شابة مغربية تحوّل جلود الأسماك إلى حقائب وأحذية وإكسسوارات

sea skin
نجحت نوال في استخراج جلود طبيعية قابلة للتصنيع من كل أنواع الأسماك (الجزيرة)

هاجر إسماعيل-الدار البيضاء

هل تتخيل أن ترتدي حذاء مصنوعا من جلد سمك السالمون أو تشتري حقيبة مصنوعة من جلد سمك الصول، هذا ما نجحت في تحقيقه المهندسة المغربية نوال علاوي صاحبة الـ 26 عاما، والتي تخرجت من المدرسة العليا للنسيج والألبسة بالدار البيضاء وذلك من خلال مبادرتها "سي سكن".

فكرة المشروع
البداية -كما قالت نوال للجزيرة نت- كانت من قرية سيدي رحال بالقرب من العاصمة الصناعية للمملكة (الدار البيضاء) عام 2015.

تقول نوال "طوال فترة دراستي كنت مهتمة بالمشروعات وريادة الأعمال، وبالتالي انضممت إلى إحدى المؤسسات الشبابية التي تعمل على دعم المشروعات الشبابية وهي إيناكتس، وكان المطلوب مني إيجاد فكرة مشروع يعمل على حل مشكلة اجتماعية بالمغرب، وأيضا يكون لها هامش ربحي".

تكمل "وخلال زيارتي لقرية سيدي رحال لفت نظري رائحة القرية الكريهة جدا، وتتسبب في هذه الرائحة قشور وجلود وبقايا الأسماك التي يعمل سيدات تلك القرية على تنقيتها، واستخراج اللحم من الشوك فيها، مما يعرضهن لمشكلات صحية خطيرة ناتجة عن إصابة بعض الأسماك بالأمراض التي يمكن أن ينتقل بعض منها للإنسان، بالإضافة إلى إصابة أيديهن بجروح من الأشواك وتعرض الأطفال لأنواع كثيرة من الحساسيات الخطيرة، وهذا بالطبع إلى جانب أن هذا العمل غير ثابت مما يعرضهن وأسرهن لتذبذب الوضع الاقتصادي، فضلا عن المشكلات الصحية".

عادت نوال إلى السكن الجامعي حيث كانت تعيش وبدأت البحث، لتتفاجأ أن الأيرلنديين لبسوا على مدار قرون ملابس مصنعة من جلود الأسماك وكانت تدفئهم وتميزهم، وكان هذا هو دليلها لإنشاء شركة تهدف إلى إعادة استخدام جلود ونفايات الأسماك غير المستهلكة وتحويلها إلى منتجات من الجلد الطبيعي مثل الأحذية والحقائب والإكسسوارات المصبوغة بصبغات طبيعية أيضا.

‪كانت تجارب نوال بتمويل ذاتي منها دون أي دعم خارجي‬ (الجزيرة)
‪كانت تجارب نوال بتمويل ذاتي منها دون أي دعم خارجي‬ (الجزيرة)

امتحان صعب
الفكرة قد تبدو سهلة وبسيطة ويستطيع أي منا تنفيذها، ولكن نوال مرت بمراحل صعبة جدا تذكرتها مع الجزيرة نت.

"في البداية رفضت لجنة المتخصصين في إيناكتس الفكرة، وقالت لي من المستحيل أن تصنعي جلودا من الأسماك بدون رائحة، وتحدوني تحديا صريحا، أما الجامعة فرفضت استخدام المعامل في إجراء التجارب، فاضطررت إلى اجراء التجارب في غرفتي، وحولت للتحقيق أكثر من مرة بسبب وجود مواد كيميائية في سكن الجامعة".

وأضافت "لكني أصررت وظللت أقوم بتجارب على مدار عام كامل حتى نجحت في استخراج جلود صالحة للاستخدام من جلد سمك السالمون، والذي كنت أحصل عليه من أحد مطاعم السوشي يوميا لإجراء التجارب".

كانت تجارب نوال هذه بتمويل ذاتي منها حيث أنفقت كل مدخراتها على تجاربها، ونجحت في النهاية في استخراج جلد قابل للتصنيع وكسبت تحدي لجنة الخبراء في مؤسسة إيناكتس، وحصلت على ألفي دولار كتمويل كان النواة الأولى لمشروعها.

سوق كبيرة
المملكة هي الأولى أفريقيا في إنتاج الأسماك وفق تقرير "حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية في العالم لسنة 2018" الذي تصدره منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، حيث يبلغ الإنتاج الإجمالي للأسماك البحرية الطبيعية بالمغرب لسنة 2016 نحو 1.43 مليون طن.

وبالتالي فإن مشروع نوال أمامه فرصة كبيرة، حيث إنها نجحت في استخراج جلود طبيعية قابلة للتصنيع من كل أنواع الأسماك، فهي تشتري اليوم نفايات الأسماك من مطاعم المغرب بعد أن كانت تحصل عليها مجانا وذلك لأنها تشترط عليهم طريقة معينة في تقطيع السمك والجلد على حد سواء.

وعن خطوات عملية التصنيع، تقول للجزيرة نت "نأخذ جلد الأسماك ونتخلص من القشور وبواقي اللحم، ثم يغطى الجلد بخلطة من الأعشاب المحلية الموجودة بكثافة في المغرب، ويظل عشرة أيام، ثم يتم تنظيفه، ثم يصبغ بمواد طبيعية تماما، ثم يتم تحويله إلى منتجات مثل الحقائب والأحذية والإكسسوارات"

"وسيدات قرية سيدي رحال وغيرها من القرى القريبة يعملن معنا بشكل دائم ومستمر في هذه العملية وتحصل الواحدة منهن على حوالي ألفي درهم أي ما يعادل مئتي دولار إذا تجاوزت أيام عملها عشرة أيام".

‪أعجبت الأميرة ميغان بمنتجات المشروع كثيرا‬ (الجزيرة)
‪أعجبت الأميرة ميغان بمنتجات المشروع كثيرا‬ (الجزيرة)

الأميرة ميغان
حصلت نوال علي فرصة عرض لمشروعها أمام الأمير البريطاني هاري وزوجته الأميرة ميغان خلال زيارتهما الأخيرة للمغرب نهاية فبراير/شباط الماضي حيث كان مشروعها "سي سكن" ضمن عشرة مشروعات اختارتها السفارة البريطانية بالرباط لتمثل المشروعات الشبابية الصغيرة للشباب المغربي.

وتقول "عرضت فكرة المشروع أمام الأمير والأميرة، واستفسرا عن كيفية التصنيع، واهتمت ميغان بالحصول على أرقام هواتفنا لأنها أعجبت بالمنتجات جدا، وبالمناسبة نحن نسوق داخل السوق المغربي وخارجه معتمدين على أن منتجاتنا طبيعية 100% ولا نستخدم بها أي مواد كيميائية أو صناعية".

المصدر : الجزيرة