد).
 
وبالحديث عن الصور التي نشرها فهمي شبانة (ضابط المخابرات السابق)، والفساد السلوكي والأخلاقي والمالي والوطني "فتحدث في كل مجتمع، وينبغي محاسبة كل شخص له علاقة بها".
 
وشدد فارس على أن المصالحة هي بين حركتين تحمل كل منهما تاريخا عريقا من النضال والمقاومة والشهداء والأسرى والجرحى.
 
وأضاف أن "الحكم على حركة فتح بتصوير شخص مع امرأة، أو من خلال شخص كان في الأمن الوقائي وأصبح في الموساد، هذا يعني أن المصالحة لن تتم بتاتا".
 
وفي وقت تتلاحق فيه الأحداث وتسير بعكس مصلحة الشعب الفلسطيني، أعرب عن أمله بألا يتأثر ملف المصالحة الذي يسير ببطء سلحفاة، وأكد أنه لن تكون هناك مصالحة إذا استمرت إدارة الملف بهذه الطريقة.

 العويوي أكد على خيار المصالحة في الظروف الحالية (الجزيرة نت) 
 العويوي أكد على خيار المصالحة في الظروف الحالية (الجزيرة نت) 

خيار النجاة

من جهته يرى أستاذ القضية الفلسطينية بجامعة القدس المفتوحة الدكتور أسعد العويوي أن الظروف السياسية والداخلية وسوء الإدارة "تحتم على الجميع التمسك بخيار المصالحة".
 
وقال إن لدى حركة فتح مفاتيح يمكن التصالح معها، ووجود ملف فساد هنا أو هناك لا يعني أن فتح أصبحت فاسدة "بل هي حركة لها تاريخ وقيادات معروفة يمكن الوثوق بها".
 
وأضاف أن لدى كل الأطياف والتيارات السياسية الفلسطينية من يرغب في إنهاء الانقسام، وإخراج الشعب من حالة الإحباط إلى حالة التفاؤل "لكن إذا قزمنا الأمور، وتوقفنا عند ملف هنا أو هناك، فهذا يعني أننا نضع عراقيل في طريق المصالحة".
 
ورأى المحاضر الفلسطيني أن الاختراقات الأمنية تحدث عند كل الحكومات والمنظمات والتيارات السياسية، ولا يمكن تحميل حركة فتح مسؤولية خطأ شخص من الأشخاص أو ملف من الملفات.
 
ويتوافق المحلل السياسي صالح النعامي مع سابقه، فهو يرى أن القضية الفلسطينية تمر بأزمة غير مسبوقة، وأن المدخل لتغيير هذا الواقع هو المصالحة، لكنه قال إن "المصالحة تحتاج إلى نوايا صادقة".
 
وأضاف أن الكشف عن ملفات الفساد ليس جديدا، ويبرز أن أولوية قيادة السلطة ليست القضية الوطنية والمصالح العليا "وإلا لماذا لا تتم معالجتها وعرضها باعتبارها تمس المصلحة الوطنية".
 
ومع ذلك يقول إن هذه القضايا الصعبة يجب ألا تؤثر على المصالحة الفلسطينية التي لا خلاف بين الجميع على أهميتها، "لأن الحصار لن يرفع إلا بالمصالحة". 
المصدر : الجزيرة