قلق فلسطيني من ظاهرة التدهور البيئي

مجاري المستوطنات تتدفق على الريف الفلسطيني (الجزيرة نت)

مجاري المستوطنات تتدفق على الريف الفلسطيني (الجزيرة نت)

عوض الرجوب-الضفة الغربية

لم تعد المهددات المعتادة للبيئة كعوادم السيارات ومداخن المصانع وقطع الأشجار وحدها تهدد البيئة الفلسطينية، بل أضاف إليها الإنسان الفلسطيني والاحتلال -على حد سواء- المزيد من المهددات القاتلة لتشكل حالة مقلقة من التدهور البيئي.

ومن المخاطر المستحدثة تدفق مجاري المستوطنات على القرى والأرياف الفلسطينية، ودفن مواد مشعة في المناطق الصحراوية، وإشعال الحرائق في المواد البلاستيكية وتصاعد سحب الدخان في سماء البلاد.

ورغم تزايد هذه المخاطر فإن الجهود المبذولة للتخفيف منها وملاحقة المتسببين فيها لا تكاد تذكر، نتيجة قلة الموارد المالية وغياب المساءلة والمحاسبة، وعدم كفاية جهود التوعية والتثقيف في هذا المجال.


مخاطر متزايدة
يقول مدير مركز أبحاث الأراضي في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية جمال طلب العَملة إن المبيدات الزراعية التي يسوقها الإسرائيليون في السوق الفلسطينية دون رقابة تعتبر من أبرز المخاطر التي تهدد البيئة الفلسطينية، يضاف إليها تدفق مجاري المستوطنات إلى الأراضي المحتلة.

وأوضح العملة للجزيرة نت أن افتقاد الكثير من القرى لشبكات المجاري وتصريف مجاري المدن إلى الأودية يسبب تلوثا مباشرا للتربة والمياه الجوفية. يضاف إلى ذلك الاستخدام غير الصحي لمكبات النفايات وإحراق بعضها بما تحتويه من مواد بلاستيكية ومعدنية مطلية، الأمر الذي يسبب تسمم الأجواء ويؤثر سلبا على الشجر والإنسان.

ومن الأخطار أيضا -يضيف العملة- دخان المصانع والمعامل ودخان السيارات، واقتلاع الأشجار سواء لغرض البناء الفلسطيني أو من قبل الاحتلال لأهداف مختلفة، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع عدد المصابين بأزمة التنفس والحساسية والسرطان في فلسطين.

علاوة على ما سبق يشير الباحث الفلسطيني إلى وجود الكثير من الشكوك حول قيام الاحتلال بدفن نفايات سامة جلبها من مفاعل ديمونة في أراض فلسطينية جنوب وشرق الضفة الغربية، لكنه أوضح أنه لم تجر أي أبحاث علمية متكاملة للتأكد من هذه النقطة لأن الجانب الفلسطيني غير مؤهل لذلك.

وذكر من المخاطر على البيئة أيضا المحاجر التي لا يراعي أصحابها الأسس البيئية في عملهم، ونفايات مصانع الجلود التي يستخدم في تحضيرها مواد كيماوية معقدة ومخلفات معاصر الزيت.

وشدد على أن ظاهرة التدهور البيئي لا تقل خطورة عن الانفلات الأمني، مؤكدا حاجة الفلسطينيين إلى ضبط بيئي عال لحفظ ما تبقى من بيئة مشوهة أو إعادة البيئة الصحية.


حفريات يعتقد أن سلطات الاحتلال دفنت فيها نفايات مشعة (الجزيرة نت)
حفريات يعتقد أن سلطات الاحتلال دفنت فيها نفايات مشعة (الجزيرة نت)

مشكلة الموارد
ويتفق أخصائي البيئة في جامعة النجاح الوطنية المهندس عاطف أبو جيش مع مدير مركز أبحاث الأراضي في كثير مما قاله، لكنه ذكر أن كثيرا من المناطق الفلسطينية تفتقر إلى شبكات الصرف الصحي، وبالتالي يضطر السكان لاستخدام حفر امتصاصية، الأمر الذي يؤدي بالتالي إلى تلوث المياه الجوفية.

ولفت أبو جيش إلى تصريف نفايات الاحتلال إلى أماكن قريبة من التجمعات السكنية الفلسطينية، وإلقاء نفايات قد تحتوي على مخلفات صناعية وذخيرة ما يؤدي إلى تفاقم المشكلة.

وللحد من مختلف المخاطر البيئية يشدد أبو جيش على ضرورة تطبيق التشريعات البيئية الفلسطينية التي تنص عليها المواصفات البيئية، وتفعيل مبدأ العقاب والمحاسبة، إضافة إلى التوعية والتثقيف سواء من قبل المؤسسات الأهلية أو المجالس البلدية والقروية.

وطالب مختلف الجهات ذات العلاقة وبينها سلطة البيئة والشرطة والقضاء بالمساهمة بفاعلية في الحد من المخاطر التي تهدد البيئة الفلسطينية، والعمل على إنشاء محطات لمعالجة المياه العادمة.

لكنه أكد أن مشكلة التمويل تبقى عائقا أمام أي خطوة من هذا القبيل، موضحا أنه تم التخطيط بالفعل لإنشاء محطات معالجة للمياه العادمة في كافة محافظات الوطن، لكن قلة الموارد المالية حال دون تنفيذ هذه الخطط.

المصدر : الجزيرة